كلنا نتذكر ذلك اليوم 24/06/2012  الذي  فاز فيه محمد مرسي على غريمه محمد شفيق بنتيجة 51.7 مقابل 48.3، نتيجة كانت كافية لكي يظفر مرسي  بكرسي الرئاسة ووصول الإخوان المسلمين  لحكم مصر  بعد جهد جهيد وصبر مديد  ناهز ثمانية عقود اتسمت بالمعاناة و الإقصاء والوعيد من طرف أنظمة توالت على حكم مصر وكان آخرها نظام مبارك الذي كان بارعا في تقليم أظافر الإسلاميين  ومسك العصا من الوسط حسب ما تتطلبه الظرفية لإرضاء الأمريكان من جهة ومن جهة أخرى لضمان رضا بني وهاب، مسك العصا من الوسط كان يضمن لمبارك مساعدات أمريكية معتبرة وعمولات سعودية  كانت تضخ في شرايين الاقتصاد المصري لإنعاشه والوقوف على رجليه.....

 

في ذلك اليوم فاز محمد مرسي بفضل كتلة  انتخابية واسعة لها إيديولوجيتها و معتقدها الممزوج بتوابل الوهابية ومرجعيات السلف الصالح  هذه الكتلة الانتخابية هي التي أوصلت ممثل الإخوان محمد مرسي إلى سدة الحكم ، في المقابل ارتأت جهة أصفها هنا بالمتعقلة والرزينة بمنح صوتها للفريق محمد شفيق كمرشح معتدل نزيه  حداثي ليبرالي،  فيما قاطعت الانتخابات شريحة واسعة ساهمت بشكل كبير في صنع الحدث ألا وهو فوز مرسي بكرسي الرئاسة، و المقاطعة خطأ قاتل و ليس بالموقف الوطني والدليل أن جزء كبير ممن قاطعوا الانتخابات الرئاسية التي فاز بها الإخوان  و على رأسهم نخب مثقفة أبدوا ندما كبيرا عن عدم دعم ومؤازرة الفريق شفيق في الانتخابات الرئاسية كما يجدر بنا أن نشير أن آلافا ممن كانوا يتعاطفون سابقا مع الإخوان قد ندموا على منح أصواتهم لمرسي ....و قد خرجوا  مع المتظاهرين رافعين شعارات مكتوبة و مسموعة عنوانها " ارحــــــــــــل ".

 

كان من الممكن أن يبقى مرسي  رئيسا لمصر وعدم  لجوء الجيش إلى العزل لو تفرغ هذا الأخير للتمنية و تأهيل قطاعات السياحة و الفلاحة و الصناعة و الخدمات و جلب الاستثمارات عوض الوعيد و التهديد  و التلويح بالعصا الغليظة في وجه معارضيه ....وكان من الممكن كذالك أن ينصت لمنتقديه بل أن يشركهم في صنع القرار بدل الاستفراد و الاستعلاء و المضي في أخونة الحياة العامة .....

 

فهل كان قرار الجيش بعزل مرسي قرارا سليما وصائبا؟؟ أم تراه كان قرارا خاطئا ؟؟. يرى البعض أن عزل الرئيس المنتخب  انتهاك سافر  للشرعية واغتيال  للديمقراطية في واضحة النهار، تلك الديمقراطية  التي أوصلت الإسلاميين للحكم عبر صناديق زجاجية شفافة، وأن عزل مرسي سيدخل مصر في دوامة مجهولة العواقب من العنف والعنف المضاد و أنه كان علينا التريث والصبر  حتى تكتمل ولايته و بعدها يمكننا مسائلته ومحاسبته ....ألم تتدنى شعبية جورج بوش الابن بثلثي الأصوات ؟؟رغم ذلك فقد أكمل الرئيس الأمريكي  فترته الرئاسية دون عزل أو ضغوطات تذكر  ....

 

في حين  يرى البعض أن قرار الجيش المصري كان قرار استباقيا و تاريخيا اتسم بالحكمة والعقلانية  وبعد الرؤيا  لأنه لو تم ترك مرسي رئيسا حتى نهاية ولايته فان اقتصاد مصر سيصاب بالخراب و ستزداد معدلات الفقر و طوابير المعطلين و ستتردى الخدمات الصحية والتعليمية وسوف يكابد  المصري البسيط في الحصول على لقمة عيشه، و ستنشط مفاقس الإرهاب بشكل غير مسبوق بدعم  من السعودية  ورعاية مرسي ...فكان قرار الجيش قرارا سليما و صحيحا شريطة احتواء الفوضى و الاصطدامات التي من المنظر أن يشهدها الشارع المصري عقب هذا القرار، فان أمكن للجيش بتعاون مع  الشرطة السيطرة على الوضع فانه بالإمكان العبور بالبلاد إلى بر الأمان  وبالتالي تفادي كابوس مروع كان سيضع مصر على شفا الانهيار ....