الأقباط متحدون - هل الإسلام السياسي محور هام في مخطط العولمة الأمريكية
أخر تحديث ٠٢:٠٨ | الأحد ٧ يوليو ٢٠١٣ | ٣٠ بؤونة ١٧٢٩ ش | العدد ٣١٨٠ السنة الثامنة
إغلاق تصغير

هل الإسلام السياسي محور هام في مخطط العولمة الأمريكية


بقلم شريف منصور 

عندما نحلل رد الفعل الأمريكي لثورة الشعب المصري لاستعادة الديموقراطية التي بدأت يوم 30 يونيو 2013 تجد نفسك أمام مشهد لا يمكن غض النظر عنه. 
البعض يقول أن الأمريكان لديهم مخطط لهدم الدول العربية المحيطة بإسرائيل لضمان حمايتها أمنيا. و البعض يقول أن المخطط الأمريكي في دول الربيع العربي هو خلق رئاسة للمسلين تستطيع أن تتحكم في الشعب المسلم في جميع أنحاء العالم و أنني أميل لهذا الفكر السياسي لأنه ألأرجح من وجه نظري. 
 
لأن العقيدة الإسلامية لا يوجد لها عاصمة حاكمة او كهانه كما يحلو للمتأسلمين استخدام هذا اللفظ، أي بمعني لا رئاسة للمسلمين، فقرر صانعي السياسة الأمريكية العالمية أن يخلقوا رئاسة لهذا الشعب الذي بلا رئاسة. 
 
البداية بدات من داخل أمريكا بانتخاب رئيس أمريكي من أصول إسلامية يلقي خطاب موجه للأمة الإسلامية من قلب مصر اكبر دولة إسلامية مؤثرة لأنها مصدر الإشعاع الإسلامي بريادة الأزهر الشريف. 
 
ولولا أن صديقهم محمد حسني مبارك المنقلبين عليه فيما بعد الفرصة لما استطاع باراك حسين اوباما أن يلقي بهذا الخطاب من القاهرة. 
 
اقتنص  صانعي السياسة الأمريكية الفرصة العظيمة التي أتيحت لهم بوجود رئيس اسمر من أصول إسلامية لبداية تنفيذ خلق  رئاسة سياسية للأمة الإسلامية . يطلق عليها المتأسلمين دولة الخلافة. وان كانت التسمية العربية دولة الخلافة لا تعني كثيرا صانعي السياسة الأمريكيين، ألا أنهم غفلوا شيء هام جدا في الفارق بين تكوين زعامة لما اسماه باراك حسين اوباما الأمة الإسلامية في خطابة و بين تسمية دولة الخلافة التي يرمي إليها المتأسلمين. الفكرة في ظاهرة واحدة ولكن في بطنها تختلف بدرجة اختلاف 180 درجة. 
 
لماذا اختار باراك حسين اوباما القاهرة و لم يختار اسطنبول، أليس كان من الأفضل أن يختار دولة حليفة مثل تركيا عضو في حزب الناتو علي ان يختار دولة اخري. 
الاختيار جاء تمهيدا لتسليم مصر قلب العالم الإسلامي لجماعة الأخوان المسلمين المصرية زعيمة كل الجماعات المتطرفة بل هي الام . هذه الجماعة الأكثر تنظيما و انتشارا في جميع أنحاء العالم. وهاهي عندما يحين الوقت تأتي مدعومة سياسيا و ماديا و إعلاميا.
و جاءت الفرصة الذهبية عندما ثار الشباب المصري ضد حسني مبارك فلم تلبث الساعات الأولي من ثورة الشباب تتبلور قفز الأمريكان باقصي سرعة علي هذه الثورة ووجدا أن الفرصة أتت أليهم علي طبق من ذهب في وقت لم يتصوره. وصادف ان شباب مصر لم يعودا قادرين علي العيش المرير في مصر بسبب ألازمة الاقتصادية الخانقة التي تمر بها مصر علي اثر ألازمة الاقتصادية العالمية المفتعلة التي تسببت فيها انهيار اقتصاديات أمريكا. و التي ستكون محل تحليل و تنقيب لعقود طويلة ستكشف عن وجه الرأسمالية القبيح . 
 
وعلي الرغم أن الأمريكان و تمهيدهم المستمر عبر عملائهم في مصر من أمثال الدكتور سعد الدين إبراهيم الذي ساندته أموال أمير قطر السابق و الدعاية السلبية عن طريق قناة الجزيرة إلا أنهم وجدوا أن الشباب المصري المتحمس فلح في فتح الباب أسرع مما كان يتخيل احد منهم. 
 
فقامت هيلاري كلينتون بزيارة خاطفة لمصر وحتى في ظل عدم استقرارها أمنيا و ذهبت إلي ميدان التحرير. وهي تعرف تماما أن من ينقض علي الثوار ليس محمد حسني مبارك بل شركائها. وقالت أنها لم تجد غير جماعة الأخوان المسلمين قادرة علي احتواء الوعاء السياسي في مصر بعد أن قام الشباب  بهدم الدولة المصرية بسرعة لم تكن متوقعة. 
فلنسال أنفسنا سؤال من باب التحليل للموقف ، هل خروج قيادات الأخوان من السجون بمثل هذه الحرفية الشيطانية محض صدفة ! وهل الأمريكان لم يعرفوا بماذا يدور و من فتح لهم أبواب السجون ؟ 
 
الخلاصة أن السياسات الأمريكية و مباركتها  لخلق زعامة للأمة الإسلامية تهدف إلي خلق زعامة تستطيع أن تتفاوض معها فيما يخدم مصالحها العالمية لفرض ما يسمي العولمة.  
 
و السؤال الذي يطرح نفسه و بكل جدارة ، أين السياسيين الأمريكان مما يدور في مصر ألان ؟
 
بدون شك أن الشباب المصري وروح مصر الأصيلة فلحت في تعطيل فكرة خلق زعامة للأمة الإسلامية تكون خاضعة للسياسيين الأمريكان. 
 
أؤكد لكم أنها مجرد معطل ولكن لم تقضي علي الفكرة نهائيا. و الظاهر هو إصرار أمريكا في دعم أداتهم الأخوان المسلمين في صورة أنهم يدعمون الشرعية الديموقراطية.   و كنت أظن أن ما جاء من تكرار لكلمة الشرعية في خطاب محمد مرسي كان محض صدفة من رئيس فاشل يتمسك بشيء من قشور الديموقراطية في ظل فشله ديموقراطيا فشل مفضوح و غير عادي وغير مسبوق في تاريخ مصر و في تاريخ أي دولة ديموقراطية. 
 
ولكن أتضح لي أن من كتب خطاب محمد مرسي تلقن خطوطه الرئيسية التي سيتغنى بها صانعي السياسة الأمريكان والميديا الليبرالية فيما بعد عندما يسقط محمد مرسي. لان الأمريكان كانوا تأكدوا في هذه اللحظة أنه ساقط ساقط لا محالة.  
هل هو مجرد صدفة ما تكرره الميديا الغربية. عندما يذكر أن الجيش قام بانقلاب علي الشرعية ؟ و ينسوا أن هناك أكثر من 22 مليون شخص وقعوا علي مطالب حركة تمرد لاستعادة الديموقراطية. وهذا في حد ذاته أكثر من العدد الذي انتخب محمد مرسي . 
بدون الخوض في تفاصيل الإحداث التي أدت إلي حالة الغليان ضد محمد مرسي وحكم الأخوان. و التي نلخصها في أن محمد مرسي كان دمية في يد جماعة الأخوان المسلمين الذين قاموا بإقصاء كل فصائل الشعب المصري من غير المـتأسلمين. بل تعدوا بالقول و الفعل علي كل رموز الدولة المدينة. و أهانوا كل مؤسسات الدولة السيادية إهانات فاقت الوصف و قاموا بتفصيل دستور معيب وزوروا إرادة الشعب ولعبوا ورقة الطائفية ضد كل من اعترض عليه. هذا غير جرائم تصفية المعارضين تصفية جسدية و معنوية و بث روح التفرقة و الفتنة الطائفية بين أبناء الوطن الواحد. 
من الواضح أن السياسة الأمريكية لا يهمها أطلاقا الأدوات ( شعوب جماعات دين) التي تستخدمها للوصول إلي هدفها. فهدف السياسة الأمريكية هو خلق زعامة واحدة للأمة الإسلامية لكي يسهل عليهم التحكم فيها. حتى يضمنوا حليف قوي في حرب العولمة الاقتصادية التي هي هدفهم الأول و الأخير. 
سواء هذا سيتحقق بواسطة الأخوان المسلمين أو غيرهم، فهنا علينا أن نفهم السياسة الأمريكية و ما ترمي إليه. 
أمريكا تهتم بمصالحها وهذا شيء طبيعي و مفهوم. فعلينا أن نختار أن نتعامل بحكمة و نعاون أمريكا علي تحقيق مصالحها و نكون مفيدين و مستفيدين. أو نقف أمام هذا المارد السياسي نجرحه لأننا اقتلعنا احد أدواته قبل الميعاد لان أمريكا حتما كانت ستقتلع الأخوان كما قلعت كل أعوانها و نتركه يبحث عن بديل أخر. أو نكون نحن هذا البديل العاقل.  
أفضل أن نكون نحن هذا البديل و نفهم سياسة الغرب لكي نفيده و نتحاشى تقلبات هذا المارد وتستفيد مصر. وهذه هي السياسة ولعبة السياسة يا سادة.

More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter