الأقباط متحدون - يمين الرب صنعت قوة
أخر تحديث ١٤:٤٧ | الخميس ١١ يوليو ٢٠١٣ | ٤ أبيب ١٧٢٩ ش | العدد ٣١٨٤ السنة الثامنة
إغلاق تصغير

يمين الرب صنعت قوة


بقلم: سمير حبشي
يا إخوتى كثيرا ما يمسِك الموت بعُنق أفراح الإنسان ، ليس بموته أو بموت ذويه أو أقاربه ولكن بإغتيال حقوقه .. هنا يتحرك الحزن الأزرق ويغطى حتى على لون البحار ، ويشعر الإنسان بكم هائل من الزجاج المكسور يتناثر داخل روحه ، ويزيد كلما جثم الظلم ليغطى ساعات يومه .. هكذا عاش شعب مصر سنة كاملة ، يخنق أنفاسه كابوسا ، ظن الجميع أنه نهاية مطاف الشعب ، وإغتيال حقيقى لثورة خمسة وعشرين يناير.
 
ذهبت إلى فراشى  متأخرا ليلة الأربعاء ، بعد أن رأيت ملايين شعب مصر ، خرجت بعد أن فاض حجم الألم عن كل أرصدة الصبر .. لتكتب للتاريخ ملحمة قَدرها ، وإعادة أملها فى مستقبلها ، من بين أيادى خفافيش الظلام ، الذين حاولوا دخول المسابقة التقليدية فى لعبة البقاء على القمة .. كنت أتقلب فى فراشى ويداهمنى إحساس مخيف بالترقب والخوف على مصر وأبنائها ، إحساسا يدور فى القلب كدوامة يسحب الهواء من الرئتين حتى يصاب الإنسان أحيانا بالعجز عن التنفس مهما كانت النوافذ مفتوحة ومهما كان محاطا بالبشر .. فمصر هى الصرخة المكبوتة فى قلبى .. 
 
أنقذنى من هذا الترقب المخيف صباح الخميس مكالمة تليفونية من أخ عزيز وبدأ حديثة بصرخة فى أذنى :  أستاذ سمير "يمين الرب صنعت قوة " لقد سقط مرسى ، كان صوت " المهندس سامى سدراك  " شعرت بأن يد الله تمتد إلى بطن ظلام الغروب ، لتخرج من رحمه القمر فى سماء مصر . وأن شعب مصر آن له أن يصطاد أحلامه من بحور الأحاسيس ،  ويغسل القلوب من الحزن .. شعرت فعلا أن شباب مصر هم المِناء ، الذى يتزود به الإنسان بشجاعة الحياة ويعوضه عن كل خسارة ، وجريت لأشاهد على التلفاذ  أمل مصر فى الشباب .. وشباب ألأمل  ..وشعرت بأمجاد مصر الوطن ،  ووطن الأمجاد  ..شاهدت بالهمم تسعى على طريق الصواب .. والرجال والسواعد يتخطون الصعاب   ..ووجدت نفسى أتمتم بباقى كلمات الله "يمين الرب صنعت قوة، يمين الرب رفعتني . يمين الرب صنعت قوة ، فلن أموت بعد بل أحيا. " (مز 118: 15- 17) ، وأخذت أرددها على مسامع كل من يتصل بى ..  
 
جلست أراقب وقد هدمت الفرحة جسور الدموع فى عينى ، فلم أسطع التحكم فيها .. ودارت بى بنوراما الحقيقة ، وعرفت أن الأرض التى باركها المسيح بأقدامه ، لا يستطيع أى طاغى أو ظالم العيش على ترابها طويلا .. رأيت أمامى قداسة البابا المتنيح شودة الثالث ، ودموعه على أبنائه الذين قتلوا بيد الإرهاب الإسلامى .. وسمعت صوته فى ثلاثيته الخالدة " ربنا موجود – وكله يصنع للخير – ونسيرها تنتهى " ووجدت نفسى أخاطبه وكأنه أمامى : روحك معنا يا سيدنا !! ، أين الآن من تسابقوا فى إهانتك ؟؟ !!! .. كان بالنسبة لى صباح من العبث الكامل التمكن فى وصفه ، كفرح الطفل الصغير الذى يمتد بإتساع السماء لحظة أن تُكلل السعادة خطواته الأولى  .. كان هو صباح النبض المبهج ، الذى ينبض فى عيون الصغار والكبار .. وامتزجت دموع الفرح بابتسامات السعادة والنجاح .. وشعرت كيف تطفىء دموع الحزن بريق العين أما دموع الفرح فتزيدها بريقها ؟؟ .
 
ولكن يا إخوتى – وآه من لكن هذه فى حياتنا .. فهل لنا أن نفرح الفرحة الكاملة ؟ !! ، وأقصد نحن الأقباط  .. فهل سيعطينى المستقبل أمانا يكسر جدار الخوف ، من قاض يعطى البراءة الكاملة لمن يقتل أهلى وإخوتى ، كما حدث فى الكشح ؟ ..  هل سيُفعّل القانون ويأخذ مكانه ، كما فى كل الدول المتحضرة ضد من يحرق كنيستى ؟ ، أم سيقفون شهودا على الأحداث فقط ، ولا يصيب الجانى شئ لتشجيعه لحرق أخرى ؟ !!! .. هل سيقف القانون رادعا أمام التهجير القصرى ، الذى يحدث لأهلى أقباط مصر ؟ ،  أم سيقوم الأمن بتهجيرهم  بحجة الحفاظ على حياتهم ، ويفقدون أراضيهم ومساكنهم وأموالهم ؟ .. هل سينسى فلول الإخوان لأقباط مصر ، خروجهم مع إخوتهم المسلمين للإطاحة بتمثال الجهل والغطرسة والظلم المسمى بمحمد مرسى العياط ، وهم أهل الإنتقام والحقد والكراهية ؟ .. أم سينضمون للفصيل السلفى ، ويعودون سويا كشيطان يريد غلق نافذة الهواء النقى ، والرئة التى يتنفس من خلالها الشعوم الحرية ، وأعنى العلمانية ، والعودة للتخلف والهمجية والإسلام هو الحل .. 
 
قال لى أحد المتفائلين : لقد ذهب الإخوان بلا رجعة فما قام به الجيش قد أنهى عليهم .. وكان ردى : هل واجه الإخوان فى أى زمان ما واجهوه من عبد الناصر ، حيث علقت رؤوس زعمائهم فى المشانق وأصبح كل صاحب لحية يخاف أن يرى الشارع قبل أن يزيلها .. فهل إنتهوا أم ظهروا أكثر وأقوى ؟ !! .. 
يا إخوتى أنا مؤمن تماما بأن مصر هى فجر الضمير فى العالم .. ومرة أخرى ، ولكن هل ستستريح نفس القبطى من الآلام ؟؟ !! . وهل سيستريح يوما من آهاته ؟؟ !! . أم سيظل جرحه دامى ؟؟ !! . فى عيونى سؤال قد حار سائله ، فانا مهاجر من ارض المحن ، تركت خلفي قلبي العاشق بحب الوطن ، وحملت إشتياقى إلى بلدى كإحتياج الرضيع إلى  اللبن .. فلا تلومونى .

More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter