الأقباط متحدون - النبي المُنتظر
أخر تحديث ٠٩:٤٠ | الاثنين ١٥ يوليو ٢٠١٣ | ٨ أبيب ١٧٢٩ ش | العدد ٣١٨٨ السنة الثامنة
إغلاق تصغير

شريط الأخبار

النبي المُنتظر


بقلم: ليديا يؤانس
بعض المسيحيين مِنْ مُنطلق الغيرة على يسوع المسيح، يرفضون أن تُطلق كلمة نبي أو رسول عليه ويعتبرونها تقليلاً مِنْ شأنه!  أما غير المسيحيين فيعترفون بيسوع المسيح على أنه رجلاً مُقتدراً في القول والفعل وأيضاً نبياً ورسولاً ولكن ليس إلهاً!
 
كلمة تنبأ تعني النُطق بنِبوة.  
النبي هو الشخص الذي يُعطيه الله إعلانات إلهيه فيتكلم عن طريق الوحي الإلهي أى يوحي إليه مِنْ الله أى بروح الله أى بالروح القدس للتنبؤ بالإحداث المُستقبلية.  
النبوات هي إعلان للوحي الإلهي وبالتالي هي كلمة الله المُوحي بها بالروح القدس.  
الله يستخدم أنبياؤه ويوجههم لما يريده ولكنه لم ينتهِكْ أساليبهم أو شخصياتهم.
 
هل يسوع المسيح نبياً ويتنبأ؟
المسيح هو الله،   وابن الله الظاهر في الجسد،  وكلمة الله،  والديان،  وأيضاً نبي ورسول.
المسيح تنبأ في العهد القديم بروحه القدوس وألهم الأنبياء ليتكلموا عن مجيئه الأول في كتب النبوات (من أشعياء إلى ملاخي). أما في العهد الجديد فيُعتبر سفر الرؤيا هو الكتاب الذى تنبأ عن المجئ الثاني للمسيح وتنبأ أيضاً عن آخر الأيام.
 
المسيح في فترة تواجده على الأرض تنبأ عن مُعاناته وصلبه وموته ودفنه وقيامته  (راجع  متى 16: 21-23 ؛  17: 22-23 ؛20: 17-19 ؛ مرقس 8: 31-33 ؛ 9: 30-32 ؛ 10: 32-34 ؛ لوقا 22:9 ؛ 43-45 ؛ 18: 31-34 ؛ يوحنا 12: 20-36).
أيضاً تنبأ عن خراب أورشليم ودمار الهيكل ونهاية الأيام (متى 24: 1-35 ؛ مرقس 13: 1-31 ؛ لوقا 21: 5-33).
أيضاً تنبأ عن إنكار بطرس (متى 26: 13-35 ؛ مرقس 14: 27-31 ؛ لوقا 22: 31-38 ؛ يوحنا 13: 36-38).  وتنبأ أيضاً عن خيانة يهوذا الأسخريوطي.
 
المسيح أيضاً رسول فنجده يقول "كما أرسلني الآب أرسلكم أنا" (يوحنا 21:20) & ".. الآب الذي أرسلني" (يوحنا 16:8) . 
كلمة "كلمة الله"  تُشير إلى يسوع المسيح، "والكلمة صار جسداً وحل بيننا ورأينا مجده" (يوحنا 14:1).  ولذا في الكتاب المقدس نكتشف أن كلمة الله موحي بها في يسوع المسيح. 
 
يشتد الجَدل والنقاش بين المسيحيين وبعضهم البعض، و أيضاً الجَدل بين المسيحيين وغير المسيحيين عن ما تكلم به الوحي الإلهي على لسان موسى النبي في خطبته الوداعية قبل أن يموت،  وهو الوعد بمجئ نبي مِنْ بعد موسى.
 
تقول الآيات "يُقيم لك الرب إلهك نبياً مِنْ وسطك مِنْ إخوتك مِثلي له تسمعون" (تثنية 18: 15).  ثم كرر الوحي الإلهي مرة أخرى مِنْ نفس الإصحاح عدد 18 قائلاً "أقيم لهم نبياً مِنْ وسط إخوتهم مِثلك وأجعل كلامي في فمه فيُكلمهم بكل ما أوصيه به."
هذه الآية كانت نُبوة عن مجئ السيد المسيح ولذلك تم إقتباسها مرتين في العهد الجديد.
إقتبسها القديس بطرس في عظته في الهيكل عندما تكلم عن المسيح فقال "فإن موسى قال للآباء أن نبياً مثلي سيُقيم لكُم الرب إلهُكُم من إخوتكم له تسمعون في كل ما يُكلِمكُم به.   ويكون أن كل نفس لا تسمع لذلك النبي تُباد مِنْ الشعب" (أعمال 3: 22-23).
وإقتبسها أيضاً إستفانوس في خطبته قبل رجمه فقال "هذا هو موسى الذي قال لبني إسرائيل نبياً مثلي سيقيم لكم الرب إلهكم من إخوتكم له تسمعون" (أعمال 37:7). 
 
بعد موسى النبي جاء أنبياء كثيرون  وتقريباً مُعظمهم يهود، ولكن الآية لم تقلْ أقيم لهم أنبياء بل قالت " أقيم لهُم نبياً مِنْ وسط إخوتهم مِثلك."  أى أن الآية تتكلم عن نبياً واحداً يأتي بعد موسى ويكون مِنْ إخوتهم أى اليهود.
 
بعض مِنْ الإخوه المُسلمين يُفسِرون هذة الآية على أنها تتكلم عن مُحمد نبي الإسلام.  ولكن هل مُحمد كان يهودياً؟ وكيف يعتَدون بآيات الإنجيل إذا كان مِنْ وجهة نظرهم أن الأنجيل مُحرف؟  ولماذا هذة الآية صحيحة وباقي الآيات مشكوك في صِحتها؟  وإذا كانت هذة الآية تتنبأ عن مجئ نبي بعد موسي فلماذا تتجاهل "النبي عيسي ابن مريم" كما يُطلقون عليه وتأخذ النبي الذي يأتي مِنْ بعده أى مُحمد نبي الإسلام؟ 
 
الآية تقول "نبياً مثلي" أى مثل موسى يهودياً بالإضافة إلى وجود بعض المُتشابهات بين هذا النبي وموسي.  وإن كان المسيح رب الأرباب ورب الأنبياء كُلهم إلا أن وجه الشبه بينهما كما يقول القديس أغسطينوس "إنهُ يُشبِه موسى مِنْ جهة الجسد وليس مِنْ جهة سِمو العظمة.  لذلك دُعيّ الرب يسوع النبي."  راجع "St. Augustine: On the Gospel of St. John, tract. 15:23".
 
أوجه التشابُه بين موسى النبي ويسوع المسيح:
تحدث موسى النبي مع الله فماً لفم فيقول الرب "...إن كان مِنكُم نبي للرب فبالرؤيا أستعلِنْ لهُ في الحلم أُكلِمهُ.  وأما عبدي موسي فليس هكذا...  فماً إلى فم وعياناً أتكلم معه لا بالإلغاز وشبه الرب يعاين..." (عدد 12: 6-8)، أما المسيح فهو الإبن المُتجسِد الذى نزل إلينا ليُخبرنا عن الآب (يوحنا 18:1؛ 13:3)،   الذي كان دائماً يُكلم الآب.  هل كان الله يتكلم مع النبي محمد فماً لفم؟
 
موسى النبي صنع آيات وعجائب بإسم الرب الإله،  أما يسوع المسيح فصنع الآيات والعجائب بقوة ذاته، حتى أن يوحنا يقول "وأشياء أخر كثيرة صنعها يسوع إن كتبت واحدة واحدة فلست أظن أن العالم نفسه يسع الكتب المكتوبة" (25:21).  هل النبي مُحمد صنع معجزات وآيات وعجائب؟
 
كان موسى النبي وسيطاً بين الله وشعبه (راجع تثنية 5:5)، أما يسوع المسيح فهو الوسيط والشفيع لنا عند الآب الذي هو واحد مع الآب في ذات الجوهر وصالحنا مع الآب بتقديم نفسه لأجل الجميع (راجع 1 تيموثاوس 2: 6-7)،  ولكن شتان ما بين الوساطتين كالفرق بين الأرض والسماء.  هل النبي مُحمد كان وسيطاً بين الله وشعبه؟  في صورة مُحمد أية 19 جاء الأمر الإلهي للنبي بطلب المغفرة له ولشعبه فتقول الآية "فأعلم انه لا إله إلا الله إستغفر لذنبك وللمؤمنين والمؤمنات والله يعلم مُتقلبَكُم ومَثَوَيكُم."
 
نستكمل الآية 18 من سفر التثنية والتى تقول "وأجعل كلامي في فمه فيُكلمكُم بكل ما أوصيه به."   
عند دعوة الله لموسى لقيادة شعب بني إسرائيل قال له "فالآن هلُمَ فأرسلك إلى فرعون وتُخرج شعبي إسرائيل مِنْ مصر" (خروج 10:3).   رد موسى قائلاً: من أنا حتى أذهب لفرعون.  وحاول أن يتهرب مِنْ المُهُمة التى أسندها لهُ الرب  وقال: لستُ أنا صاحب كلام...  بل أنا ثقيل الفم واللسان.   رد عليه الرب قائلاً  "فالآن إذهب وأنا أكون مع فمك وأُُعلِمك ما تتكلم به" (خروج 12:4).   وبالرغم مِنْ الوعود التى أعطاها الرب لموسى إستمر في مُحاولة الهروب مِنْ المُهمة فحمي غضب الرب عليه وقال له:  أليس هرون أخاك،  أنا أعلم أنهُ يتكلم....  فتُكلِمهُ أنت وتضع كلماتك في فمه وأنا (أى الرب) أكون مع فمك ومع فمه وأعلمكُما ماذا تصنعان.
نخلص من ذلك أن الله لم يقُلْ لموسى وتكون كلمتي في فمك  ولكن قال أكون مع فمك ومع فمه وأعلمكُما، وهناك فرق كبير بين أن تكون كلمة الله في الفم بشكل دائم وأن يكون الله مع الفم يوجه ويُعلم ويقول في الوقت الذى يُريد ولا يقول في أوقات أخرى.
 
وهذا ما حدث مع كل الإنبياء فيما عدا يسوع المسيح لأنه هو الله وكلمة الله ذاتها.  الله يعُطي للنبي أن يتكلم بما يُعطيه له وبسماح من الله وفي الوقت الذى يُريده الله ولتحقيق عمل مُعين بذاته،  فالنبى لا يتنبأ طول الوقت بدليل أننا نقرأ "وحل روح الرب"  على النبي المَنوط بتنفيذ أوامر الله،   ومعنى ذلك أن كلمة الله ليست دائمة في فم أى نبي.   
ولكن واحداً فقط وهو يسوع المسيح كلمة الله الذى أرسله الآب للبشرية لأنه الله بذاته وروحه وكلمته.   هل قال الله للنبي مُحمد وتكون كلمتي في فمك أو حتى أكون مع فمك أو أنت كلمة الله؟  بالتأكيد لا!  لكن تقول سورة النساء آية 170 "إنما المسيح عيسى ابن مريم رسول الله وكلمته.."
 
إذن النبي الذى سيأتي بعد موسى ستكون كلمة الله في فمه وهذا لا ينطبق على أى نبي سوى يسوع المسيح الذي هو كلمة الله،  والذي لا يسمع لكلامه من الناس يُباد،  كما تقول الآية  "ويكون أن كل نفس لا تسمع لذلك النبي تُباد من الشعب" (أعمال 23:3).
 
معذرة أعزائي سواء أكنتم مما يرفضون تسمية المسيح بالنبي أو مما يقولون  أن هذة الآية تنطبق على نبي الإسلام،  أقول لكم أن يسوع المسيح هو النبي الذى تنطبق عليه الآية 18 من سفر التثنية ولا تنطبق على أى شخص آخر للأسباب التالية:
لأن يسوع المسيح يهودي، لأنه توجد بعض التشابهات بينه وبين موسى النبي، ولأنه هو الله وكلمه الله وكلمته في فمه هُوّ، ولأنه هُوّ الديان الذى سيُدين مَنْ لا يسمع لهُ.
هذه الآية إعلان صريح مِنْ الوحي الإلهي بأن أحدى ألقاب المسيح هو أنه نبي وإلا من يكون هذا النبي المقصود في هذة الآية؟  

More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع