الأقباط متحدون - السيسى لمنصب أتاتورك مصر!
أخر تحديث ٠٠:٥٣ | الاثنين ٢٢ يوليو ٢٠١٣ | ١٥ أبيب ١٧٢٩ ش | العدد ٣١٩٥ السنة الثامنة
إغلاق تصغير

السيسى لمنصب أتاتورك مصر!

بقلم منير بشاى
عندما قام ثلاثة وثلاثين مليونا من المصريين بالتظاهر فى 30 يونيو 2013 مطالبين اسقاط حكومة الاخوان كان هذا ثورة شعبية بكل المقاييس.  وبناء على أبسط قواعد الديمقراطية كان خروج هذا العدد الكبير من الشعب فى أكبر مظاهرة عرفها التاريخ ضد النظام الحاكم كافيا ان يسحب الثقة من الحكومة ويجبرها على الرحيل من تلقاء ذاتها. ولكن ليس الأمر كذلك فى مصر، وبالذات مع الجماعة التى اعتلت الحكم مؤخرا والتى كان الكرسى هو غايتهم التى جاهدوا من أجلها على مدى أكثر من 80 عاما.  والآن وبعد وصولهم للهدف فهم لن يتطوعوا بالرحيل مهما كلفهم الأمر من تضحيات.
 
وعلى ذلك كان من الممكن ان تستمر تلك المظاهرات فى الشوارع والميادين الى يوم القيامة، والنتيجة ستكون تغافل وجودهم وصراخهم وكأنهم يصرخون فى مالطة.  هذا بالاضافة الى احتمال تسليط مليشياتهم المسلحة لتقتل من المتظاهرين من تقتل وتجرح من تجرح وتسحل من تسحل وتغتصب من النساء من تغتصب.  ولذلك فمن الناحية العملية لم تكن لدى المتظاهرين الآلية لتنفيذ مطالبهم ضد حكومة لا تفهم دورها ولا تعبأ برأى الشعب وكل ما يهمها هو استمرارها فى السلطة.  وكان الذى حسم هذه المواجهة لصالح الشعب المصرى هو جيش مصر العظيم وقائده البطل الشجاع.
 
قام الجيش بتنفيذ ارادة الشعب بعد اعطاء النظام اكثر من فرصة للاستجابة لمطالب الجماهير، وبذلك كان يتصرف كجيش مصر والمنفذ لارادتها كما يمليها عليه واجبه الوطنى.  وقد انهى الجيش مهمته واسلم الحكم الى المدنيين وبذلك اثبت انه ليست له أطماع فى الحكم وهذا فى ذاته ينفى ادعاء ان ما حدث كان انقلابا عسكريا ضد ما اسموه السلطة الشرعية التى جاءت عن طريق الانتخابات الحرة.  فنحن نعرف كيف كانت تلك الانتخابات، هذا بالاضافة الى الوعود الانتخابية الكثيرة التى حنثوا بجميعها.  فمن هنا المنطلق كان الشعب المصرى محقا فى الاصرار على ازاحتهم من الحكم بعد ان تبين كذبهم وخداعهم وبعد ان قادوا البلاد الى حافة الافلاس.
 
لا يخفى ان المجهودات والتضحيات التى قدمها الشعب فى اعتصامات 30 يونيو، والتى تكللت بالنجاح،، ليست بقليلة وينبغى ان لا تضيع هدرا.  ومن هنا يجب الحرص على ان لا تعود الأمور الى ما كانت عليه قبلا فلا ترتكب نفس الأخطاء اتى ادت الى البعد بثورة 25 يناير 2011 عن مسارها، فالمؤمن لا يلدغ من نفس الجحر مرتين.
 
وصراحة يتردد اليوم على لسان العديد من الناس خوفهم على الثورة الوليدة ان يصيبها ما أصاب سابقتها لأن النتيجة ستكون نكسة اكبر وتراجعا أخطر وكبوة سوف يكون من الصعب ان لم يكن من المستحيل لمصر القيام بعدها.
 
نعلم ما حدث فى ثورة 25 يناير 2011 عندما رأى الشباب ثورتهم تسرق من بين أيديهم بواسطة جماعة الاخوان ليحولوها الى خدمة أجدندتهم التوسعية وتنظيمهم العالمى لتحقيق وهم الخلافة.  والآن وبعد 30 يونيو استلم الحكم رئيس مؤقت لا نشك فى وطنيته وكفاءته وهو أفضل بكثير ممن كان قبلا، ولكن مهمته تسيير الأعمال الى ان يتم تولى الرئيس المنتخب. ولا يتوقع أحد من الرئيس المؤقت ان يتصدى للقضايا التى تتطلب  قرارات جريئة وخطط جزرية.
ولذلك سمعنا عن اجراءات تهدف الى التهدئة مثل المصالحة الوطنية وهو تعبير له وقع جميل ولكنه لا يتمشى مع متطلبات الساعة التى يلزم معها استبعاد كل من تلطخت أيديهم بدماء المصريين وكانوا سبب نكستنا الخطيرة التى أدت للثورة.  من المفروض طبعا محاولة كسب الشباب البرىء فى هذه الجماعات ممن قد غرر بهم ولكن القيادات التى اجرمت فى حق الوطن يجب محاكمتها وعقابها.  كما سمعنا عن صياغة اعلان دستورى عبارة عن نقل حرفى لبعض بنود الدستور المعيب، الذى تسبب فى انقسام الأمة، والمطعون فى قانونية لجنته التأسيسية. 
 
الثورات تحتاج الى ثوار ذوى قلوب جريئة وأيدى ثابتة لا ترتعش.  ثوار يستطيعون ان يقفوا ضد التيار ولا يهتزوا بالعواصف.  وفى نفس الوقت يكون صالح الوطن هو همهم واهتمامهم. وشخصيا لا أرى على الساحة أفضل من الرجل الذى ازاح غمة الاخوان عن مصر، تماما كما طرد احمس الأول الهكسوس، ليقود البلاد ويصلح مسار هذا الوطن، وهو الفريق أول عبد الفتاح السيسى، وذلك بصفته المدنية، وبمساندة الجيش كحاميا وضامنا وليس حاكما، وبالاشتراك مع نخبة من شباب الثورة والاستعانة بأعلى الكفاءات كل فى مجال تخصصه. فالرجل الذى يفهم معنى الضبط والربط سوف يقضى على الانفلات الأمنى ويعيد لمصر أمنها وأمانها الذى هو عنصر هام لعودة الاستثمار المحلى والاجنبى ورواج السياحة وازدهار الاقتصاد.
 
طبعا من المتوقع ان هذا سيزعج الغرب الذين سيظنون ان مخاوفهم من قيام انقلاب عسكرى قد تحققت.  ولكن الانزعاج لن يستمر طويلا عندما يدركوا ان الحكومة الجديدة ستكون مدنية وان كان رئيسها من خلفية عسكرية وهذا لا يتناقض مع الديمقراطية وهو ليس بدعة فقد حدث مثلها فى أمريكا عندما كان الجنرال ايزنهاور رئيسها وفى فرنسا عندما كان الجنرال ديجول رئيسها.  والغضب الدولى سوف يهدأ بعد ان يعلموا ان النظام الجديد هدفه بناء مصر ولن يسعى لتهديد أحد، وسيحترم كل المواثيق الدولية والمعاهدات التى وقّعت عليها مصر.
 
أكاد أجزم ان غالبية الشعب المصرى يتمنون حدوث هذا، واذا دخل السيسى المعركة الانتخابية القادمة فسيكتسحها وبدون تزوير.  فالدور الآن عليكم يا سيادة الفريق ان تتوكل على الله وتقبل تكليف الشعب لتصبح لمصر ما كان أتاتورك لتركيا، ولكن بنكهة مصرية.
Mounir.bishay@sbcglobal.net

More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter