الأقباط متحدون - اجتثاث الفكر السلفي هو المعركة الحقيقية
أخر تحديث ١٧:٠٢ | الخميس ٢٥ يوليو ٢٠١٣ | ١٨ أبيب ١٧٢٩ ش | العدد ٣١٩٨ السنة الثامنة
إغلاق تصغير

اجتثاث الفكر السلفي هو المعركة الحقيقية

بقلم إسماعيل حسني
لا يجب أن تنسينا الفرحة الغامرة بسقوط الإخوان حقيقة أن الفكر السلفي الذي أنتج جماعة الإخوان وغيرها من التنظيمات الإرهابية لا يزال موجودا وقادرا على تفريخ المزيد من هذه العصابات بما يقوم به من تخريب عقول الشباب، ومحاربة قيم الحداثة وحقوق الإنسان.
 
والفكر السلفي هو فكر باحث عن السلطة، إذ يقوم بتحويل الدين من علاقة إختيارية شخصية تعبدية مقدسة بين الإنسان وربه إلى أيديولوجية تتدخل في تفاصيل توزيع السلطة والثروة في المجتمع وما إلى ذلك من سياسة واقتصاد وتجارة وصناعة وزراعة إلخ، من أجل استخدام الدين كأداة في التدخل في حياة الناس، والصراع على السلطة.
 
إنه فكر يقوم على استخدام الدين في إخضاع البشر لحكم البشر، فهو يجرد الإنسان من إنسانيته، وينزله منزلة الحيوان، فيُنكر حريته واستقلاله وتمايزه وحقه في الإختلاف والخطأ، ويسعى لتحويل أفراد المجتمع إلى قطيع متجانس في الأفكار والمشاعر والأهداف، ويتدخل في أدق تفاصيل حياتهم الشخصية من ملبس ومأكل وسلوك بحجة إتباع عادات وموروثات قديمة لم يكتب لها الله الخلود.
 
وهو صورة طبق الأصل من الفكر الكنسي الذي شوه المسيحية ليستطيع حكم أوروبا في عصور الظلام، والذي نقل عنه  المتأسلمون من إخوان وسلف كافة شعاراته البالية مثل الحاكمية، والمسيحية دين ودولة، ونظام الحكم في المسيحية، والإقتصاد المسيحي، والمعلوم من الدين بالضرورة، ولا اجتهاد مع النص، وباعوها للمسلمين على أنها من شرائع الدين الإسلامي، على الرغم من أن الإمامة ليست من أصول الدين الإسلامي، والصحابة لم يدَعوا وجود نظام سياسي أو اقتصادي في الإسلام بل اقتبسوا الأنظمة السياسية والإقتصادية من الفرس والروم، كما لم يترددوا حين تغيرت ظروف المجتمع في الإجتهاد في الكثير من النصوص القطعية، فأوقفوا تطبيق حد السرقة عام الرمادة، ونصيب المؤلفة قلوبهم في الصدقات ، وتوزيع أرض السواد وغيرها.
 
والعقيدة السلفية هي النقيض الكامل للعقيدة الأشعرية التي يلتزم بها الأزهر الشريف كأفضل تعبير عن الإطار العام والجامع للعقيدة الإسلامية. فالأشعرية تقوم على الإعتراف والقبول بتعدد الأحكام في المسألة الواحدة على المذاهب الخمسة، ومن ثم فهي ترسي في المجتمع قواعد التسامح والتعايش وقبول الآخر، بينما الوهابية تنكر المذاهب والتأويل وإعمال العقل والمجاز، وتأخذ بظاهر النص وبالقول الواحد، مما يغرق المجتمعات في مستنقع التكفير والصراع المذهبي والإرهاب.
 
ولن تكون معركتنا مع الفكر السلفي هينة أو يسيرة كما كانت مع الإخوان، فالإخوان ليسوا سوى عصبة من التجار وطالبي السلطة على غرار عصبة الحزب الوطني البائد، أما الجماعات السلفية فهي أكثر عقائدية، وتنظيما، والتزاما، وجمودا، وعبودية الأتباع فيها للمشايخ بالغة العمق والتعقيد، فضلا عن كمية الأموال التي في حوزة مشايخ هذا التيار، والتي تنهمر عليهم من أثرياء الوهابية في بلاد النفط، مما يجعل مقاومتهم لأي مشروع تحديثي أو نهضوي على درجة عالية من القوة والشراسة.
 
إن المعركة مع الفكر السلفي الذي عشش في عقول المصريين، مسلمين ومسيحيين، هي معركتنا الحقيقية، فهي التي ستحدد متى يمكن لنا أن ننطلق ونلحق بركب العصر الحديث، لهذا يجب أن تتضافر في هذه المعركة جهود الدولة بجميع مؤسساتها مع كافة منظمات المجتمع المدني حتى يمكن محاصرة هذا الفكر المتوحش، واجتثاثه. وهو ما سنتعرض له لاحقا بالتفصيل.

More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter