الأقباط متحدون - الله فى خطر
أخر تحديث ٠٩:٢٠ | الخميس ٢٥ يوليو ٢٠١٣ | ١٨ أبيب ١٧٢٩ ش | العدد ٣١٩٨ السنة الثامنة
إغلاق تصغير

الله فى خطر

صورة تعبيرية
صورة تعبيرية

بقلم: مدحت ناجى نجيب
فى ظل الانحرافات الفكرية والعقائدية والسياسية وانتشار الفوضى التى يعيشها المجتمع حالياً ، فإن ذلك يدفعنى إلى القول بأن " الله فى خطر " من ناحية مكانة الله فى قلوب كل البشر. ولقد عملت العولمة على إزالة الحواجز بين الدول وبعضها البعض وبذلك أصبح العالم قرية صغيرة ، لكن هذه العولمة أدت إلى وجود انحرفات فكرية وعقائدية وأصبحت جزءاً أساسيا من التربية والتى لا تتناسب مع قيمنا المسيحية، فأصبح الانترنت والتليفزيون هو وسيلة التربية الأولى بينما تأتى بعدها المدرسة والجامعة والعائلة والكنيسة، فالمنبر الآن لم يعد منبر الكنيسة ، لذلك فأن الأمر الآن يقع على القادة الكنسيين واللاهوتين فى مجابهة هذا التقدم العلمى والتكنولوجى والتحولات الفكرية والسياسية التى يعيشها مجتمعنا فى ظل أنظمة واعلام موجه ناحية هدم القيم الدينية المسيحية، وإقحام الدين فى السياسة ، وعن مدى وحدود دور الكنيسة فى الدولة ، وهل الكنيسة دولة داخل الدولة ، أم هى مؤسسة وطنية لخدمة المجتمع روحياً ونفسياً وجسدياً وهذا يتعلق بتوسيع الابحاث والدراسات في كنيستنا حول اللاهوت السياسى .

إن اللاهوت السياسى لا يهدف إلى أذابة الأيمان فى السياسة ، ولا تأليه السياسة ، فالمسيحية لا تقبل هذا الكلام ، لأن لاهوت المسيحية يتمركز فى " الصليب ، " فالصليب هو الأيقونة السياسية للكنيسة ".لهذا فاللاهوت السياسى ضد خصخصة الدين ووضعه فى قفص مغلق ليصبح شأناً شخصياً ، فالكتاب المقدس ملىء بالآيات التى تطلب من المؤمنين أبراز الحق والدفاع عنه من أجل كشف وخداع المتدينين والسياسين الذين يسعون لخدمة أغراضهم الشخصية ، لذلك فاللاهوت يهدف إلى كشف الحقائق للمؤمنين ، وأيضاً اللاهوت السياسى يسعى إلى مراقبة الأفكار السياسية التى تظهر فى المجتمع ومراجعة أفكارها .
إن التحدى الأقوى الذى يواجه الكنيسة الآن هو وسائل الاعلام ، والإنفتاح السياسى الذى تعيشه مجتمعاتنا الآن ، فوسائل الاعلام باتت تقدم افكاراً وايدلوجيات لا تتفق مع المبادىء المسيحية السليمة، وتعمل على إقصاء الكنيسة خارجاً . لذلك فأن واقع الكنيسة اليوم وواقع العولمة لا يسمح بالاختلاط أو الانفصال عن العالم ، وقد توصل اللاهوتى الكاثوليكى ميتز الذى ولد عام 1928 إلى عبارة غاية فى الدقة " إن كل خط سياسى واحد هو ديكتاتورية ، وكل موقف لاهوتى لوحده يعنى الأنعزالية " ، كما أكد بأن اللاهوت السياسى ليس تأملاً لاهوتياً حول السياسة ، بل لكى يؤكد على أهمية الايمان فى خلاص المجتمع ، لذلك فأن العمل فى اللاهوت السياسى ليس تشريعاً لنظرية أو للممارسة السياسة ولا هو تطبيق للاهوت فى السياسة بل انه يقبل وحدة محبة الله والقريب (1يو 20:4) ، لذلك يجب أن يكون عمل اللاهوت فى السياسة مستمراً لديمومة المعالجة والتقريب بين الدين والمجتمع بما فيه الممارسات السياسة والاجتماعية بشرط عدم تسييس الدين أو أقحامه بالسياسة لأجل السياسة ، فالغاية الأساسية من وراء ذلك التوحيد أو التقريب بين محبة الله ومحبة القريب فى ظل واجب كل فرد مسيحى كمواطن وكذلك واجب الكنيسة كمؤسسة .

ويجب القول بأن الهدف من اللاهوت السياسى هو غرس الايمان والأخلاق فى عقول السياسيين ، لكن الهدف إلى الوعى اللاهوتى بما يفعله السياسيون، لذلك يجب العمل على تحديد حقول وأوساط عمل اللاهوت السياسى ، فمن الخطأ أن يتم استخدام منبر الكنيسة لخدمة السياسة أو أى غرض أخر، أو المنبر السياسى لأغراض دينية ، فمنبر الكنيسة هدفه الجانب الروحى ، ومنبر السياسة هدفه الاهتمام بالحياة الكريمة للمواطن ، ومن مصلحة المؤمن أن يسمع إلى الأثنين لانه عضوا فى كليهما ، فالعلاقة بين الدين والسياسة علاقة طردية ، فكلما نما الفرد فى الايمان المسيحى كلما زاد ولائه لوطنه ، لهذه الأسباب يجب أن تلتقى السياسة مع الدين لخدمة المواطن خدمة روحية وخدمة جسدية لخدمة احتياجات الجسد معاً . فيقول الأب متى المسكين فى كتابه " الكنيسة والدولة " فى العلاقة بين الكنيسة وحرية المواطن المسيحى فى أن الكنيسة لا يجب أن تجمع بين السلطان الروحى والسلطان الزمنى ، لكن هذا لا ينطبق على المواطن المسيحى ، فيذكر أيضاً إلى أن ما يقع من تصرفات المواطن المسيحى فيما يختص بالأمور الزمنية لا يقع تحت سلطان الكنيسة ، بينما ما يقع من رجل الدين من تصرفات فى الامور الزمنية يقع تحت مسئولية الكنيسة والدولة تسأل عنها الكنيسة. (مراجع : المطران بولس يازرجى ، وردا اسحاق عيسى ، الأب متى المسكين )إلى هنا اعاننا الرب .


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع