الأقباط متحدون - البحث عن محمد علي
أخر تحديث ٠١:١٣ | السبت ٣ اغسطس ٢٠١٣ | ٢٧ أبيب ١٧٢٩ ش | العدد ٣٢٠٧ السنة الثامنة
إغلاق تصغير

البحث عن محمد علي

بقلم : مؤمن سلام
تخلصت مصر من حكم الإخوان وبدأ البحث عن من سيقود الأمة المصرية في المرحلة القادمة. ومع دخول الجيش على الخط والذي لولا تدخله لتنفيذ قرار الأمة المصرية برفد العياط من منصبة لخيانته وسوء أداءه لربما دخلت مصر في حرب أهلية، خاصة مع تنظيم لا يفهم معنى الديمقراطية فضلا عن أن يؤمن بها، فيستجيب لمطالب الملايين التى وقعت ونزلت إلى الشوارع تطالب برحيله، فيرحل طائعا مختارا. ولذلك كان لابد من تدخل الجيش لينفذ قرار الأمة بالقوة الجبرية حتى لا ندخل في معارك تدمر البلاد وتهلك الإنسان.

مع ظهور الجيش فى المشهد السياسي، بدأت فوبيا الحكم العسكري تجتاح قطاعات من الشباب وبعض المثقفين، وهى فوبيا لا تدرك الزمن الذي نعيش فيه ولا الوضع الدولي الذين لا يسمحان بوجود ديكتاتوريات خاصة العسكرية منها. ويكفي مقارنة عدد الديكتاتوريات في حقبة الخمسينات والستينات بعدد الديكتاتوريات الآن. فأصبحت المشكلة الآن لدى هؤلاء هي طبيعة من سيحكم مصر في المرحلة القادمة هل هو عسكري أم مدني أم مدني ذو خلفية عسكرية. وهو جدل في رأيي يعكس فكر سطحي لأصحاب هذا الرأي. فالمشكلة ليست في وظيفة الرئيس السابقة ولكن فيما سيفعله الرئيس القادم لمصر.

أعتقد في ظل هذه التحديات الكبرى التى تواجهه مصر، نحن بحاجة إلى رئيس ذو مواصفات خاصة، مبدع لا يتبع الحلول التقليدية وشجاع لا يخاف شيء. رئيس لدية من الرؤية والثقافة والطموح والوطنية والشجاعة ما يجعله يعرف ماذا يريد وكيف يحقق ما يريد دون خوف من أفراد أو جماعات أو حتى من الفشل. رئيس ثوري مغامر ولكن ليس متهور، رئيس حالم ولكن ليس يوتوبي، رئيس قوي ولكن ليس مستبد، رئيس برجماتي ولكن ليس انتهازي. نريد رئيس عنده من القوة والعزيمة لبناء مصر الديمقراطية الحديثة ما يجعله لا يخشى أحد ولا يسعى للموائمات على حساب هذا الهدف الاستراتيجي. رجل يحب هذا الوطن إلى درجة التضحية بنفسه من أجله، وأيضا يحب نفسه فيسعى لدخول التاريخ من أوسع أبوابه كمؤسس جديد للدولة المصرية الحديثة جنبا إلى جنب مع محمد على باشا.
ولكن في نفس الوقت علية أن يتجنب أخطاء محمد على باشا. ولعل أهم أخطاء تجربة محمد على هي عدم استفادة المصري البسيط من عملية التحديث المصرية، فقد توقفت الحداثة عند طبقة صغيرة من المجتمع المصري خرج من العصور الوسطي إلى العصر الحديث، ولكن ظل عامة الأمة المصرية يرزحون في أغلال الفقر والجهل والمرض. ولذلك كان من السهل على التيارات الظلاميه أن تستغل هذا الوضع المزري للمصريين لتتسلل إلى عقولهم وتبث أفكارها المتطرفة التى كادت تدمر المجتمع وتعيده إلى عصر المماليك، بعد القضاء على تجربة محمد علي ودخول مصر عصر القومية العربية والأممية الإسلامية.

المشكلة ليست في مهنة الرئيس القادم، فكم من جنرال حكم بلادة ونهض بها من جورج واشنطن، إلى محمد علي إلى أتاتورك إلى شارل ديجول، الذين نقلوا دولهم من عصور التخلف والظلام والدمار بعد الحروب إلى عصور الحداثة والتنوير والبناء والتنمية. وكم من حاكم مدني دمر بلدة وعاد بها قرون إلى الوراء. الم يكن هتلر وموسولينى وصدام ومرسي العياط مدنيين بدون أي خلفية عسكرية؟ إذا كون الحاكم ذو خلفية عسكرية لا يعنى انه بالضرورة مستبد وفاسد وكونه مدني لا يعنى أنه سيكون ديمقراطي يحكم بشفافية.

مطلوب رئيس هدفه بناء مصر الديمقراطية الحديثة يمضي في طريقة لا يخشى من إرهابيين ولا يخضع لقوى خارجية ولا يتواءم مع المتطرفين. ولا يهم بعد ذلك إذا كان عسكري أم مدني.
 


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter