الأقباط متحدون - بهدوء ... إلى الاخوه السلفيين
أخر تحديث ٠٦:٣٨ | الثلاثاء ٦ اغسطس ٢٠١٣ | ٣٠ أبيب ١٧٢٩ ش | العدد ٣٢١٠ السنة الثامنة
إغلاق تصغير

بهدوء ... إلى الاخوه السلفيين

حنا حنا المحامى


حضرات الاخوه السلفيين:  إسمحوا لى أن أكتب لحضراتكم هذه الرساله من أجل الوطن الذى تعيشون فيه, ومن أجل ازدهار وتقدم هذا الوطن الغالى علينا جميعا وطبعا الغالى عليكم أيضا.
 
حضرات الساده:  إننى رجل مصرى حتى النخاع وأعيش فى الولايات المتحده الوطن الثانى, وألمس نجاح وتقدم ذلك الوطن كما أدرك تماما سبب هذا النجاح والتقدم.
 
لا شك أنكم تعرفون أن فى أمريكا سود أمريكيين وسود أفارقه, وصفر أسيويين, وبيض أوروبيين, وسمر من حوض البحر الابيض المتوسط وباختصار من كل أنحاء العالم.
 
لا شك أيضا أنكم تعلمون سر نجاح هذه الدوله بل والدول الكبرى التى تتبع سياسة الولايات المتحده. وبإيجاز شديد هذه السياسه تتمثل فى أن جميع أفراد الشعب أمام القانون سواء.  وعلاقة أفراد الشعب جماعات أو فرادى مبنيه على الاحترام المطلق لعقيدة كل إنسان أيا كانت.  ولا تتعجبوا إن قلت لكم إن الوثنيه مباحه لمن يعبدوا الاوثان شريطة ألا يكون ذلك فى العلن, كما أنه يحرم تعذيب أو قتل الحيوانات مثل القطط والكلاب.  
 
معنى ذلك أن كل إنسان حر فى عبادته.  ولكن على كل إنسان يعيش على الارض أن يحترم قانونها وسلامها الاجتماعى.  فلا يجوز بأى حال من الاحوال أن يعتدى إنسان على أخيه الانسان ولو حتى بالضرب الخفيف.  فكل إنسان يحترم أخاه الانسان وأى نزاع ينشأ بين شخصين أيا كانا لا تفصل فيه إلا الجهات والمحاكم القانونيه.
 
كذلك فى مجال العمل لا تجوز أى تفرقه فى التعيين أو الترقى بسبب الدين أو العرق أو اللون أو الجنس أى بسبب الذكوره أو الانوثه.  فالجميع سواء أمام القانون.  ولمن يشعر بأى تمييز يمكن أن يلجأ إلى المحاكم.
 
من هنا لا شك أنكم سمعتم أن المرأه يمكن أن تتبوأ أعلى المناصب حتى رئاسة الجمهوريه,  كذلك فقد تقدم الشعب بإحساسه ولم يعد يرى مجالا للتفرقه بسبب اللون.  فلا شك أنكم تعرفون أن رئيس الجمهوريه أسنود.  وهو من أنجح رؤساء الجمهوريه الامريكيين حتى أنه قد انتخب مرتبين لدورتين متعاقبتين.
 
 أما من ناحية الدين فلا شك أنكم لم تسمعوا أبدا عن أى احتكاك دينى فى أمريكا, فهذا ممنوع منعا باتا ومطلقا.  ولا شك أنكم تعرفون أن أساس الامريكيين أنهم مسيحيون, مع ذلك فطبقا للدستورلا يجوز لاى إنسان أن يقحم الدين فى أى صغيره أو كبيره.  ذلك أن الدين له حساسيه خاصه ومن ثم لا يجوز أن تكون له صفة الاجبار من بعيد أو قريب.  كذلك لا يجوز بحال من الاحوال أن يكون الدين سببا من أسباب خلل السلام الاجتماعى.
 
وهذا يا حضرات السلفيين هو سر تقدم الولايات المتحده الامريكيه.
 
على ذلك لابد أن يكون لكم الاحساس الوطنى فى مصر لتتقدم وتتبوأ مكانتها أمام العالم.  لا شك يا حضرات الساده أنكم تدركون أن سبب ضعف مصر العزيزه هو الصراعات الدينيه والتى تستنفذ ما لا يقل عن سبعين فى المائه من طاقة الشعب المصرى.
 
أقول يا حضرات الساده هذه المقدمه الضروريه بسب الخطوه التاليه التى تقدم عليها مصر وهى إنشاء دوله حديثه ودستور جديد حضارى ومتقدم.
 
يا حضرات الساده السلفيين والمسلمين والمسيحيين وكل مله ودين له أتباع وأعوان فى  مصر:  أقول لكم إن مصر تخفى كنوزا لا تبارى فى حميع أنحاء العالم سواء فى طبيعة أرضها أو جوها أو ذكاء شعبها الفطرى, أو فى عزيمته وقدرته على الانتاج والعمل بل والابداع.
 
ولكن للاسف الشديد فإن كل تلك المواهب تضيع هباء. ونجاح ومواهب الشعب المصرى لا تظهر إلا فى الخارح حيث تستثمر مواهب الفرد وصلابته وقدرته على العمل والانتاج.
 
وأخطر تلك العناصر التى تستنفذ مواهب الشعب المصرى وقدرته على العمل والانتاج والابداع هو عنصر الدين.
 
كان الغرض من المقدمه أعلاه هو الطموح الذى يراودنى إذا ما كانت مصر دوله مدنيه لا تعبأ إلا باستثمار الانسان المصرى وتستغل مواهبه وطاقاته.  ولكن لنكن على القدر اللازم من الصراحه.  ألا تجد أن عنصر الدين هو العقبه الكأداه فى سبيل أى تقدم منشود؟
 
لماذا؟  إن الدين ولو كان يحث على السلام والوئام والتعاون إلا أنه يفسر تفسيرا قوامه الفرقه والتفرقه والتعصب.  إنكم يا ساده ليس لكم الفضل فى أن تكونوا مسلمين, كما أنى ليس لى أى فضل فى أن أكون مسيحى, ذلك أننا اعتنقنا بغير إرادتنا ديانة أبائنا وأجدادنا.  ومن ثم ولدنا فوجدنا أنفسنا ننتمى إلى الدين المسيحى أو الاسلامى أو الشيعى أوالسنى .... إلخ.  وهناك حقيقة أخرى أننا بعد ولادتنا جمعنا لنا هدف واحد ووطن واحد هو مصر بأرضها بسمائها برمالها بطميها.  والشمس والسماء والارض لا ولن يفرقوا بين دين وآخر أو بين رجل وامرأه أو بين أى شخص وأى شخص آخر, ولكن الارض واحده والسماء واحده والشمس واحده والقمر واحد.
 
من هنا يا حضرات الساده يتعين أن ننظر نظره جديده إذا أردنا أن تنهض مصر بعد تلك الثوره الرائعه التى أشاد بها العالم, وبعد ذلك العمل السلمى الذى يخلو من سلاح ونيران ومع ذلك فقد حقق المعجزات.
 
حضرات الساده السلفيين إن هذه المقدمه التى تؤيدها الحقائق الجغرافيه والتاريخيه والطبيعيه أقول أن أمامنا مرحله حاسمه فى تاريخ مصر العريقه.  وهذه المرحله هى مرحلة وضع الدستور
 
ومرحلة وضع الدستور مرحله حاسمه ودقيقه جدا.  ووجه الدقه والحسم بل والحساسيه هى موضوع الماده الثانيه أو الاولى من الدستور والتى تنص على أن دين الدوله الاسلام والشريعه الاسلاميه هى المصدر الرئيسى للتشريع.
 
إنكم يا حضرات الساده سواء السلفيين أو المسلمين بوجه عام, كمصريين فقد لمستم ماذا أصاب مصرنا الغاليه جراء النزاعات الدينيه, الانقسام والصراع وقتل الوقت فيما لا ينفع بل يضر, ركزنا جميعا فى المشاكل الدينيه وتركنا الحكام يعيثؤن فينا فسادا بسبب ما وصلت إليه مصر من ضعف ووهن بسبب الدين وتضييع الوقت والجهد والمال فى الصراعات الدينيه.  
 
وإن كنت أنسى فلن أنسى الاخوان المسلمين.  إن كل همهم لم يكن إلا الحكم والجاه والسلطان والمال فى ظل الدين ليس إلا.  فكانت النتيجه أنهم خسروا المال والجاه وربما الدين أيضا.  إنهم مسلمون .. نعم ولكن يمكن أن يدعوا إلى التمسك بالدين بوسيله سلميه بحت.  ولكن فسروا الدين على أنه أنانيه وجشع ومال وسلطان وتفكك وسياده وانقسام ليس إلا.  وإليهم نقول إن الوطن لا يمكن أن يكون وطنا إلا بالوحده والتماسك.
 
لقد صدق من قال إن الدين لله والوطن للجميع أى للمواطنين.  لذلك يتعين أن نعى تماما أن تعاملنا مع الوطن هو تعاملنا مع من هو أعلى من أى إنسان لان الوطن هو الذى ينشئ الانسان ويرعاه إلى أن يصير عنصرا يعمل على بنائه لا هدمه.  والبناء كما سبق القول لن يكون إلا بالتماسك والوحده. 
 
تلك المقدمه وهذا الحديث يقودنا إلى أمر هام يتعين قبل أن نتخذ فيه قرارا أن نمعن النظر ونغلب مصلحة الوطن على أى كيان آخر. ونعترف ونقر أن الدين لله والوطن للجميع.  هذا المبدا فقط هو الذى سوف يعمل على ازدهار مصر ورفاهيتها, خاصة فى المرحله الراهنه.  فمصرنا الغاليه فى حاجة ماسه إلى كل عمل وكل جهد وكل إنتاج فى حريه وثقه.
 
حضرات الساده إذا اتفقنا على هذا المبدأ فيتعين أن نعيد النظر فى موضوع الماده الثانيه أو الاولى من الدستور.  إن هذه الماده تعمل على الفرقه والانقسام.  ونحن فى هذه المرحله نريد أن نبنى مصر على أسس سليمه.  ثقوا يا ساده إن إمكانات مصر والمصريين تفوق أكبر دول العالم من حيث قدرات شعبتها وثروات أرضها ومواهب أبنائها.  يتعين أن نستغل كل هذه الامكانات والمواهب من أجل أن نعيد لمصر مجدها وعزتها.  ألا تقرأون ماذا يقول التاريخ عن مصر حين كانت وحده لاتتجزأ؟  لقد كانت أقوى دوله فى العالم.  وحين دخل فيها التدين –ولا أقول الدين- تفتت وكادت تنهار.
 
إن اضعف دول العالم الآن طامعين فى مصر على أساس أنها دوله مفككه ضعيفه.  الغرباء يقررون مصيرها ومصير حكامها.  حسنى مبارك تنازل عن الحكم بناء على قرار أمريكا.  هو الذى وضع نفسه فى هذا الموضع.  أشتون قالت لمرسى إذا أراد أن يخرج خروجا أمنا.  ما هى سلطتها؟  إن العالم أصبح يتعامل مع مصر على أنها دوله تابعه لا تملك زمام أمورها.  لذلك إذا كنتم تنظرون إلى مصر هذه النظره الدونيه فأرجو أن تصرفوا النظر عن هذه الكلمات لان الفرض أنى أتحدث مع مصريين حتى النخاع وطنيين يحبون وطنهم ويحترمون أراضيها وسيادتها.  أما إذا كنتم تنظرون إلى مصر على أنها دوله عظيمه فى واقع الامر فيتعين أن تتعاملوا معها بعيدا عن الدين وتعودوا للمبدأ الذى عرفته مصر حين كانت مزدهره وهو :  "الدين لله والوطن للجميع".
 
لقد أعلن الشيخ حسان فى إحدى المناسبات أن الاقباط يريدون القضاء على الاسلام.  وهذا القول لا يعدو أن يكون إرهابا فكريا يقصد به فرض ما لا يجب فرضه.  فالاقباط يقدمون للاخوه المسلمين كل محبه.  فمثلا الموائد الرمضانيه لا تعبر إلا عن كل محبه واحترام للاخوه المسلمين وللدين الاسلامى.  ولا يجب أن تكون العلاقه بين المواطنين مبنيه على التعصب والارهاب الفكرى وفكرة التسيد.  وقد قال رسول الاسلام "الناس سواسية كاسنان المشط".  ألا يتعظ الشيخ حسان وأمثاله؟
 
لذلك يتعين على الاخوه المسلمين أن ينظروا إلى مصر نظره سياسيه بحت حتى تزدهر ومن ثم يغضوا الظرف عن موضوع الماده الثانيه أو الاولى التى أصابت مصر أو كادت فى مقتل. فلايجوز خلط الدين بالسياسه على الاطلاق. وذلك لمصلحة مصر أولا وأخيرا.
 
يا ساده: مصر وطن عظيم وليست دينا.  ولكن لا ينقصها إلا الوحده والتماسك والعلمانيه. 
 
 
 
 
 
 
 
 

 


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter