بقلم : مدحت بشاي
رؤية
اليوم ثالث أيام عيد الفطر المبارك بعد شهر للعبادة والابتهال والصيام قالت حكومتنا إنها أجلت أي مواجهات مع معسكرات الفهم المغلوط المتبني لنظرية جديدة هي «الجهاد من أجل الكرسي وعودة حكم منظمة لا تنتمي لتراب هذا البلد بقدر الانتماء لفكرة تجاوزها الزمن تخلط بين ما هو ديني وعقائدي وما هو دنيوي وسياسي، كما أن اليوم هو الرابع في صيام السيدة العذراء مريم، ولعلنا ونحن نعيش تلك الأيام الطيبة أن نأملها بداية لتفهم رسالات الأديان وما توصي به من الالتزام بقيم السماحة والسلام والعدل والرحمة والمحبة والمصالحة..
وبالمناسبة، المصالحة الوطنية لا يتم تحقيقها بتخصيص وزارة، ولكن بتحقيق كل ما من شأنه تحقيق العدالة الاجتماعية، وتفعيل القانون والخروج من دوائر الحلول العرفية وقعدات فض الاشتباك العبيطة..
في أول أيام صيام السيدة العذراء نطالع الخبر التالي « لقيت الطفلة جيسي بولس عيسى، 10 سنوات، مصرعها بطلق ناري من الخلف بعد خروجها من الكنيسة الإنجيلية. وقام مجهولون يشتبه في انتمائهم لأنصار الرئيس المعزول محمد مرسي بفتح النار بطريقة عشوائية أمام شارع أحمد عصمت أمام الكنيسة الإنجيلية مما أدى إلى وفاة الطفلة وإصابة العشرات، وتم تحويل جثمان الطفلة للطب الشرعي بزينهم.وقال شهود عيان: «إن ملتحين ينتمون لمؤيدي مرسي أطلقوا النار على المواطنين أثناء خروجهم من الكنيسة وكانوا يستقلون سيارة ربع نقل ثم فروا هاربين».. وهي حادثة تأتي في سياق جرائم الاعتداء على بيوت ومحلات الأقباط وكنائسهم ورفع علم القاعدة عليها وشطب لوحاتها الرخامية وكتابة مصر اسلامية فوقها مثل ما حدث للافتة بطريركية الأرمن بشارع رمسيس.
ولذلك أحيي وأثمن الجهد المبذول للكاتب الصحفي ياسر شورى المشرف على صفحة «المشهد السياسي» بجريدتنا المعتبرة «الوفد»، ففي تحقيق صحفي أخير تناول قضية النزال الطائفي من طرف جماعات التطرف بمهنية عالية.. كتب تحت عنوان «الاعتداءات على الأقباط تنسف فكرة المصالحة الوطنية».. لقد دخل تنظيم القاعدة على خط الأحداث في مصر، يسعى جاهداً لزرع ألغام الفتنة الطائفية، الأجواء سانحة للغاية لضرب الوطن في مقتل، والأرض أكثر خصوبة الآن للعزف على وتر «العاطفة الدينية» جراء أزمة سياسية طاحنة «إخوانية النشأة» يأتي الغباء السياسي لجماعة الإخوان المسلمين على رأس أسبابها. من خارج الرقعة السياسية التي تشتبك في محيطها كافة الأطراف في أعقاب 30 يونية، تمكنت جهات خارجية من قراءة المشهد بما يضمن لها تحقيق قدر أوفر من مصالحها إزاء الوضع القابل للاشتعال، الألفاظ التي تستميل شباب التيار الإسلامي جسراً يمهده - أيمن الظواهري زعيم تنظيم القاعدة - ليعبر به متطرفون إلى وضعية «حرق مصر» على حساب إدخال الصراع السياسي إلى منعطف ديني، أبرز تلك المصطلحات التي استعملها المصري المقيم في أفغانستان جاء في «الصليبيون» ذلك الذي يعرف تاريخياً في وصف حملات المستعمر الأجنبي، دون أن يؤثر على مسار العلاقة الحميمية التي تجمع أقباط مصر ومسلميها.. تحقيق مهم أدعو القارئ للإطلاع عليه على بوابة الوفد الالكترونية.
وعليه لم يكن غريبا، أمر خروج سيدة ثائرة من موقع اعتصام رابعة في مقطع فيديو يتم تداوله، وهي في قمة غضبها رافعة يمينها بحماس صارخة «وأقول للمسيحيين هنولع فيكم»، تماهياً واستجابة إلى ما تفيض به قرائح أشاوس منصات اعتصام الإخوان ومن لف لفهم من توجيه السباب والسخائم لكل رافض لتوجهاتهم من الانقلابيين (كما أسموهم).
أخيراً، وأكررها كثيراً.. يأمن تسعون للتصالح مع تيارات التشدد الديني والتقول بأنهم في النهاية «فصائل سياسية» في نكتة يكررها الجميع دون التوقف عند معنى كيف لجماعات دعوية وفصائل جهادية اعتمادها فصائل سياسية ؟! .. أما الأجدى والأهم أولاً أن تتصالحوا مع الفقراء سكان العشوائيات، وأهل سيناء الأبطال، وأهل النوبة، والمرأة التي قالوا إن صوتها عورة وصورتها ينبغي استبدالها بوردة، والشباب الذي فجر ثورة تلو الثورة وقدم قرابين الفداء على مذابح الوطنية وتم تجاهل أحلامه وطموحاته، والأقباط وآلامهم ولن أزيد عن ما جاء في تحقيق ياسر شورى .. صالحوا الكل..
medhatbe@gmail.com