الأقباط متحدون - ليست مصالحة... ولا وطنية!!
أخر تحديث ٠٩:٠٠ | الأحد ١١ اغسطس ٢٠١٣ | ٥ مسري ١٧٢٩ ش | العدد ٣٢١٥ السنة الثامنة
إغلاق تصغير

ليست مصالحة... ولا وطنية!!

بقلم يوسف سيدهم
دعاوي المصالحة الوطنية التي يطلقها البعض داخل مصر وخارجها أصبحت سببا لاستفزازمشاعر المصريين لأنهم لايجدون فيها أي منطق يتسق مع الواقع المتردي الكئيب الذي يعيشونه منذ أطاحوا بحكم الإخوان في30يونية ومنذ خرجوا لتفويض الدولة بالقضاء علي الإرهاب في26يوليو...لم يعد في تلك الدعاوي أي هامش حقيقي للمصالحة يمكن استكشافه ولم بعد مقبولا التشدق بأية قطرة من الوطنية تربط طرفي المصالحة المزعومة!!...
 
وكيف يكون ذلك والمشهد الكئيب السائد منذ الإطاحة بالإخوان هو تهديدهم بحرق الوطن إذا لم يستعيدوا ما فقدوه من سلطة-في نظرهم شرعية وفي حقيقتها استبداد وهيمنة وبطش وتدمير باسم تلك السلطة-ثم إرهاب المواطنين وترويعهم والتربص بهم والاعتداء الهمجي عليهم والتنكيل بهم وأخذهم رهائن لعل السلطة ترضخ لهم,هذا بالإضافة إلي استحلالهم أكثر الأساليب انحطاطا وخسة وخيانة للوطن بالاستغاثة بالقوي الخارجية ودعوتها للتدخل العسكري في مصر لإزاحة الإرادة الشعبية وفرض الإخوان علي المصريين بالقوة!!
 
أية مصالحة وطنية ترجي لرأب صدع هذه الكارثة؟...ألا يفطن من يتشدقون بالمصالحة أن ما تشهده مصر من الإخوان وممارساتهم يماثل-إن لم يفق-ممارسات القوي الاستعمارية الأجنبية التي حلت بمصر عبر تاريخها؟...بل لا أبالغ إن قلت إن بعض المستعمرين الذين حلوا بمصر كانوا أكثر رفقا بالمصريين وأحسنوا معاملتهم ولم يتعمدوا إذلالهم بل تركوا وراءهم تقدما وتنويرا ولم يغتالوا وطنية المصريين.
 
أية مصالحة وطنية ترجي مع من ذبحوا كل القيم والأخلاق واستمرأوا الكذب والخداع والتضليل والتآمر بل قاموا بتحليله وسيلة تبررها الغاية؟...أي مقدار هزيل من الثقة أو الأمان أو الاطمئنان أبقوا عليه بينهم وبين المصريين؟...لا,في الحقيقية لم يبق إلا هوة سحيقة من الخوف والرعب والضغينة والاشمئزاز تتسع لتفصلهم عن المصريين وانعدم الأمل وتقلصت الرغبة في مد أي جسور عبر تلك الهوة سواء تحت عنوان الحوار أو المصالحة أو المراجعة أو غير ذلك من تعبيرات القاموس السياسي,لأن ما يجب أن يسبق كل تلك التعبيرات هو القبول والتراضي وحتي ذلك لا يتأتي إلا بعد المحاسبة والمساءلة والقصاص...إذا أقول لكل من يطلقون دعاوي المصالحة ويتباهون بسعة صدرهم وتسامحهم:ارفعوا أياديكم عن الوطن واتركوه ينهي معركته مع الإرهاب أولا لأن النفوس جريحة والمرارة متراكمة وهناك الكثير الواجب إدراكه لإعادة وضع هذا الوطن علي الطريق الصحيح...ولعل بعد ذلك كله يمكن إفراز مناخ جديد قادر علي المصالحة.
 
أما عن مقاومة الدولة للإرهاب المستشري الذي يمارسه الإخوان تحت مظلة الاعتصامات السلمية,وبالرغم من إقراري بضرورة ترك كيفية تنفيذ ذلك لسلطة القانون والأمن,أجدني مدفوعا لتسجيل الدرجة المتزايدة للإحباط والاستفزاز التي يشعر بها المصريون إزاء السياسات الناعمة والهوادة وطول الأناة التي تبديها السلطات إزاء الإرهاب وانفلاته وتوحشه,وإذ أستخدم هذه التعبيرات المتحفظة في وصف ماتفعله السلطة لا أستطيع في الوقت نفسه التغافل عن انتقادات أكثر حدة يطلقها البعض حين يعبرون عن غضبهم متهمين تلك السلطات بالتخاذل والتقاعس والأيادي المرتعشة التي تسمح للإرهاب بالتمادي وباكتساب أرض ومكتسبات جديدة بدلا من تضييق الخناق عليه وحصاره.
 
ولعل ما يستفز المصريين أيضا ويزيد من غضبهم ما يشاهدونه كل يوم من تمادي جحافل الإخوان في سيناريوهات الانفلات والتدمير والترهيب,فبعد أن كانت الأنظار مركزة والأنفاس محتبسة ترقبا لما تفعله الدولة تنفيذا للتفويض الشعبي الجارف لوضع حد للإرهاب,إذ بالإخوان يمرحون بحرية غريبة في كل حدب وصوب يهددون المارة ويقطعون الطرق ويعيثون فسادا أينما حلوا...وأصبحت مظاهر الإجرام وتدمير الممتلكات العامة ووضع المتاربس في الشوارع من المشاهد الكارثية التي لا تفعل السلطة إزاءها شيئا ولا توقفها أو تمنعها,الأمر الذي بات يهز هيبة الدولة ويهدد صورتها ويستهزئ بقوانينها...إن وقوف قوات الأمن ساكنة أمام ذلك الإجرام تتفرج عليه ولا تفعل شيئا سوئ إطلاق الغازات المسيلة للدموع لدي محاولة اقتحام مبني أو موقع أو كوبري يترك علامات مقلقة ومرفوضة من المصريين ويرسل رسائل سلبية خطيرة للمجرمين.
 
وطبعا في ظل هذا الأداء غير المفهوم من السلطات المنوط بها مقاومة الإرهاب والقضاء عليه,يتساءل المصريون الغاضبون:ألم تشاهد السلطات المصرية سيل الأفلام التي تعرض علينا بين الحين والآخر والتي تسجل تصدي السلطة في شتي دول العالم للمظاهرات والاعتصامات والاحتجاجات-سلمية وغير سلمية-التي حدثت علي أراضيها؟...ألم يكن واضحا كيف وقفت قوات الأمن محتشدة صارمة غير متسامحة في وجه المعتصمين واستخدمت كافة الوسائل لتفريقهم وإعادة الانضباط والحركة الطبيعية والأمان لكل من المكان والمواطن؟...
 
ألم تتابع السلطات المصرية ماحدث في نيويورك أو لندن أو استنبول أو حتي في جنوب أفريقيا حيث كان الهدف واضحا قاطعا:لا هوادة مع الانفلات والإرهاب,ولا حقوق إنسان لمن يهددون ويروعون المجتمع,ولا تفريط في سيادة الدولة.
 
ألم تصل هذه الرسائل ومدلولاتها لصانع القرار في مصر؟...هل نحن إزاء فورة شعبية ثالثة هذه المرة تقول للدولة:استيقظي؟!! 

More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter