حصلت «الوطن» على معلومات جديدة تخص تفاصيل الاجتماع الدولى لتنظيم الإخوان بتركيا، الذى انفردت الجريدة بنشر تفاصيل انعقاده وتوصياته، وتكشف المعلومات الجديدة عن أهم القرارات التى اتُخذت فى اجتماع التنظيم الدولى للإخوان المنعقد فى اسطنبول خلال الفترة من 11 إلى 14 يوليو الماضى، لبحث كيفية التعامل مع ما جرى فى مصر والسقوط المدوّى للتنظيم، حيث شارك فى الاجتماع كل ممثلى تنظيم الإخوان فى العالمين العربى والإسلامى وأوروبا والعالم، بتسهيلات من حكومة رئيس الوزراء التركى «رجب طيب أردوغان» الذى شارك فى جزء من الاجتماعات.
وتثبت المستندات التى حصلت «الوطن» على نسخة منها أن الاجتماع عُقد بمباركة أمريكية، لأن ثلاثة من قادة الإخوان الذين شاركوا فى الاجتماعات كانوا على تواصل مستمر مع السفير الأمريكى بأنقرة، وكذلك السفير الفرنسى، والقادة الثلاثة هم راشد الغنوشى (تونس)، حسن مالك (مصر)، زكى بن أرشيد (الأردن). الاجتماع كان فى مجمله مهاجماً ومنتقداً لحركة الإخوان فى مصر، حيث ابتعد التنظيم عن جماهير الشعب المصرى وعاش فى عُزلة شعبية، لأن التنظيم أراد السيطرة على كل مؤسسات الدولة، وكانت تجربة فاشلة، حيث انشغل التنظيم بأمور الدولة، مبتعداً عن نبض الشارع وهموم الشعب، وفشل فى المحافظة على جبهة تحالف قوية مع القوى الإسلامية الأخرى فى مصر، خصوصاً السلفيين بكل تشكيلاتهم. وأجمع التنظيم على أن السقوط السريع للإخوان فى مصر بتجربتهم الأولى فى الحكم، شكل صدمة وضربة موجعة لمشروع الإسلام السياسى فى العالم العربى، وستكون له ارتدادات على مواقع مختلفة، خصوصاً فى ليبيا وتونس.
انتهى الاجتماع إلى اتخاذ عدة قرارات، أولها: العودة إلى عمل أوسع تحالف للتنظيم فى مصر مع كل قوى الإسلام السياسى والفئات المهمشة، وتعبئة الشارع المصرى، وكشف هدف «الانقلاب»، والتركيز على زج إسرائيل فى كل ما حدث، وتصوير ذلك للشعب المصرى على أن «السيسى» قام بهذه الخطوة بالتنسيق المباشر مع إسرائيل، بما يخدم أمنها ووجودها.
ثانياً: عدم القيام بأى خطوات استفزازية تبعد الأمريكان والأوروبيين عن تفهم الموقف الإسلامى، خصوصاً موقف الإخوان المسلمين، بجانب التركيز إعلامياً على إبراز الإخوان كجماعة «إسلام معتدل»، بالإضافة إلى شنّ هجوم عنيف على الإسلام المتشدد والمتطرف وربطهم بتطرف الحركات القومية وقيادة الجيش المصرى.
ثالثاً: الانتباه والعمل بحذر وبسرية تامة فى مجابهة خطر الارتداد عن ثورات الربيع العربى فى كل من تونس وليبيا، ومحاولة مجابهة كل رموز المعارضة فى تونس وليبيا بصمت وبخفاء، من خلال الاتفاق والإيحاء للقوى السلفية بأنهم فى خطر فى حال عاد العلمانيون وبقايا النظام السابق إلى الحكم، ورصد كل أسماء ورموز المعارضة من صحفيين وكتاب ونقابيين والتعامل معهم من خلال إسكات أصواتهم بأى طريقة كانت لتجنّب ما حدث فى مصر.
رابعاً: محاولة كسب ود كل الأقليات فى العالم العربى، وإشعارهم بأن مصالحهم لا تتحقق إلا من خلال حكم إسلامى معتدل وعادل.
خامساً: إنشاء صندوق طوارئ يموّل من قِبل التنظيم الدولى للإخوان ومتبرعين، لمساعدة حركة حماس فى فلسطين وحزب النهضة فى تونس.
سادساً: تشكيل لجنة طوارئ عليا تكون فى حالة اجتماع متواصل للتعامل مع هذه الأزمات، وتكون ممثلة بكل تجمعات الإخوان فى العالم العربى والعالم الإسلامى. وجاء فى مقدمة وثيقة صادرة عن إخوان مصر بتاريخ 31 يوليو الماضى بعنوان «وضوح الرؤية حول الأحداث فى مصر»، أن «ما يحدث الآن من تدافع بين الحق وأهله والباطل وحزبه هو جولة من جولات التدافع والصراع، ونحن على يقين أن العاقبة للمتقين.
وفى تصنيف الرؤية الصادرة فى وثيقة عن إخوان مصر للمشهد الحالى، تضمنت عبارات «هم يستهدفون إزاحة الرئاسة، ومؤامرة لإزاحة المشروع الإسلامى، وضرب الجماعات التى تحمل المشروع الإسلامى وتضييق نطاق حركتها وتأثيرها فى المجتمع بحيث لا تمثل عليه خطراً بعد ذلك، وضربة موجهة للمجتمع لتحجيم العاطفة الإسلامية ومظاهر التمسك الإسلامى، يريدون الرجوع بالشعب إلى ما قبل 25 يناير، وتذكروا أن المعركة ممتدة». وتضمنت الوثيقة «قواعد للمواجهة» وهى «تحقيق الاصطفاف الإسلامى ضد من يستهدفون المشروع، اتساع الاصطفاف من شرائح واتجاهات المجتمع (التحالف الوطنى يجمع كل الفصائل، حتى غير الإسلامية) ويكون تحالفاً حقيقياً بحق لا يقطع أمراً دون مشاورتهم، وترديد مصطلحات «النضال السلمى لا الدستورى والسياسى.. هم يريدون أن ننزلق إلى نموذج الجزائر (السلمية: لا تعنى عدم الرد ودفع الأذى، بل ادفع، فرد الاعتداء مشروع)».
وحث إخوان مصر فى وثيقتهم على التحرك على جميع المحاور، منها المعركة الإعلامية لتتردد عبارات «هدفنا كسر هذا الانقلاب»، وعلى صعيد الإعلام الشعبى لا بد من «الوصول للناس والحوار والاتصال المباشر، مع توزيع البيانات والمنشورات والبوسترات والشعارات». كما يتم الاعتماد على الإعلام المحلى والخارجى، بالضغط على المؤسسات الدولية مثل «الاتحاد الأفريقى، المحكمة الأفريقية، دولة جنوب أفريقيا، وتركيا والاتحاد الأوروبى». التركيز على عبارات «كسر الانقلاب العسكرى وعودة الشرعية الدستورية (الرئيس - الدستور - مجلس الشورى)، والترحيب بأى وساطة أو مبادرة لعودة الشرعية الدستورية (التحالف أعلى مبادرة أساسية تعبر عن موقعه وفق الشرعية الدستورية». كما يكون أى حوار من خلال التحالف الوطنى يؤكد الشرعية
الدستورية «معلناً». وأوصت الوثيقة الصادرة عن إخوان مصر بالدفع بعناصر معينة لطرح مبادرات مائعة، لتكون النتيجة بترديد عبارات «الجيش رفض الجلوس فى مبادرات مع بعض المصلحين، مثل هشام قنديل - وسليم العوا»، و«جلسة مصالحة» وقرارها ملزم للجميع.ورأت التوصية أن ثبات الموقف إحدى علامات القوة، وأن الحشد واستمراره عامل ضغط على السلطات المصرية، مبينة أن وسائل الضغط يجب أن تتمثل فى «الحشد المتصاعد المستمر عن طريق المفاجأة والإرباك والتشتيت والإرهاق»، و«مقاومة كل خطوات الدولة الميدانية. وعبرت الوثيقة عن رؤية إخوان مصر للتعامل مع الموقف على المستوى الدولى بترديد مصطلحات «اختطاف الرئيس، جرائم القتل والاعتقالات والخطف. كما أوصت بإرسال رسائل للمجندين بالجيش عن طريق أسرهم وأهاليهم بأنه «تم عمل غسيل مخ وشحن هؤلاء الجنود». علاوة على الاستعانة بالبلطجية على المستويات الاجتماعية والأمنية والاقتصادية، وقطع الصلة بين البلطجية والداخلية والاستعانة ببعضهم على بعض.