الاثنين ٢٦ اغسطس ٢٠١٣ -
٢٣:
٠٣ م +02:00 EET
بقلم: ماجدة سيدهم
" ليس ثمة أقوى من الرماد ليكون وثيقة الحقب الفاسدة وشاهدا لا غش فيه إن الدين عند الحمقى هو الكراهية>.
المشهد منذ الأول ملخصه العنف القاتل والحقد المتراكم والكراهية الحارقة والمتصاعدة تجاه كل من يختلف وكل من لا يشبه ومن لا يماثل ، منذ البدء والمشهد صريح،واضح ومعلن ، تهديدات التخريب والنيل جميعها مطعونة بهوس ماجن اسمه الأقباط لتصبح أولى الأوليات لتغطية تصدع الجماعة وارتطامها بالخيانة البارعة وافتضاح أوهامها المتضخمة هي صيد الأقباط مرورا بكنائسهم وحتى الإبادة الكاملة ،فحقيقة الأمر يكون أقباط مصر هم ملخص الحكاية وصداعها المزمن ،هم الهول المرعب والصمت المخيف الذي يطارد ضجة الأذهان المريضة ويلاحق حتف الضمائر الرجسة وضآلة النفوس المسكينة ، ثم ولأن بربرية كل التيارات التي تلهج ليل نهار باسم الدين لا تعرف ميوعة المواقف مرتكزة على إيمانها الراسخ بمتعة الكذب ودقة الالتواء.
فقد تكررت التهديدات مرات عديدة وصدقت ، ولأن كل ما يقولونه ويدبرونه في المضاجع يفعلونه علانية وفي وضح الدناءة والغلظة -لذا عم على البلاد مؤخرا كل هذا الحزن المبري وكل هذه الدماء المنسكبة على الطرق ليخيم اللون الأعزل على كل شارع ، طارقا وجع البيوت ،يسكب طعم الوخز على كل طاولة ، هكذا غمسنا الخبز بالهم وشربنا ينابيع المر اجترارا ، صدقت الحماقة ولهت بالنار على مهل وتأن في مشهد فريد ومحير ،ما سمعناه قبلا في غير العصور الرومانية ،لكنا بفخر نشهده الآن ، كنيسة تلو الأخرى ، احتراق حتى فولاذ النخاع ، تآكل حتى عمق الهيبة ،وتصاعد صارخ لنيران فاغرة فاها تبتلع كل ما تطاله السنتها المشقوقة ، أيقونات وهياكل ،رفات ومراجع ونفائس لا تقدر بثمن.
الحرائق تجعل من بهاء الاختلاف وجمال التنوع وميزة التعدد شكلا واحدا من الحطام البارد وكومة منحنية من البقايا المؤسفة . لذا ليعرف المار ويتأكد -هكذا تدخل الكنيسة أعماق ذهبية جديدة غير عادية وتنتقل إلى أفاق إيمانية أكثر ازدهارًا وصلابة والتحامًا بكرمتها التي هي المسيح يسوع ، سيـُفتح دوي الصفحات على مدي العجائب لتخبر بعمل الله الباهر وإطلاق المأسورين بثقل البغضة والقتل ، مانحا البهجة عوضا عن الرماد والحياة بديلا عن الموت .
فإن كانت ابواب الجحيم مجتمعة لن تقوى عليها فلن تفلح إذا أية محاولات لجعلها مغارة لصوص ،وما نـُهب منها نثق أنه لن يـُمس أو يـُنتهك فالكل مرسوم بدقة على كف القدير ، هكذا وجدت بفكر متواضع إن ما تعرضت له الكنائس المصرية العريقة من حرائق كارثية وما باتت عليه تعد دلائل حية وثروة ثمينة بل ونادرة يسجلها التاريخ الآن تفصيليا لتكون شاهدا ومسموعا هائلا أمام العالم على جرائم ارتكبها إرهابيون سكنوا بمصر يوما ما ومروا، فماذا لو أبقينا على ارتفاعات الحطام كما هي ،شامخة ومحلا متحديا من جديد لعودة روح التسبيح وامتلاء البيت بمجد الابتهاج وإقامة القداسات والأعياد و.. ..، فيكون كل من جاء من كل البقاع ينظر شموخها ينحني خشية وإجلالا لهيبة ما قدمته كنائس مصر بصمت نبيل فداءً للوطن - وخزيا عما فعلته وخلفته مملكة التوحش باسم الدين من مآسي مروعة – وأن ما حفرته انياب الضغينة على جدر التاريخ من فشل حتمي استحال إلى أيقونات محبة الشعب الواحد وتأكيد لشركة خبز الوطن وزيته –فضلا عما تناله مدينة المنيا من وهج وتألق سياحي ممتاز ملتفتًا إليها أنظار حضارات العالم أجمع .
فهي منيا مصر ذات الحظ الأوفر من تلك النكبات العضال على أن تحظى الحطام جميعها باعتناء كامل ودقيق موثق بالصوت والصورة وبكل ما وجد من أدوات وأسلحة تبقت إثر تنفيذ فعاليات الحماقة والجهل بينما ترمم ما يتوجب منها للضرورة -هل ثمة أبدع من ممارسة عبادات المحبة بين أعمدة ما تبقى وأجراس هتاف أكثر عذوبة ، ،هكذا يُخرج من الآكل أُكلا ومن البقايا حلاوة شافية *أما أنت غريب أوطاني والمثخن بنير الكراهية والمطارد من مداهمة الخيانة شكرا ...
فقد ساهمت في توثيق زوالك الأبدي بشكل أسرع مما توقعت لكني أسألك ماذا ربحت متى اكتنزت المال كله والسلطة كلها وعن نفسك ما عثرت .. انتبه إنها حياتك ..هل من يسمعني .؟ ومازال البدء في أوله ...