الأقباط متحدون - الترقي بعد التردي
أخر تحديث ٠٦:٠١ | الثلاثاء ٢٧ اغسطس ٢٠١٣ | ٢١ مسري ١٧٢٩ ش | العدد ٣٢٣١ السنة الثامنة
إغلاق تصغير

الترقي بعد التردي


بقلم: مريم حنا
كان في واحد ماشي في الصحراء لقى بئر قعد جنب يشرب منه فبقى فيه مورد اسمه ماء وفي مساحة جغرافية- الأرض اللي فيها البئر- وفيه بني آدم، شوية وجاء واحد ثاني وثالث بقوا 60 واحد قاعدين جنب البئر ولإسقاط هذا علي مصر تعالوا نحط النسب بتاعة الـ 60 دُول. لو الستين دُول منهم 50 مسلمين و5 مسيحيين وواحد يهودي وواحد بوذي وواحد بيعبد الشجر وواحد بيعبد البقر وواحد ما بيعبدش حاجة خالص. فهل إحنا في الدولة دي أو في المجتمع البدائي ده مش هانشَّرب الكافر من الماء؟ كل الديانات بتقول طبعاً الكلام ده ما ينفعش، القضية بتظهر فين بقى؟
 
بعد كده الـ 60 شخص دُول بدأوا يتخانقوا مع بعض علشان فاكرين إن الماء هايخلَـص من البئر فكل واحد عاوز يكوِّش عليها علشان يعيش ويموِّت الآخرين، دول أهل الشر، أهل الخير يقولوا لهم ماينفعش الكلام ده تعالوا ننظم نفسنا يا جماعة وكل 10 يشربوا في يوم ويملوا چركن ماء يشربوا منه باقي الأسبوع، يبقى 10 x 6 أيام = 60 واليوم السابع هانوضب فيه البئر وننظفه، لما اتفقوا الاتفاق الأول جاء واحد رفع إيده وقال الاتفاق ده مش نافع ليَّ؟ انت اسمك إيه؟
 
قالهم أنا اسمي كوهين - الله هايطلعوا لنا بقى- ليه يا عم كوهين؟ انت زعلان ليه؟ دا احنا بنقول كل 10 يشربوا في يوم وتملأ الچركن تشرب منه باقي الأسبوع، قال لأه علشان أنتم اديتوني يوم السبت وأنا السبت ما بخرجش من بيتنا، الله دا احنا اللي غلطانين يا عم كوهين، احنا أسفين. تبدل يا عم كوهين مع بتاع يوم الاثنين؟ تعالى يا بتاع يوم الاثنين خد السبت بدل منه. يبقى هنا عملنا كده تشريع راعينا فيه المصلحة العامة وراعينا مصلحة الأقلية، إيه علاقة الدين باللي بنقوله ده؟ لسة مافيش حاجة.
 
هي دي ببساطة البداية، برضوا يقعدوا يتخانقوا وواحد عاوز يسرق اليوم الثاني فنحط عسكري على البئر علشان يطَبَق التشريع علشان ما حدش ينط على يوم الآخر، حطينا العسكري. الشيطان مش هايرَوَّح. هو قاعد لنا فييجي يوزه ويقوله روح اغمز العسكري بـ 20 جنيه علشان تاخد لك چركنين تخزنهم، فيروح يدي له 20 جنيه. العسكري يمسكه يقوله تعالى ده انت متلبس طب يحل صاحبنا المشكلة دي إزاي؟ يروح رامي نفسه في الأرض ومصرخ ويقولك أنا مظلوم. إزاي يا عم دا انت مُتلبس يقولهم أصل الحكاية إن أنا الچركن بتاعي اتخرم وكنت قربت أموت قعدت أتحايل عليه يديني بق ماء، فضربني وزعق لي وقالي مانتش شارب، فبقى هنا فيه التباس الرجل هايموت، ده حكم المضطر. فنعمل إيه؟ نحط قاضي يحقق في الموضوع ويشوف فعلاً چركنه مخروم؟ ويديله حكم، ونكتشف في الآخر إن الشيطان بيضحك علينا وخير ربنا كثير والماء مش هاتخلص ونلاقي إن إحنا ممكن نزرع ونصنَّع ونتاجر وفي الآخر الشيطان هايعمل إيه بقى؟ يروح للقبيلة اللي جنبنا يقولهم تعالوا دي البلد ديه فيها خير كثير أغزوا هذه البلد فنروح عاملين جيش، أدي مكونات الدولة بكل بساطة.
يعني ببساطة كدة جيش وطني وجهاز إداري عميق وأشكال أنشطة مختلف (تعليم وثقافة وتخطيط عمراني....إلخ).
 
وعلشان نزرع ونصنَّع ونتاجر لابد وأن تكون هناك مسئولية مجتمعية في بناء الدولة والمجتمعات لا تحل مشاكلها بالخيرية ولا بالإحسان، المجتمعات تحل مشاكلها بأنظمة عدالة اجتماعية تتراوح من التأمين الصحي، التأمينات الاجتماعية، نظام أجور عادل، وكذا وكذا.
ولابد للدولة من مواجهة معركتين الأولى معركة التأمين الصحي والثانية معركة استعادة الطبقة الوسطى والتي هي عماد الدولة فعليها إذًا بحمايتها بالقانون حيث أنها العمود الفقرى للبلاد وهي جوهر ثورة 25 يناير.
 
المجتمع المدني لا غنى عنه كجزء من مؤسسات الدولة الوطنية المصرية الحديثة ولا يمكن الاستغناء عنه في عملية التنمية الحديثة. إذًا فلابد من مواجهة التحديات بدءًا من انعدام الشفافية داخل مؤسساته، مشكلة التمويل، الصراع مع الحكومة والتي أحياناً تشجع المجتمع المدني ليقوم بالدور الذي يجب أن تقوم هي به في الوقت الذي فيه أحياناً عمله الخاص بالتثقيف والتوعية بالحقوق والحريات.
 
وفي هذا لانغفل مسيرة تطوير المؤسسات الدينية حيث أن لها دور في تشكيل الضميرالمجتمعي فلابد من ضرورة تأهيل رجال الدين لأن بشكلهم الحالي البعض الأكبر منهم غير مؤهل أنه يقود مسيرة تطوير المؤسسات الدينية، ضرورة التثقيف والوعي تجاه الموقف من الآخر ووضع رؤية إيجابية للتعامل معه، يعني لمَّـا اختلف مع الآخر ماقولش عنه كافر، ثم وضع ضوابط تقنن حديثهم في السياسة وألا يكون الموضوع مفتوح كده بمعنى التمسك بالخطاب المعتدل.
 
ولابد وأن تتضافر جميع مؤسسات الدولة مع المؤسسة الدينية، لاسيما المؤسسة التعليمية، كتب السفير الأمريكي «إدوين أشاور» كتابًا تحت عنوان «اليابانيون»، طرح فيه سؤالًا جوهريًا، ما سر اليابان؟ وما سر نهوضها ؟ وأجاب: بأن سر نهوضها شيئان اثنان، هما: إرادة الانتقام من الهزيمة، وبناء الإنسان، فلابد وأن يكون الهدف من التعليم هو بناء الشخصية المصرية بحيث تكون منضبطة، تقدس الوقت وتحترم النظام وتبدع من ضمن الفريق الواحد وتلتزم وبشدة بآداب التعامل، وأخلاقيات المتاجرة الموصوفة بالصدق والأمانة وفي هذا لابد من تعزيز أهمية المجتمع بدلاً من التركيز على الشخصية الفردية والقيم الفردية وخلق الإحساس بالعيب المجتمعي. ولابد من الاهتمام بدور المعلم ومدى تقديرنا له فلابد وأن يحظى المعلم باحترام وتقدير ومكانة اجتماعية مرموقة، ويتضح ذلك من خلال النظرة الاجتماعية لهم، وكذلك المرتبات المغرية التي توفر لهم حياة مستقرة كريمة ويتساوى في ذلك المعلمون والمعلمات حتى يكون هناك تهافت لشغل هذه الوظيفة وذلك «لبناء شخصية مصرية قادرة على مواجهة تحديات المستقبل» التي هي جوهر سياسة الدولة في التعليم.
 
وللحديث بقية
 
marry_hanna@yahoo.com

More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع