بقلم: فـايـز البهجـورى
الكلمات التى تلتقطها أذن الأنسان كبذور النباتات التى تستقبلها الأرض .
فالأرض تحتضن البذور . وتتحول البذور الى أشجار تعطى ثمرا .
بعض البذور تعطى أشجارا تثمر ثمارا شهية يأكلها الانسان .
ولكن بعضها الآخر يعطى أشواكا تحرق فى النار
نفس الشيئ يحدث بالنسبة للكلمات التى تستقبلها أذن الانسان .
بعضها يتسم بالحكمة فيثمر سلوكيات تتسم بالخير وتدعو اليه .
ولكن بعضها الآخر يتسم بالحماقة فيثمر سلوكيات تتسم بالشر وتدعو اليه .
والاعلام – بعد الأسرة - يمثل المصدر الأول للكلمات التى تطرق أذنى وتغزو عينى الانسان وتشكل سلوكياته .
ومن هنا تأتى أهمية الاعلام فى حياة الشعوب .
الاعلام بكل أشكاله المقروءة ( كالصحف) والمسموعة كالاذاعات) والمرئية ( كالتلفزيون والقنوات الفضائية والمواقع الالكترونية على النت ).
***
الأمر المؤسف أننا لم نفهم بعد - بالقدر الكافى – قيمة الاعلام فى حياتنا . ودوره فى التأثير على مجرى الأحداث من حولنا .
ولم نكتشف بعد- نفسيا- أن الكلمة السابقة يكون تأثيرها أقوى من الكلمة اللاحقة .
***
أوضح ذلك بالأمثلة من واقع الأحداث فى مصر بعامة . وما حدث للأزهر الشريف وشيخه الأمام الأكبر أحمد الطيب. وما حدث ولا زال يحدث بالنسية للأقباط فى مصر. فى وطنهم ووطن أجدادهم .
***
ففى الأزمة التى تعانى منها مصر فى الآونة الاخيرة ، والواقع الدموى الذى فرضه عليها الاخوان المسلمون والسلفيون وتيار الاسلام السياسى فى الداخل.
والمواقف السليبة لبعض قيادات الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبى ووسائل الاعلام بهما فى الخارج .
لقد سبق "اعلام الاخوان" "اعلام الدولة" الى هذه المواقع. وبث فى عقول شعوبها الأكاذيب. وقلب الحقائق . وقدم لهم الأرهابين القتله على أنهم الضحايا المقتولين !!!!!.
وأن ثورة ال 36 مليون مصرى الذين خرجوا – فى 30 يونيه . الى شوارع وميادين مصر ، بطول البلاد وعرضها ، يطالبون برحيلهم بعد عام الدمار الذى أحدثوه بمصر .
صوروا ذلك لأمريكا والغرب على أنه انقلاب على شرعية صناديق الانتخابات التى سبق أن قاموا بتزويرها .
وحينما تحرك الاعلام الرسمى المصرى مؤخرا لكشف هذه الأكاذيب . كانت الكلمة الاخوانية السابقة أقوى فى تأثيرها من الكلمة الرسمية التوضيحية اللاحقة .
وخلاصة ذلك أن الاعلام الرسمى المصرى لم يكن على مستوى الاحداث الارهابية التى وقعت فى مصر . ولا على مستوى المنافسة لاعلام الاخوان والتيار الاسلامى فى دول العالم .
***
وبالنسبة للأزهر الشريف وما تعرض له. وتعرض له شيخه الجليل الامام الأكبر أحمد الطيب ، حدث نفس الشيئ.
لقد فشل اعلام الأزهر وشيوخ مساجدهم فى أن يقدّموا التوعية الكافية لشباب المسلمين، لتوضيح الفرق لهم بين "صحيح " الدين وبين "الاتجار بالدين " .
وعدم الخلط بين "الأطماع السياسية لتحقيق مكاسب مادية" و "الممارسات الدينية الخاصة بعلاقة الانسان بربه "
وكانت النتيجة أن نجح "الاعلام الاخوانى والسلفى والجهادى" فى استقطاب من استقطبوا من الشباب . ويثوا فى عقولهم أفكارا مسممة و مغلوطة عن الاسلام .واتخذوا منهم عصا غليظة ضد الدولة ،وضد من يقف فى طريق تحقيق أطماعهم . ومؤخرا ضد مؤسسة الأزهر وضد فضيلة شيخ الأزهر نفسه.
ولم يفهم عقلاء المسلمين بعد أن هذه الحماقات حسبت على رصيد الاسلام نفسه كدين .
***
وفى الشأن القبطى .لم يفهم الأقباط بعد بالقدر الكافى قيمة وأهمية الاعلام القبطى لهم .
لم يفهموا بعد أن غياب أو ضعف الاعلام القبطى هو غياب لصوتهم فى الساحة العامة . وتهميش لدورهم فى صنع الأحداث . وضياع لحقوقهم المستباحة .
ويضيع حق ليس وراءه مطالب .
• لقد فشل الأقباط فى أن يكون لهم الحق فى بناء
كنائسهم بنفس التيسير الذى يبنى به المسلمون مساجدهم .
• لقد فشل الأقباط فى أن يجبروا الدولة على أن تعلن
الرقم الحقيقى الصحيح لتعدادهم. حتى لا تكشف الدولة لهم مواطن القوّة فيهم .
ولم يكن الاعلام القبطى من القوة بحيث يجبر الدولة على ذلك .
ولم يكن هذا الضعف الا بسبب المواقف السلبية من الأقباط فى دعم اعلامهم .
قال لى سامى عطوان صاحب ورئيس مجلس ادارة جريدة ( صوت المهاجر) الذى يصرخ منذ شهور من تعثره فى اصدار جريدته بانتظام لأسباب مالية ، أنه تلقى رسالة من " مليونيرة قبطية " (يعرفها هو ولم يذكر لى اسمها ) .أنها أرسلت اليه رسالة ومعها تبرع للجريدة وقدره ( خمسة دولارات أمريكية بالتمام والكمال ) . فقرر اعادتها اليها وشكرها عليها .
( وبناقص ثمن طابع بريد يضعه على أحد طرود المجلات التى يرسلها مجانا للكنائس .)
أما رجال الأعمال فأمر دعم الجريدة ووسائل الاعلام الأخرى لا يعنيهم .
وسبق أن قلت أنى أحزن كلما قرأت نداء استغاثة من قناة فضائية قبطية تعلن عن مديونياتها التى عليها أن تقوم بتسديدها حتى لا يتوقف بثها .
ولم يكن أمامى الا أن أقول : أيها الأقباط أنتم مسئولون عن هوانكم.
وللحديث بقية .