الأقباط متحدون - ما هو الحزب الديني؟
أخر تحديث ١٧:٠٤ | الخميس ٢٩ اغسطس ٢٠١٣ | ٢٣ مسري ١٧٢٩ ش | العدد ٣٢٣٣ السنة الثامنة
إغلاق تصغير

ما هو الحزب الديني؟

بقلم: إسماعيل حسني
لا شك أن قادة حزب النور يعرفون جيدا أن الزلزال الذي أطاح بأبناء عمومتهم الإخوان قد أطاح بتيار الإسلام السياسي كله وعلى رأسه حزبهم الميمون، ومع ذلك فإنهم يعيشون حالة من الإنكار تثير الشفقة من ناحية، وتضعف قدرة شباب التيار الإسلامي على استيعاب معطيات ثورة 30 يونيو والتفاعل معها من ناحية أخرى.
 
ولقد كان أحرى بقادة هذا الحزب إن أردوا الإستمرار في ممارسة العمل العام أن يعترفوا بالأمر الواقع، وأن يمارسوا نوعا من النقد الذاتي، وأن يعلنوا في شجاعة عن إجراء مراجعة شاملة لنظريات ودعاوى الإسلام السياسي، وعن تجميد نشاط الحزب إلى حين الإنتهاء من تلك المراجعة. 
 
إلا أنهم وربما بغريزة حب البقاء على شاشات الفضائيات يصرون على إنكار النتائج الماحقة لثورة 30 يونيو، ويتمسكون بكافة المقولات والشعارات التي ثبت تهافت أكثرها ورفض الأغلبية الساحقة من جماهير الشعب له، فيخرج علينا نادر بكار مؤكدًا أنهم أنشأوا حزبهم من أجل إقامة الشريعة الإسلامية وأنهم ماضون في نفس الطريق، ويؤكد شريف طه المتحدث باسم الحزب إصرار الحزب على المادة 219 السيئة السمعة والمحتوى والصياغة، وكأن الليلة مثل البارحة، وكأن شيئا لم يحدث على أرض المحروسة.
 
غير أن اللافت للنظر في حديث طه إلى جريدة المصري اليوم أنه لا يعترض على منع قيام أحزاب على أساس ديني لكنه يدعي أن حزب النور ليس حزبا دينيا، فالأحزاب الدينية عنده هى الأحزاب التى تشترط فى عضويتها دينا أو مذهبا معينا، وهذا تعريف منقوص للحزب الديني فضلا عما يتضمنه من تدليس على الرأي العام يجدر بنا تصحيحه حتى لا نؤتى من ذات الجحر مرتين.
 
فإذا كانت الوثائق الرسمية لحزب النور لا تتضمن نصا مكتوبا يشترط في أعضائه دينا أو مذهبا معينا إلا أن مرجعية الحزب الدينية بما تتضمنه من تكفير للأديان والمذاهب الأخرى، والإنتقاص من حقوق أتباع هذه الأديان والمذاهب في إقامة شعائرهم الدينية والدعوة لأديانهم ومذاهبهم والترشح للمناصب القيادية في الدولة، تجعل من المستحيل على أي مواطن لا يؤمن بمرجعية الحزب المذهبية أن ينضم لعضويته طوعا.
 
وإذا كان الحزب السياسي يعرف بأنه "تنظيم يضم مجموعة من الأفراد تجمعهم رؤى سياسية ومصالح مشتركة ويهدف إلى الوصول إلى السلطة من أجل تحقيق الصالح العام"، فالذي يجعل هذا الحزب مدنيا هو أن مرجعيته تتشكل من رؤى سياسية ومصالح اقتصادية يجمع حولها أفراد من أديان وأعراق وألوان مختلفة، ومن ثم فهو لا يفرق بين المواطنين على أساس الدين أو العرق أو اللون، كما يعترف لهم بنفس الحقوق والواجبات والتطلعات.
 
أما الحزب الديني فهو يرتد بالمجتمع قرونا إلى الوراء إذ يقدم الإنتماءات البدائية (الدين والعرق والقبيلة) على الإنتماءات الحضارية المدنية الحديثة (المبادئ والحقوق والمصالح) فيتخذ من الدين مرجعية له، ومن ثم فهو لا يعبر إلا عمن يتبع مذهبه الديني من المواطنين، وإذا قدر لهذا الحزب أن يصل إلى السلطة فإنه لن يستطيع أن يعبر عن كل المواطنين ناهيك عن قيادتهم، وهو ما حدث مع الإخوان.
 
كما أن اتخاذ أي حزب لمرجعية دينية يضع قيادة هذا الحزب بالضرورة في يد الكهنوت الديني القادر على تحديد صحيح الدين في كل مسألة مما يجعل منه حزبا دينيا صريحا دون أدنى شك. 
 
من هذا المنطلق يمكننا تعريف الحزب الديني بأنه "تنظيم يضم مجموعة من الأفراد تجمعهم رؤية دينية مذهبية واحدة، وتتولى قيادته مجموعة من فقهاء الدين، ويهدف إلى الوصول إلى السلطة من أجل تطبيق أحكام المرجعية الدينية للحزب بقوة القانون باعتبارها الطريقة الأمثل لتحقيق الصالح العام".
 
ومن ثم يصبح حزب النور وكافة الأحزاب ذات المرجعية الإسلامية أحزابا دينية صريحة، ويشكل استمراها وبقاءها أخطارا مؤكدة على الأمن القومي والسلام المجتمعي، ويجب أن يتم حلها وحظرها على الفور بموجب الدستور الجديد.

More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter