الأقباط متحدون - حقوقي فرنسي لـ«أولاند»: مرسي مطلوب للعدالة ولا أقبل أن تدافع بلدي عنه
أخر تحديث ٠٢:٤١ | الاثنين ٢ سبتمبر ٢٠١٣ |   ٢٧ مسري ١٧٢٩ ش   |   العدد ٣٢٣٧ السنة الثامنة  
إغلاق تصغير

حقوقي فرنسي لـ«أولاند»: مرسي مطلوب للعدالة ولا أقبل أن تدافع بلدي عنه


"باتريك ترولييه" مواطن فرنسي مقيم في القاهرة منذ عدة سنوات, عمل في منظمات دولية معنية بالتطوير و التنمية و حقوق الإنسان, و يبدو الرجل متابعا بدقه لكل تفاصيل المشهد السياسي في مصر ,بشكل يدفع للاعتقاد بأنه مصري أكثر منه فرنسي, و هو ما يظهر بوضوح في خطاب, مرتب الأفكار منمق الكلمات.
 
أرسله للرئيس الفرنسي "فرانسوا أولاند", وتم نشره على الموقع الرسمي لقصر الأليزيه (قصر الرئاسة الفرنسية),و عبر فيه عن امتعاضه ودهشته من تصريحات مسئولي بلاده و ردود أفعالها تجاه ثورة 30يونيو.
 
وفي السطور التالية نعرض نص الخطاب: "سيادة الرئيس فرانسوا أولاند، أتوجه اليوم إليك مباشرة, للتعبير عن غضبي تجاه مواقفكم من الأزمة التي تعيشها مصر، منذ عدة أسابيع.
 
قبل أي شيء، أود أن ألفت نظرك سيادتك إلى أنني مواطن فرنسي وفخور بكوني كذلك، أحترم القوانين والديمقراطية، ولست منتميًا لأي حزب سياسي، وأرفض التطرف أيًا كان توجهه، كما أكره العنف لأني أعتبر من يمارسه شخصاً بلا منطق وليس لديه حجه.
 
علماً بأنني محال على المعاش منذ بضعة أيام، وقد أمضيت الجزء من حياتي المهنية كخبير في مجال التنمية وحقوق إنسان، ولكني لم أعمل في أي منظمة حقوقية، وكانت مصر هي أخر بلد عملت به وساعدت فيه المهمشين والضعفاء، وفي إطار عملي في هيئات دولية مرموقة، عشت في مصر لفترة وعرفت شعبها عن قرب وأعرف كم هو شعب مسالم يرتبط به كل من يقترب منه، أقول لك ذلك فقط لتعرف أنني أشعر بآلام هذا الشعب وأستطيع أكثر من غيري تفهم دوافعه لهذا الفعل أو ذاك.
 
في الثورة الأولى عام 2011، صفق العالم الغربي بأكمله لتنحي مبارك حيث كان يعتبرونه طاغيه استبد بحكم مصر على مدار 30 عاماً، ولم يستفد من نظامه سوى فئة من المقربين، ولكن بالرغم من ذلك كان اقتصاد البلد في حالة جيدة من خلال بيع الطاقة للدول المجاورة وازدهار السياحة إضافة لنمو عدد من الصناعات المحلية، لم تكن مصر جنة في عهد مبارك ولكن على الأقل، كان المواطن يضمن قوت يومه وآمنا على نفسه فضلا عن توفر مستوى معقول من الصحة والتعليم لقطاع كبير من المواطنين.
 
في يونيو 2012 تم انتخاب محمد مرسي رئيساً للجمهورية في أعقاب انتخابات شهد لها العالم ومعه فرنسا بأنها ديموقراطية، ولكن على أي أساس شهدنا لها بذلك؟.
 
اليوم بات معروفاً أن تلك الانتخابات لم تكن سوى عرضاً حزيناً، كان الإخوان فيه بمثابة قائد الأوركسترا باعتبارهم الكيان الوحيد المنظم والأقدم على الساحة السياسية ولهم تواجد في أكثر من 80 دولة حول العالم، وفي المقابل كان النظام القديم المكروه شعبياً، وتيارات أخرى مشتتة لا تمتلك رؤية أو قائد أو مرجعية واضحة، هل كان هناك مراقبين دوليين لمتابعة سير الحملات الانتخابية؟ هل سمعت سيدي الرئيس عن شبهات التزوير التي طالت عملية التصويت؟ هل لفرنسا الحق في الشهادة "بالديمقراطية" لانتخابات صنعها وأشرف عليها حزب واحد اشترى الأصوات وسمح للناخب الواحد التصويت عدة مرات في لجان مختلفة؟.
 
عفواً ليس هذا مفهومي عن الديمقراطية وأخجل من أن فرنسا تعترف بهذا الشيء.
 
في نهاية 2012 اكتشف المصريون أن دخل السياحة تهاوى بنسبة 80 %، وارتفع معدل البطالة بشكل غير معقول وعصفت بهم مجموعة من الأزمات تمثلت في غياب رغيف الخبز والبنزين والدواء وانقطاع متكرر للكهرباء، وهروب المستثمرين وتراجع الاحتياطي النقدي ولجوء الحكومة لبيع أي مخزون من الذهب بشكل عشوائي، وبدا واضحاً أن مرسي ومرشده كانا مهمومين بتوفير الطاقة والدواء لأتباع حماس في غزة أكثر من انشغالهم بألف غزة وغزة داخل مصر.
 
شعب مصر خائف، جائع، اكتشف أنه ضحية وعود كاذبة، ولم يكن رد فعل الشعب تجاه ذلك سوى مطالبة مرسي سلمياً بتنفيذ وعوده، وكان رد مرسي أن أخرج لسانه للجميع، بل وأخلف وعده الواضح الصريح إبان حملته الانتخابية، بإعادة تشكيل الجمعية التأسيسية للدستور، ومرر دستوراً معيباً يسمح بزواج الفتاه من سن التاسعة من خلال نصوص زعم أنها مستمدة من الشريعة الإسلامية.
 
وأنا أربأ ببلدي، بلد حقوق الإنسان، من أن يكون لها تمثيل دبلوماسي في بلد بدستور كهذا، كما أخلف وعده الخاص بتعيين نائب قبطي ونائب امرأة، وتارة يرفض الحوار وتارة أخرى يستمع لمعارضيه بأذنيه ويظهر لهم التفاهم والتوافق بينما يداه تخطان قرارات تزيد الشارع والمجتمع انقساماً واشتعالاً، وبعدما فاض الكيل بالشعب المصري وجه إنذارا أخيراً لمرسي وجماعة الإخوان: إما التوقف عن تصرفاتهم والاستجابة للشارع أو ثورة تطيح بهم في الـ 30 من يونيو. إذا أين كنت سيدي الرئيس في هذا التوقيت؟ وما الذي كانت تفعله حكومتك؟ أظنك كنت تسمع وترى ولكنك لم تحرك ساكناً.
 
الكثير من الاعتصامات بدأت في أماكن متفرقه قبل 30 يونيو، وأصر مرسي على إغلاق عينيه وأذنيه ورفض كل دعاوي الحوار، فتصاعدت حدة المظاهرات المطالبة برحيل مرسي ومكتب الإرشاد من السلطة ولم يكن أمام الشعب سوى طلب مساندة الجيش للحماية من بطش الإخوان وردود أفعالهم الدموية.
 
ويجب أن نتذكر أن الإخوان، ومن أجل حماية تنظيمهم، قتلوا وزير الداخلية محمود فهمي النقراشي عام 1948، وقتلوا الرئيس السادات عام 1981، كما أن أيمن الظواهري الزعيم الحالي لتنظيم القاعدة خارج من عباءتهم.
 
في الثالث من يوليو تم خلع الرئيس مرسي بإرادة شعبيه أولاً ثم بتدخل الجيش ومعاونة الأجهزة الأمنية ثانياً، فبادرت أنت لوصف ذلك بالانقلاب العسكري، ومرة أخرى أسألك سيادة الرئيس: هل أنت واثق من مصادرك ومن تحليلاتك؟.
 
يجب أن تعلم أولاً أن الانقلاب العسكري هو الإطاحة بالحاكم والاستيلاء على السلطة، وهنا أسأل من جديد: هل استولى الجيش على السلطة؟ لا، ثم أن الشعب هو مصدر ذلك التحرك في الأساس، وهذا الفعل يسمى "ثورة" وليس شيئ أخر، فعلى فرنسا أن تعي جيداً عن أي شيئ تتحدث قبل أن تتحدث.
 
الشعب تصرف على هذا النحو لأنه شعر أن هناك من سرقه وخدعه، فلا يتم الاستماع له أو الاستجابة لمطالبة ولم يكن هناك من يهدأ روعه أو يطمأن مخاوفه، وتدخل الجيش والشرطة جاء بناء على طلبه، وليس بمبادرة منهما، كما أن الانقلاب العسكري لا يتم تحديد موعده ولا يسبقه طلبات للاستماع والتحاور تم تجاهلها جميعاً من قبل السلطة الإخوانية.
 
فرنسا، ومعها الكثير من البلدان الغربية، انتفضوا ضد هذا الفعل واصفين إياه بـ "منافي للديموقراطية"، وهنا أعود للتعريف الأشهر والأكثر شيوعاً لمصطلح الديموقراطية، ذلك التعريف المنسوب لإبراهام لنكولن الرئيس السادس عشر في تاريخ الولايات المتحدة (الديموقراطية هي حكم الشعب بالشعب ولأجل الشعب)، وأظنك تعرف هذا التعريف جيداً لأنه تم إدراجه في الدستور الفرنسي عام 1958، والديموقراطية ليست محصورة عند الذهاب لصندوق الانتخابات، ولكن الشعب الذي يعيش في ظل نظام ديموقراطي يظل يقيم ويحاسب الحكومة التي انتخبها باستمرار.
 
هل تعتقد سيادة الرئيس أن شعب جائع يعيش في ظل غياب أمني، وعدم توافر فرص عمل وانهيار اقتصادي، سوف يبقى هكذا للأبد دون أي ردة فعل؟.
 
لو أن إجابتك هي نعم فإنك بذلك ضامن وراعي للاستبداد، ولو أن الإجابة هي لا، فلماذا قامت فرنسا بتهنئة الشعب المصري بتنحي مبارك الذي لم تكن تبعات إدارته للبلاد بنفس التبعات الكارثية لإدارة مرسي، ثم تأتي أنت بعد كل ذلك لتنتقد ما حدث في 3 يوليو، ألا ترى في ذلك نوعا من التشتت الفكري؟ ألست ضحية معلومات منقوصة مغلوطة يقدمها لك دبلوماسييك بالخارج؟.
 
هناك انتقاد أخر من جانب فرنسا ودول أوروبية أخرى بخصوص شرعية مرسي وعدم شرعية عزله، وأظنك دون شك أن تعلم أن مرسي مدان بالتآمر مع حماس وحزب الله ومحكوم عليه بالسجن في تلك القضية، وكان مسجوناً في وادي النطرون وهرب من محبسه مستغلاً أحداث فوضى 25 يناير وكان معه 30 عضواً من جماعة الإخوان إضافة لعنصرين أحدهما من حماس بينما الأخر من حزب الله، ولقد استولى المهاجمون على كمية كبيرة من الأسلحة كانت في السجون ومنذ ذلك الحين والرئيس المعزول مرسي متهم بالتآمر مع حماس وقتل الجنود المصريين في سيناء، حسناً سيدي الرئيس هل أنت مستعد للدفاع عن شرعية مرشح تبحث عنه العدالة بتهمة القتل والهروب من السجن؟، هل هذا هو مفهومك عن الشرعية؟، شخصياً أرفض أن تكون بلادي، من خلالك، متبنيه موقف كهذا، فتلك ليست بلادي، هذه ليست فرنسا.
 
كل ما سبق ذكره يخص تاريخ قريب، أحداث الأشهر المنصرمة حديثاً إن شئنا الدقة، والأن دعني أنتقل إلى أحداث الأيام الأخيرة: عدة أصوات، من بينها صوتك وصوت وزير خارجيتك (لوران فابيوس)، وصوت السيد "كوشنير" (برنار كوشنير السياسي والطبيب الفرنسي المحسوب على اليسار، ومؤسس أطباء بلا حدود والذي شغل منصب وزير الخارجية في عهد نيكولا ساركوزي). تعالت بالإدانة ضد ما اعتبروته "قمعاً" و"حمام دم"، ومنع التظاهرات وأشعتم أن الجيش المصري هو من يقف وراء ذلك، والكل يسعى للحوار، هنا أيضاً أعود وأسألك: هل أنت متأكد من مصادر معلوماتك؟. 
 
الحوار، حسناً يا سيدي الإخوان مدعويين منذ الثالث من يوليو للإنضمام للحكومة الإنتقالية ولكنهم رفضوا رفضاً قاطعاً ووضعوا شرطاً لا تنازل عنه، وهو عودة محمد مرسي، دعني أسألك ولتسأل السيد "كوشنير": هل يمكن علاج مريض رغماً عنه؟ بالطبع لا، هل يمكن إجبار شخص على الحوار وهو رافض له؟ أيضا لا، هل يمكن إدماج جماعه في مجتمع وهي محتقره له؟ بالتأكيد لا.
 
الإعلان الدستوري الذي أصدرته الحكومه المؤقته تم استقباله بإرتياح بالغ من قبل الأزهر والكنيسة وشباب الثورة والمستقلين والسلفيين وكل الأحزاب السياسية ولم يعترض عليه سوى جماعة الإخوان.
 
القمع لم يحدث والحكومة المؤقتة ظلت تطالب على مدار ثلاثة أسابيع بضرورة فض الاعتصام ذاتياً وإن لم يحدث فقوات الأمن ستكون مضطرة للتدخل.
 
ما يجب أن تعرفه عن اعتصام رابعه العدوية بمدينة نصر، وبغض النظر عن إغلاق الطرق وإعاقة حركة السير مما تسبب في تكدس مروري غير طبيعي أثر على حركة السيارات في كل القاهرة ذات الـ 25 مليون نسمة، فإن هذا الاعتصام تسبب في فوضى مريعة في أحياء مدينة نصر كافة، وأصبح سكان تلك المنطقة أسرى في بيوتهم وعرضه لضغط هائلة لا يمكن تحملها: أبسطها المعاناة في شراء حاجتهم الأساسية من طعام وشراب، فضلاً عن اقتحام المعتصمين لحياتهم الخاصة وتفتيشهم ذهاباً وإياباً بشكل مهين، واستيلائهم على شقق وحدائق الأدوار الأرضية وتحويلها لمراحيض عمومية، فضلاً عن حوادث اغتصاب وضوضاء الميكروفونات على مدار الساعة، وخيم تم نصبها خصيصاً لتعذيب كل من اشتبهوا في أنه يخالفهم الرأي، تعذيب أفضى لموت 11 شخصاً سيدي الرئيس ويمكنك أن تتأكد من ذلك بنفسك من خلال تقارير رسمية لمنظمة العفو الدولية. 
 
في بداية المناوشات بين الشرطة والمعتصمين، كان كم من المعلومات المضللة يصل لوسائل الإعلام الغربية مقدماً وقبل حدوث أي صدام فعلي، عن طريق مجموعة من الإعلاميين "الإخوان" والذين يجيدون الإنجليزية بشكل جيد، وتم بالفعل عرض الكثير من الفيديوهات لما زعموا أنه جثث لعناصر من الإخوان لنكتشف فيما بعد أن تلك الفيديوهات في سوريا وليست في مصر.
 
زعموا أن قوات الأمن المصرية أطلقت عليهم النيران بينما هم يصلون، بينما لم تكن ساعة الصدام عند الحرس الجمهوري متزامنة مع أي من الصلوات الخمس، إضافة إلى أن الجثث التي تم عرضها ولم يتم التحقق من هويتها ولا من سبب وفاتها، كان أصحابها يرتدون أحذية وهو ما يعني منطقياً أنهم لم يكونوا حاضري صلاة!.
 
في بعض الفيديوهات الخاصة بأحداث الحرس الجمهوري أيضا، يظهر عدد من عناصر الإخوان ومعهم فوارغ طلقات حية لمدافع ثقيلة مدعين أنه بتلك الطلقات تم قتل رفاقهم، والسؤال المنطقي هنا: كيف أطلق جنود الجيش المصري هذه الطلقات بينما فوارغها وصلت لأيدي المعتصمين؟! المعروف أن الفوارغ تسقط تحت قدم الجندي الذي يطلق الرصاص ويمكنك أن تسأل في ذلك أي عسكري.
 
بعد عدة نداءات وتحذيرات بتدخل قوات الأمن إن لم يتم فض الاعتصام تلقائياً، كان من الطبيعي، وأمام عصيان المعتصمين ولكي لا تفقد الحكومة الانتقالية مصداقيتها أمام الشعب، أن تعطي أمرا لقوات الأمن بالتدخل، هكذا هو الإجراء الطبيعي في أي بلد، تخيل سيدي الرئيس أن يقوم عدد من المعتصمين بنصب خيامهم أمام قصر الأليزيه وأن يعطلوا حركة المرور وأن ينغصوا حياة الأحياء المحيطة، هل تتخيل ألا تبادر قوات الأمن لإعطائهم مهلة لفض هذا الإعتصام في أسرع وقت ممكن؟ وفي حال لم يفلح ذلك مع المعتصمين؟ هل تعتقد أن الأمن لن يعبأ قواته ضدهم؟.
 
وإذا ما أخرج معتصم واحد فقط سلاح ناري وأطلق منه تجاه قوات الأمن هل على تلك الأخيرة الرد بإلقاء الورود عليهم؟!. إذا ما تم محاصرة أحد المجانين المسلحين من قبل قوات البوليس وأطلق من سلاحه النار على قوات الأمن، ما الذي يتعين عليهم فعله؟.
 
هل تتذكر محمد مراح (فرنسي من أصول عربية ارتكب سلسلة من جرائم القتل لثلاثة شرطيين و4 أطفال في مدينة تولوز الفرنسية في مارس 2012)، حينما حددت قوات الشرطه مخبأه وحاصرته أطلق عليها النار فردت عليه وأردته قتيلاً. هل تتذكر هدم خيم اعتصام الفرنسيين من أصول هنديه في "سان دوني" (أحد الضواحي الباريسية) بالبلدوزرات تحت إشراف أجهزة الأمن؟ هل لو كان أحدهم أطلق النار على البوليس أثناء فض الاعتصام، كنا سنكافئه بنوط الشرف؟! بالطبع لا سيدي الرئيس.
 
في حالة فض اعتصام رابعة، كان الموقف مشابهاً من حيث أنه اعتصام في مكان حيوي، ثم نداءات متكررة من رجال الشرطة من المعتصمين بإخلاء المكان، ومع استجابة البعض وعدم استجابة البعض الأخر، بدأت قوات الداخلية تتعامل بشكل لم يوحي بأي نية في إراقة الدماء، ولكنهم فوجئوا بمقاومة غير سلمية على الإطلاق لدرجة ظهور أسلحة حربية، وأطلقوا الرصاص الحي على الشرطة ووابل من قنابل المولوتوف واتخذوا من النساء والأطفال دروعاً بشرية!!.
 
المتحدث بإسم جماعة الإخوان صرح ليلة الخميس 15 أغسطس أن الهجوم على الإعتصام كان عنيفاً ومفاجئاً لدرجة أن مكتب الإرشاد وجد نفسه غير قادر على السيطرة على ردود أفعال المعتصمين، مفاجئاً؟! بعد ثلاثة أسابيع من التحذيرات، يقول مفاجئاً؟.
عنيفاً؟ كيف ولم تطلق دبابة واحدة الرصاص بينما المعتصمون استخدموا طلقات حية.
 
الجمعة 16أغسطس، كان لدى جماعة الإخوان الفرصة في سحب عناصرها من الشوارع عقب صلاة الجمعة مباشرة، ولكنهم حرضوا على التظاهر بشكل يومي دفاعاً عن "شرعية" مرسي وقالوا لأتباعهم: على كل فرد منكم القتال حتى الموت، أتلك لغة تسامح وانفتاح وسلام؟ أشك.
العديد من الأشخاص لجأوا لمسجد الفتح الذي انطلقت منه مقاومة عنيفة ضد قوات الأمن، وبعد تبادل إطلاق نيران لعدة ساعات تمكنت قوات الأمن من القضاء على المسلحين، ثم دخلوا المسجد لتحرير رهائن محتجزين رغماً عنهم، إما خوفاً من الرصاص المتطاير أو إجباراً من الإخوان. 
 
 وحينما خرج الإخوان من المسجد كانت عناصر الأمن تحميهم بأجسادهم، خوفاً من بطش سكان رمسيس بهم عقاباً لهم على تسببهم في يوم دام مليء بالفوضى، وحينما فتح مسلحون النيران، من أعلى مئذنة المسجد، على قوات الأمن والجماهير المحتشدة، كان لزاماً على قوات الداخلية معززه بقوات الجيش التدخل من أجل التعامل مع مصدر النيران.
 
حمام دم؟ نعم يمكنك قول هذا ولكن من المسئول عنه؟ انتبه لكي لا تصدر حكماً متسرعاً مستنداً إلى صحفيين يبحثون عن إثارة المشاعر أو إلى إحصاءات حقوقيين يستمدون معلوماتهم من الجماعة فقط.
 
ماذا تقول إذا عن ضباط بوليس تم تعذيبهم ثم قتلهم وإلقاء جثثهم كالقمامة أمام أقسام الشرطه؟
 
في الثامن عشر من أغسطس أعلن وزير التضامن الإجتماعي أحمد البرعي أنه قد اتخاذ كافة الإجراءات القانونية لحل جماعة الإخوان المسلمين، ثم أضاف أن ذلك بات واجباً قانونياً بعد الأعمال الإرهابية التي تورطت بها.
 
سيدي الرئيس، لقد اتخذت قرار منذ عدة أشهر بالتدخل العسكري في شمال مالي من أجل تحريره من سيطرة عناصر تنظيم القاعدة في بلاد المغرب العربي المرتبط بتنظيم القاعدة.
 
ولقد قبلت أنا كمواطن بقرارك هذا من منطلق مواجه العنف، وأنت هنا استجبت لطلب مساعدة من حكومة مالي لعلاج مشكلة تمتد خارج نطاق حدودها وقدرتها على التصرف، ولن يكون لها حل جذري لو تركنا مالي وحدها تواجهها.
 
اليوم مصر وحدها تواجه مشكلة داخلية ولم تطلب العون من الخارج.
 
لا تحكم بأن المسئولين عن السلطة اليوم في البلاد كلهم ظالمون.
 
غالبية وسائل الإعلام تركز على أن مسجد ما، وهو مكان مقدس للصلاة، تم اقتحامه من قبل قوات الأمن، حسناً كم من كنيسة أحرقت منذ بداية الثورة؟ هل تحدث عن ذلك أحد؟ لا.
 
صحيح أننا اليوم في فرنسا نهدم الكثير من الكنائس التي تزين مدننا وقرانا، علماً بأن بعضها متاحف تاريخية بالفعل، بحجة أن صيانتها تكلفنا الكثير، ولكننا في الوقت نفسه نبني الكثير من المساجد، هل تكلفنا صيانتها أقل مما تكلفنا الكنائس؟! أم أننا نتحمل الكثير من التأثيرات الخارجية لتغيير معنى كلمة "علمانية"؟. ربما الأمر مجرد حساب أصوات انتخابية؟ (تلميح إلى محاولة كسب عطف رضاء المسلمين في فرنسا البالغ عددهم ما بين 10 و12مليون نسمة)، أم أنه الخوف من مضايقة بعض الجماعات وبعض الأشخاص؟.
 
الأردن والمملكة العربية السعوديه والإمارات والكويت والسلطة الفلسطينية، أعلنوا جميعاً مساندتهم للسلطة المصرية الجديدة ودعمهم قرارها بإبعاد جماعة الإخوان عن المشهد السياسي في مصر، أما أنت فمن جانبك دعوت دول الإتحاد الأوروبي للعاصمة البلجيكية بروكسل للتباحث في شأن المساعدات التي يمنحها الاتحاد لمصر، وتلك مبادرة جيدة بشرطين: الأول لا تخطئ الهدف وبالتالي يجب عليك احترام الشعب المصري وحريته في التعبير الديموقراطي (وليس ذلك الشو الديموقراطي الهزلي الذي حدث في صيف 2012)، الشرط الثاني: قدم للبلد ما هي تحتاجه فعلا من أجل إعادة البناء، أخذاً في الاعتبار مبادئ الحرية والأخوة والمساواة (شعار الجمهورية الفرنسية) الذي يجعل فرنسا في المكانة التي هي عليها الأن وبما تمثله للعالم، ولتأخذ في الإعتبار أيضاً كل المبادئ المنصوص عليها في اتفاقيات الاتحاد الأوروبي.
 
ودون أن أزعم أني أسدي إليك النصح أطالبك بالاطلاع على رسالة الأب "هنري بولاد" (مسيحي مصري من أصل سوري يعمل مديراً لمركز الجيزويت بالإسكندرية) والذي كتب خطاباً أذاعه راديو كندا حذر فيه دول الاتحاد الأوروبي من مغبة مساندتهم للإخوان في مصر. فلتستمع لوجهة نظر الكنيسة الأرثوذوكسية والبابا تواضروس.. فلتقرأ خطاب د. بطرس بطرس غالي (وزير الخارجية المصري في الفترة من 1977 إلى 1991، وفي الأول من يناير عام 1992 تم انتخابه أميناً عاماً للأمم المتحدة لمدة خمس سنوات) الذي شرح فيه الموقف في مصر لـ "بان كي مون" الأمين العام الحالي للأمم المتحده.
 
لا تشك في الفائدة التي ستتحصل عليها من اطلاعك على تلك المراسلات، واعتمد على موضوعيتك في تقييم التفسيرات المغلوطة في طريقك لإثبات الحقيقة.
 
فلتتقبل مني سيدي الرئيس وافر الاحترام والتقدير.

More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
تنوية هام: الموقع غير مسئول عن صحة أو مصدقية أي خبر يتم نشره نقلاً عن مصادر صحفية أخرى، ومن ثم لا يتحمل أي مسئولية قانونية أو أدبية وإنما يتحملها المصدر الرئيسى للخبر. والموقع يقوم فقط بنقل ما يتم تداولة فى الأوساط الإعلامية المصرية والعالمية لتقديم خدمة إخبارية متكاملة.