بقلم : مايكل ماهر عزيز
الانغلاق علي الذات لا يصنع النجاح
جيد للمرء أن يكون له أصدقاء من مختلف الجنسيات ، فهذه ميزة قد لا يجدها إلا القليل منا فى بلادهم المنغلقة علي ذاتها ، ولذلك الانغلاق عدة عوامل كثيرة قد تورثناها نتيجة المشكلات المتراكمة التي حدثت ببلادنا كحروب أو غزوات ومؤمرات ، وكل ذلك يشعرنا بالاستهداف وهو ما نراه يهدد كياننا الوجودي والايماني .
وهذا الامر جلعنا نخسر ولا نستفاد شيئاً ، لسبب واحد وهو عدم التواصل مع تلك الشعوب التي نهضت ببلادها وأصبحت دولاً عظمي رغم صغر حجمها ، وأيضا لعدم الاستفادة من تجارب الشعوب التي خسرت أوطانها وتحولت من دول كبيرة ذات شأن الي دول لا قيمة لها ويرثي لحالها .
من خلال تجربتي بالاقامة فى السويد ، قد أتاحت لي الظروف بأن أتواصل مع مختلف أنواع الشعوب ورائيت كم وصل الانفتاح والتواصل مع الاخرين في هذا البلد وكل ذلك أجل تقدمه ونجاحه ، فيوجد بالسويد وحدها أكثر من مليوني مهاجر من مختلف الجنسيات ، فمن تلك الجنسيات المختلفة من ترك بلادهم طلباً للجوء أو بحثاً عن عملاً أفضل أو تخلصاً من بلداً لا يريد الانسان العيش فيه ، ومن ضمن هؤلاء كما تحدثنا كانت بلادهم من الدول الكبيرة وأصبحت الان إلى دول يرثي لها .
ومن هذه الدول التي تعرفت علىها من بعض ابناءها هنا بالسويد هم اليوغسلافيين أو دولة يوغسلافيا سابقاً والتي كانت تعتبر كياناً فيدرالي يضم قوميات ومذاهب عدة وأصبح ذلك الكيان عدة دول وهى " دولة كروتيا والبوسنة والهرسك ودولة مقدونيا ودولة صربيا ودولة سلوفينا ودولة الجبل الاسود وأقليم كوسوفو " !!
هل تتخيل عزيزي القارئ ان كل تلك الدول كانت ذات يوم دولة واحدة في يوماً من الايام !!
هنا كان سؤالى لإبناء تلك الدولة المنقسمين كيف ولماذا إنقسمت بلادكم ؟
اجابني صديقاً من صربيا ويدعى نيكولاس وهو رفيقي بالدراسة وكان يلقي اللوم كله علي الولايات المتحدة الامريكية والاوربيين الذي لا يزال يراهم بأنهم السبب الرئيسي في انقسام بلده معتقداً بأن جوهر الاستراتيجية الأميركية الاوروبية في فترة مابعد الحرب الباردة هو ضمان عدم ظهور أي قوى عظمى منافسة في أوروبا أو آسيا أو أراضي الاتحاد السوفييتي سابقاً وبحسب وثيقة سرية أميركية فإنها تضع إطاراً لعالم تهيمن عليه قوة وحيدة من خلال سلوك وبناء قدرة عسكرية تمنع أي أمة أو مجموعة أمم من تحدي التفرد الأميركي .
فكانت يوغسلافيا الشيوعية حينها تمثل خطراً حقيقياً علي طموحات امريكا خاصة مع قرب أنهيار الاتحاد السوفيتي ، فبعد وفاة الجنزال تيتو والتي كانت دولته متماسكة في حياته تلاعب الغرب والامريكان بمصير تلك الدولة وجري تقسيمها واضعافها عبر الحروب الاهلية والانشقاقات وكان الاوربيين يشجع الفريق المؤيد إلي الاستقلال وانقسام الدولة إلي دويلات أما أمريكا فكانت تلعب دور الفريق الذي يشجع وينادي بوحدة البلاد ، وكان كل هذا مجرد خدعة لتدمير البلاد وجرها في مستنقع الحرب والدمار ، وبالفعل دمرت الحرب الاهلية عام 1992 كل يوغسلافيا وتحولت من دولة عظمى ذات سيادة إلي دولة مفككة ومنهارة إلي سبع دويلات وهى :
1- صربيا
2- كرواتيا
3- البوسنة والهرسك
5- سلوفينيا
6- الجبل الاسود
7- مقدونيا
8- أقليم كوسفو وهو اقليم تحت إدارة الامم المتحدة حالياً .
الربيع العربي اليوغسلافي :
من خلال قرائتي لتلك التجربة المريرة التي عاشها أبناء الشعب اليوغسلافي المقسم رغبةً من الغرب ،فقد اتضحت لي بعض الامور الرهيبة وانتبهت إلي مخيلتي الرسالة التى وصلتني من صديقي الصربي ، وهو أن السيناريو الذي اعدته امريكا والاتحاد الاوروبي ليوغسلافيا سوف تعيده الان بشكلاً أو بأخر لتطبيقه في الدول العربية ، التي يراها الغرب علي انها منبع الارهاب العالمي ، فباتو الان يتخلصون من انظمة الزعماء الديكتاتوريين أمثال " تيتو " الذين رغم ديكتاتوريتهم وقمعهم لشعبهم إلا انه يحسب لهم بأنهم حافظو علي وحدة شعبهم وعدم تقسيم أرضيهم إلي دويلات صغيرة ، عكس الانظمة الاسلامية التي تتقاتل الان مع أبناء شعوبها في كل من مصر وسوريا وتونس واليمن والسودان الذي تم بالفعل تقسميها إلي دولتين ،
وكل ذلك يتم تحت لعبة الحرية والديمقراطية التي تروجهما امريكا للشباب العربي والتي نجحت في تدريب الشباب المصري والعربي الذي ينقسم إلي فريقين ، فريق منهم متواطئ وعميل يعمل من أجل مصالحه الشخصية وفريق آخر مغيب وواهم يمشي خلف شعارات أمريكا المزيفة .
وكان نتيجة ذلك تسمية أمريكا والغرب بما يحدث بالدول العربية من حروب اهلية بمصطلح : الربيع العربي !!
هذا الربيع العربي الذي خدع به الغرب وامريكا الشباب العربي المغيب تحول إلى خريف تتساقط فيه البلدان العربية وتحول إلي ربيع عربي يوغسلافي جراء الانقسامات والحروب من أجل السلطة وكانت النتيجة التي أرادها الغرب هو تساقط وانهيار الدول العربية واحدة تلو الاخري .
ومن نتائج ثورات الربيع العربي اليوغسلافي :
1- تدمير الجيش الليبي .
2- تدمير الجيش العربي السوري .
3- تحييد الجيش اليمني .
4- مقتل أكثر من 200 الف عربي .
5- تدمير اقتصاد 5 دول عربية نتيجة التظاهرات والاحتجاجات اليومية .
6- مقتل رئيس دولة عربي بواسطة قوات أجنبية .
7- مطالبة الحوثيين باليمن بالاستقلال عن وطنهم واقامة دولة لهم .
8- هروب ولجوء أكثر من 150 ألف من مسيحيي الدول العربية .
9- حرق وتدمير أكثر من 100 كنيسة في مصر وسوريا .
10- أغتيال الشخصيات السياسية الوطنية في كل من سوريا وتونس .
11- هروب ولجوء أكثر من مليوني سوري خارج سوريا .
12 هروب ولجوء أكثر من عشر ملايين سوري داخل وطنهم .
13- تدمير وإحراق أغلب البني التحتية في المدن السورية .
14 تقسيم سوريا إلي عدة دويلات " دولة علوية ودولة سنية ودولة كردية " .
السؤال هنا :
متى سوف يستفيق العرب ؟؟
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع