الاربعاء ١١ سبتمبر ٢٠١٣ -
٠٤:
٠٤ ص +02:00 EET
سيدة الامواج
كتب : مينا ثابت
لم تترك " سيدة الامواج " مقرها بدير الراعى الصالح للراهبات الكاثوليك بالسويس الا مرة واحده من قبل، فى اعقاب حرب سنة 1967 مع العدو الصهيونى وذلك فى اثناء تهجير سكان مدن القناة، وحده العدو الصهيونى هو الذى اجبر الراهبات على ان يقوموا بنقل تمثال " سيدة الامواج " من السويس للقاهرة عام 67 ، و لكن لم يكن العدو الصهيونى وحده هو الذى اجبر الراهبات على الهرب مع التمثال الى القاهرة، بل ايضاً هجوم انصار الرئيس المعزول محمد مرسى من جماعة الاخوان وغيرها من التيارات المتطرفه على دير راهبات الراعى الصالح بالسويس فى صباح يوم الرابع عشر من اغسطس لعام 2013 و الذى تلى فض قوات الامن لاعتصامى رابعه العدوية و النهضه.
نعم العدو الصهيونى و الجماعات الاسلامية المتطرفه هى من اجبرت " سيدة الامواج " على ترك السويس، ذلك التمثال الذى يرجع تاريخه الى مطلع القرن التاسع عشر و تحديداً عام 1890 , حيث وجد طافياً على سطح الماء بأحدى شواطئ " بور توفيق " بعد غرق سفينة ايطاليه فى المياة الاقليمية المصرية، فقام بجلبه بعض الصيادين للشاطئ حتى يجدوا انفسهم امام تمثالاً للسيدة العذراء و هى تحمل الطفل يسوع المسيح، مصنوعاً من الكرتون المضغوط و ارتفاعه يبلغ ما بين 180 الى 200 سم. و العجيب فى الامر انهم لم يجدوا ان التمثال قد تأثر بعوامل مياة البحر او حدث له اى ضرر, فأودعوه لدى اسرة تقية متدينة و التى وضعته فى مكاناً متميزاً فى بيتها، ولكن ما ان مضى الليل و اضحى الصباح، حتى وجدوا ان التمثال قد اختفى، و بعد بحث و تدقيق وجدوه مرةً اخرى عائماً على وجه المياة فى نفس مكانه الذى وجدوه فيه فى بادئ الامر، فحينها ادركوا انه ليس من المقدر للتمثال ان يوضع فى المنازل فقاموا بأيداعه بدير راهبات الراعى الصالح بالسويس حيث استقر التمثال لقرابة الـ 120 سنة تتوارثه اجيال الراهبات و تتشفع بصاحبته.
عاينت اقباط متحدون موقع التمثال الذى تم ايداعه بالقاهرة بمنطقة شبرا الان و ذلك بعد اعتداء مليشيات الجماعات المتطرفه على دير راهبات الراعى الصالح بالسويس يوم 14 اغسطس، و كانت الراهبات قد اعدت غرفه زجاجية مخصصه للتمثال بأرتفاع يقارب المترين داخل كنيسة الدير حيث يتقدم المصليين و اصحاب الطلبات بزيارة التمثال و الحصول على البركة منه.
كانت ملامح البهجة و الفرحه تعم وجه رئيسة الدير " سير امال " ، الراهبة العجوز صاحبة القلب الذى ينضب بالحياة المليئ بالسلام الداخلى و الابتسامه التى لا تفارق وجهها الجميل، حيث رافقت اقباط متحدون لتوضح لنا آثار الاعتداء على الدير، لم يكن الفرحه بالسواد و الحطام الذى ملئ ارجاء الدير الاثرى, بل كانت من اجل انحصار الخسائر بكونها مادية فقط و لكم تكن هنالك اية خسائر فى الارواح، مرددين بشكل دائم : " الحمد لله .. محدش مات " ، و كانت الفرحه الاكبر و التى عايناها هى ان التمثال سليم و لم يمسه اذى، الامر الذى مّثل فرحه عارمة تجاه نجاحهم فى " انقاذ " جذء من التراث البشرى لا من ايدى محتلٍ او عدو بل من ايدى بعض المتطرفين الذين يعيشوا على ارض هذا الوطن و ينعموا بخيراته.
نعود لنرى ان وسط كل هذا الحزن و الاسى الذى عم ارجاء الدير الذى اعتاد ان يكون عامراً بأطفال الملجئ، و المدرسة التى كانت تستقبل الاطفال من سن ما قبل الدراسة و حتى اتمام الشهادة الابتدائية، نرى بصيص من الامل فى اعادة البناء مرة اخرى و رجاء قائم فى الله ان يعود الامر افضل مما كان عليه فى السابق, و ان يعود التمثال مرة اخرى كما عاد للدير فى عام 1976 بعد انتهاء الحرب و انتصار مصر على العدو الصهيونى آن ذاك، و هم ينتظرون الان ان تتنتصر مصر مجدداً على العدو الارهابى كى يعود التمثال الى مكانه الاساسى مرة اخرى.