الأقباط متحدون - زوبعة «زوبع»
أخر تحديث ٠٢:٥٢ | الجمعة ١٣ سبتمبر ٢٠١٣ | توت ١٧٢٩ ش ٣ | العدد ٣٢٥٠ السنة الثامنة
إغلاق تصغير

زوبعة «زوبع»

 سعد هجرس
سعد هجرس

مقال القيادى الإخوانى، الدكتور حمزة زوبع، المنشور مؤخرًا على بوابة حزب «الحرية والعدالة»، يبدو للوهلة الأولى تطورا دراماتيكيا فى الموقف السياسى لجماعة «الإخوان».

وما خلق هذا الإنطباع هو أن المقال تضمن اعترافًا «نادرًا» بالخطأ، وعرضًا لـ«هدنة» من أجل «التقاط الأنفاس»، وربما أيضًا لتحقيق «مصالحة وطنية».
وهذا بلا شك تطور مهم لا يجب تجاهله، لكن الانطباع الذى يلوح فى الأفق للوهلة الأولى سرعان ما يخبو ويتلاشى مع إمعان النظر فى سطور المقال.
صحيح أنه يعترف بالخطأ قائلاً: «إننا كحزب وجماعة، كحكومة ورئاسة، أخطأنا»، لكنه سرعان ما يضيق دائرة هذه الأخطاء ويقصرها على خطأين لا ثالث لهما، فيقول: «الخطأ الكبير هو أننا .. وقعنا فى فخ الانفراد بالحكم»، أما الخطأ الثانى فهو السماح للبعض «باعتلاء منصات الاعتصام متفوهًا بعبارات قوية لا تحتمل اللبس من فرط خشونتها ومن قوة تحريضها وعنف دلالاتها».

وحسنًا أن يعترف الدكتور زوبع – وغيره من قيادات الإخوان بذلك – لكن أخطاءهم لا تقتصر على ذلك، بل إن قائمتها طويلة وحافلة، بدءًا من خطيئة الإعلان إياه المسمى بـ«الدستورى»، والعدوان مع سبق الإصرار والترصد على القانون والقضاء والقضاة، والتنطع على أحد أهم المناصب فى ساحة العدالة وهو منصب النائب العام، والتطاول على كل مؤسسات الدولة الوطنية وهيئاتها، من جيش وشرطة وإعلام وثقافة وغيرها، وتهديد وحدة التراب الوطنى، وفتح الأبواب أمام جماعات الإرهاب المصرية وغير المصرية لاستيطان سيناء وتحويلها إلى وكر لأعمالهم الإجرامية برعاية رئاسية وإخوانية، فضلاً عن تشجيع التطرف وإزكاء النعرات المذهبية والطائفية التى لم تقف عند حدود الأفكار بل تحولت إلى ممارسات دموية كريهة سممت آبار الوحدة الوطنية والسلم الأهلى.

كل هذا غيض من فيض تجاهله الدكتور زوبع عامدًا متعمدًا وحتى الجزء الضئيل الذى اعترف به لم يسلم من التبرير، فهو – مثلاً – عندما يعترف بإقصاء الآخرين والانفراد بالحكم يستدرك قائلا إن ذلك حدث اضطرارًا «بعد أن تركنا الآخرون»، وعندما يعترف بجانب ضئيل من خطايا منصات الاعتصام يستدرك قائلا إن ذلك وقع «بدون إرادة»!

والأخطر من التبرير هو إنكار ما هو معلوم من ممارسات «الإخوان» بالضرورة، من ذلك قوله «أخطأنا نعم سواء ونحن فى الحكم أو بعدما أجبرنا على تركه.. لكننا لم نلجأ إلى عنف ولم نستخدم السلاح»!

مثل هذا الكلام ينطوى على احتقار لعقول المصريين الذين رأوا بعيونهم إرهاب الإخوان وحلفائهم، سواء فى سيناء أو فى الوادى.
وينطبق نفس الشىء على دعوة الدكتور زوبع «البريئة» لكل القوى السياسية بعدم استدعاء القوى الأجنبية، بينما توجد مئات الوقائع الموثقة التى تبرهن على إدمان «الإخوان» الاستقواء بالخارج، بما فى ذلك استنجاد بعضهم – علنًا – بقوات «الناتو» والأمريكان، فضلاً عن الدور الذى يلعبه التنظيم الدولى للجماعة فى تأليب دول العالم على مصر!

وكل هذا يعنى أن النقد الذاتى المطلوب من جماعة الإخوان، واعتذارهم الواجب لقواعدهم التى تم التغرير بها وتعريضها للقتل والإيذاء، وللوطن الذى تم إلحاق أبلغ الضرر به على يد الجماعة أثناء حكمها البلاد وبعد سحب الثقة منها بإرادة الملايين، ما زال بعيد المنال، وأن مقال الدكتور زوبع – مع افتراض حسن النوايا - ليس سوى زوبعة فى فنجان.

نقلا عن الدستور


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع