الأقباط متحدون - مشاركة الفضائيات في الثورة الثقافية
أخر تحديث ٠١:٢٠ | السبت ١٤ سبتمبر ٢٠١٣ | توت ١٧٣٠ ش ٤ | العدد ٣٢٥١ السنة الثامنة
إغلاق تصغير

مشاركة الفضائيات في الثورة الثقافية

مؤمن سلام
 
كان التلفزيون في السابق يعمل على تثقيف المشاهدين، بالإضافة إلى نقل الأخبار والترفية عن المتفرجين. ولكن من الملاحظ أن في العقود الأخيرة ومع ظهور الفضائيات اختفاء الدور التثقيفي للتليفزيون وأصبحت الفضائيات تكتفي بنقل الأخبار وتحليلها والترفية. وحتى في هذين المجالين يلاحظ التدهور الشديد في الأداء ووصول جزء الترفيه إلى مرحلة الإسفاف والتركيز على نوع واحد من الفنون وهو التمثيل من خلال عرض الأفلام والمسلسلات التى يمكن قول الكثير في نقدها. والجانب الإخباري أيضا لا يخلوا من عيوب شديدة تتعلق بطريقة عرض الأخبار وتحليلها، فكما أن تقديم رأى واحد فقط حول الموضوع تحيز، كذلك عرض مئات الآراء المتضاربة والمتناقضة هو أيضا خطأ يؤدى إلى ضياع المشاهدة في دهاليز الآراء الكثيرة المتضاربة.
 
أما الجانب التثقيفي والتنويري الذي كان يقوم به التلفزيون فقد اختفى تماما مع ظهور الفضائيات المملوكة لرجال الأعمال والذي يطغى عليهم جانب الربح المادي على حساب أي شيء أخر. فكان اختفاء أي برامج ثقافية وفنية راقية من على شاشات فضائياتهم. والتي أصبحت برامجها تتراوح بين برامج صراع الديوك المسماة زورا وبهتانا "مناظرات" وهى لا علاقة لها بالمناظرات من قريب أو بعيد، أو برامج توك شو، لا تفعل شيء إلا إعادة نفس الكلام لنفس الموضوع وفى كثير من الأحيان بنفس الأشخاص. فقد اصبحت البرامج ترتبط بالقدرة على تسويقها وحجم الإعلانات التى تصاحبها، وكلما زادت إعلانات البرنامج كلما تم تصنيفه فى البرامج الناجحة وزاد سعر مقدم البرنامج في سوق المذيعين. فأصبح المعيار الوحيد لإذاعة البرامج هو مدى ربحيتها، فتحول التلفزيون إلى سوق والبرامج والمذيعين إلى سلع من يجذب إعلانات أكثر يرتفع سعره وإلا انخفض السعر وربما خرج من السوق تماما.
 
وبما أن الثقافة والفنون والآداب مواد غير مربحة فقد اختفت تماما من شاشات فضائياتنا. فلم نعد نرى برامج علمية مثل عالم البحار وعالم الحيوان وبرامج تبسيط العلوم والتكنولوجيا، ولم نعد نرى برامج تستضيف كبار المثقفين والمفكرين لمناقشتهم في أمور الفكر والثقافة، وإذا حدث وتم استضافة أحد المفكرين لابد أن يكون الحديث في السياسة ومعاركها. واختفت الأفلام التسجيلية، التى تقدم معلومات قيمة، تاريخيا، وفنيا، وجغرافيا، وأدبيا. كما اختفت برامج الفنون الرفيعة، لم نعد نشاهد فن البالية ولا الموسيقى العالمية ولا الموسيقى العربية ولا الفنون الشعبية. كذلك اختفت الأعمال الفنية التى تقدم القصص العالمية التى قد لا يكون من السهل على الكثيرين شرائها وقراءتها فيكون البديل مشاهدتها. فكانت النتيجة هذا الجهل والتسطيح الذي ضرب الأمة المصرية، خاصة انه جاء مواكبا لانهيار التعليم المصري، فكان ما يطلق عليه "تجريف العقل المصري"، ولذلك كله لم يكن من الغريب أن يسيطر التيار الأصولي على العقول المصرية بعد أن تم تجريفها وأصبح لديها القابلية للخضوع للفكر التكفيري المتطرف.
 
إننا نتفهم رغبة رجال الأعمال في الربح وأن من أنشئ قناة تلفزيونية منهم، قد فعل هذا من أجل الربح أولا وأخيرا، ولكن لابد أن نذكر هؤلاء أن عليهم ضريبة يجب دفعها للمجتمع الذي يعيشون فيه ويربحون منه وأن انهيار المجتمع سيصيبهم بالخسارة أيضا ونرجوا أن يكونوا قد تعلموا من تجربة السنوات الثلاث الماضية مثل باقي المصريين. ولذلك عليهم أن يقدموا مساهمتهم في نهضة المجتمع والمساهمة في نشر الثقافة والتنوير في الأمة. لماذا لا يضحى كل رجل أعمال من هؤلاء بساعة من أوقات فضائيته يقدم فيها برنامج ثقافي وعلمي وفني على مدار الأسبوع؟ أعتقد أن الأمر لن يكلف رجل الأعمال الكثير، أن يخصص ساعة في هذا اليوم لبرنامج علمي، واليوم التالي برنامج ثقافي، والثالث برنامج لفن البالية، والرابع للموسيقى الكلاسيكية، والخامس لبرنامج متخصص في الفنون الشعبية والفولكلور المصري، والسادس للأدب المصري، والسابع للأدب العالمي.
 
سبع ساعات أسبوعيا لتثقيف الأمة المصرية في كل قناة تقدمها القنوات السبع الرئيسية (الحياة، دريم، أون تى في، القاهرة والناس، سي بي سي، النهار، المحور) إذا سيكون لدينا 49 ساعة أسبوعيا على الأقل لتثقيف العقل المصري وتحويله إلى عقلية علمية، نقدية، مثقفة، تتذوق الفن الراقي، تحب الحياة والسلام، تؤمن بقيم الخير والجمال.
 
فهل تشارك الفضائيات في الثورة الثقافية المصرية؟ 
 

More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter