الأقباط متحدون - أهكذا تجازى وطنية الأقباط؟
أخر تحديث ٠٣:٢٤ | الاثنين ١٦ سبتمبر ٢٠١٣ | توت ١٧٣٠ ش ٦ | العدد ٣٢٥٣ السنة الثامنة
إغلاق تصغير

أهكذا تجازى وطنية الأقباط؟

بقلم منير بشاى
تقرير بعد تقرير، ومقال وراء مقال، ومتحدث يتبعه متحدث، يجمعون كلهم على شىء واحد،وهوامتداح "وطنية الأقباط" كما تجلت فى ردود فعلهم خلال الازمات التى تعيشها مصر فى هذه الأيام والتى عانى منها الاقباط الكثير.
 
وفى هذا يقول الدكتور عبد الله المغازى البرلمانى السابق فى تصريح له "إن ما حدث من الكنيسة هو امر متوقع دائما من اقباط مصر المشهود لهم بالوطنية وعشقهم لتراب هذا الوطن".
 
أما المفكر الاسلامى الدكتور ناجح ابراهيم، والذى نبذ العنف بعد ان كان عضوا بالجماعات الاسلامية الارهابية، فيقول ممتدحا سماحة المسيحيين "كان اولى بهم (الاسلاميين) ان يقدموا للمصريين خطاب التسامح كخطاب الاخوة المسيحيين بعد حرق كنائسهم." 
 
وقد ظهرت هذه الوطنية والسماحة فيما أصدرته الكنيسة المصرية من تصريحات تساند فيها الدولة رغم ما تعانيه من جروح. وفى هذا يقول احد بياناتها "الكنيسة تعلن تمسكها بالوحدة الوطنية الصلبة ورفض اى محاولات لجر البلاد نحو الفتنة الطائفية، وتعتبر كل تدخل أجنبى فى الشأن الداخلى المصرى مرفوض جملة وتفصيلا" ويضيف البيان "ان كانت يد الشر تقترب لتحرق وتقتل وتدمّر، فان يد الله أقرب لتحرر وتقوّى وتبنى، ونثق فى المعونة التى ستعبر بشعبنا المصرى فى هذه الأيام الحرجة من تاريخنا الى غد أفضل ومستقبل مشرق يسوده العدل والسلام والديمقراطية التى يستحقها شعب وادى النيل الأصيل". 
 
وفى دول المهجر كان أقباط مصر المهاجرون سفراء عن بلدهم مصر الذى يعيش فى قلوبهم حتى وان كانوا لا يعيشون على أرضه. فى كل مكان وجدوا فيه اتصلوا بالمسئولين الحكوميين والممثلين البرلمانيين لشرح ما يجرى فى مصر. كما قاموا بالمظاهرات، التى غطتها وسائل الاعلام العالمى،لعرض قضيتهم امام الاعلام الغربي. أصدروا البيانات الصحفية التى غطت كل مكان، ونشروا الاعلانات المدفوعة الأجر التى وصلت الى جماهير الشعب وذوى النفوذ من المسئولين.لم يدّخروا مالا أو وقتا او جهدا فى سبيل خدمة أهلهم وبلدهم.
 
وليس أجمل من منظر الآلاف من المصريين أقباطا ومسلمين يجتمعون معا فى تظاهرة واحدة يضمها القنصل المصرى فى لوس انجلوس ويهتفوا معا ويغنوا معا فى حب مصر، ويسجل لهم الاعلام الغربى كل هذا ويذيعه بالصوت والصورةعلى الشعب الامريكى.
 
عندما اتساءل عن مجازاة هذه الوطنية لا أعنى ان وطنية الاقباط كانت مجرد عمل خارج طبيعتهم قاموا به ابتغاء الحصول على مكاسب خاصة.وطنية الاقباط التى تجلت فى هذه الايام هى تعبير عن حقيقة الشعب القبطى الأصيل التى كان يقوم بها دائما ولكن الظروف الأخيرة قد ساعدت على اظهارها.
 
وتاريخ الأقباط ملىء بقصص الوطنية ضد دعاوى التدخل الاجنبى لحماية الاقباط. ولا ننسى قول القمص سرجيوس "اذا كان الانجليز يبررون احتلالهم لمصر لحماية أقباط مصر فليمت الأقباط وتحيا مصر". كما لا ننسى موقف البطريرك بطرس الجاولى الذى عرض عليه سفير روسيا حينئذ حماية قيصر روسيا للاقباط فرفض ورد عليه "قيصر روسيا بشر يموت اما الأقباط فهم فى حماية الله الذى لا يموت"  ومنذ أيام رأينا موقف القمص رويس مرقس النائب البابوى لكنيسة الاسكندرية الذى رفض زيارة السفير الأمريكى لكنيسة القديسين مفضلا ان يتحمل الاعتداءات داخل الوطن فى صمتعن ان يستخدمها لأغراض الدعاية العالمية.
 
ولكن اذا كان الاقباط لا يبغون من وراء وطنيتهم مكاسبا فهم أيضا لا يقبلون ان تجازى وطنيتهم بالجحود والاتهام بالخيانة دون وجه حق.
ما زالت الذاكرة تحمل اتهاماتد. العواعلى قناة الجزيرة بان اقباط مصر يخزّنون الأسلحة فى كنائسهم وأديرتهم بغرض استعمالها ضد المسلمين فى يوم من الأيام. ودارت الأيام وتم كشف اين كانت الأسلحة تخزن وضد من تم استعمالها. وقد مر الأقباط باوقات صعبة كثيرة وكان المنطقى ان تظهر  الاسلحة المزعومة لتستعمل حتى لمجرد الدفاع المشروع عن النفس.
 
ولكن الاعتداءات المتكررة ضد الأقباط تجعل كل قبطى يتساءل فى ألم: أهكذا تجازى وطنية الأقباط؟ هل تجازى بالاعتداء على الكاتدرائية فى سابقة هى الأولى من نوعها منذ دخول الاسلام مصر؟ هل يجازى الأقباط بان يصبحوا فريسة سهلة للمجرمين يفرضون عليهم الأتاوات ويقتلون الضحايا اذا عجز الأهل عن السداد؟ هل تجازى وطنية الأقباط بان يهجّروا من قراهم التى عاشوا فيها منذ الأجداد تحت سمع وبصر رجال الأمن؟
 
هل قدر الأقباط ان يسمعوا بآذانهم الازدراء بدينهم ولا تتحرك الدولة بالقبض والمحاكمة لهؤلاء، بينما تجرى محاكمات سريعة وعقوبات مبالغ فيها ضد من يتهمونزورا بازدراء الدين الاسلامى من الاقباط؟ هل يصل الامر ان تحاصر قرية دلجا محافظة المنيا بالاسلاميين الذين يعلنوها امارة اسلامية ويفرضون الجزية على الأقباط؟ والأدهى من ذلك ان يجبر الاسلاميون الاقباطعلى تسجيل لقاءات بقناة الجزيرة يعلنون فيها أنهم آمنون.  وهذا اسوأ من الضرب وتحريم البكاء..فهو الضرب والاجبار على الابتسام.
 
هل يكون مجازاة وطنية الأقباط ان تفض الدولة اعتصام رابعة العدوية وميدان النهضة دون تأمين الكنائس والممتلكات القبطية التى يعرف الجميع انها كانت مستهدفة فيتسبب هذا فى تدمير 82 كنيسة منها كنيسة دلجا الأثرية التى ترجع الى القرن الخامس الميلادى ومتحف الآثار القبطية بملوى و5 مدراس و7 مبانى تابعة للكنيسة و190 بيت ومتجر وفندق وصيدلية مملوكة للاقباط؟
 
الاقباط لا ينتظرون مكافأة عن وطنيتهم، تميزهم عن غيرهم من شعب مصر، فهذا واجبهم كمواطنين نحو بلدهم.  كل ما يطلبونه المساواة فى الحقوق والواجبات وهو واجب بلده منحوهم.
 
Mounir.bishay@sbcglobal.net

More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter