الأقباط متحدون - رسالة مفتوحة إلى حازم الببلاوي
أخر تحديث ٠٧:٠٥ | الخميس ١٩ سبتمبر ٢٠١٣ | توت ١٧٣٠ ش ٩ | العدد ٣٢٥٦ السنة الثامنة
إغلاق تصغير

رسالة مفتوحة إلى حازم الببلاوي

بقلم: إسماعيل حسني
 
سعادة رئيس الوزراء المحترم،
تعلم أنك مهما أوتيت من علم وحكمة، ومهما بذلت من جهد، فلن تستطيع إنقاذ الإقتصاد المصري من الإنهيار المرتقب، بعد أن أرهقه مبارك نهبا وإهمالا طيلة ثلاثين عاما، وأطلق عليه مرسي رصاصة الرحمة في سنته العجفاء.
وتعلم أن القطاعات الإنتاجية في الدولة وعلى رأسها قطاع البترول لم تعد قادرة على العمل بكفاءة أو توفير مستلزمات الإنتاج الخاصة بها فضلا عن المساهمة في إنعاش خزينة الدولة.  
 
كما تعلم جيدا أن المساعدات الخارجية والقروض مهما تدفقت فإنها ليست سوى مسكنات يجري استخدامها لسداد عجز الموازنة، وخدمة الدين المحلي والخارجي، وتوفير السلع الأساسية، ودفع الأجور والمرتبات، ولا يتبقى منها شيء يمكن توجيهه في مشروعات إستثمارية قادرة على تحقيق الحد الأدنى من النمو اللازم لمواجهة تضخم الأسعار، وخلق وظائف لمئات الآلاف من الخرجين سنويا، وتوفير الخدمات التي تكفل الحد الأدنى من العيش الكريم للمواطنين.
إنك يا سيدي لن تستطيع أن تفي بالوعود التي تقطعها حكومتك من إقرار حد أدنى للأجور والمرتبات، ورفع مستوى الخدمات الأمنية والتعليمية والصحية والنقل والطرق والصرف والمجاري نظرا لافتقار الدولة إلى الموارد النقدية اللازمة، لكن هذه المبررات على واقعيتها لن تنقذك من الأحكام القاسية بالعجز والفشل وعدم الكفاءة. 
 
إن الحل الوحيد والسريع القادر على انتشال مصر من الإنهيار الإقتصادي وثورات الجياع المنتظرة هو أن تقوم بإعلان مصر دولة سياحية، وأن تقوم حكومتك على الفور بطرح مشروع قومي للنهوض بالسياحة تكون له الأولوية المطلقة في خطط وسياسات جميع وزارات ومؤسسات الدولة، بالتعاون مع شركات القطاع الخاص ومؤسسات المجتمع المدني.
 
إن السياحة هي النشاط الإقتصادي الوحيد الذي لا يتطلب استثمارات ضخمة ولكنه قادر على تحقيق إيرادات فورية تنقذ الجنيه من الإنهيار، وتوفر الأموال اللاذمة لإصلاح العجز في ميزان المدفوعات، وخدمة الدين، وترميم وتطوير المرافق العامة، وتشييد الطرق والكباري والمدارس والمستشفيات، وتوفير مستلزمات الإنتاج الضرورية لتشغيل المصانع المتوقفة.
 
فإذا كانت السياحة تحقق للدول السياحية الكبرى مثل فرنسا وإسبانيا والولايات المتحدة عوائد سنوية تتراوح بين 70 إلى 90 مليار دولار سنويا، فإن مصر بما تمتلكه من موقع متوسط، ومناخ معتدل، وشواطئ ممتدة على البحرين الأبيض المتوسط والأحمر، وصحاري واسعة، فضلا عن تاريخها العظيم الذي أودعها الأهرامات وثلثي آثار العالم من الحقب الفرعونية والرومانية واليونانية والقبطية والإسلامية، قادرة على أن تصبح نموذجا لجميع أنواع السياحة الشاطئية والتاريخية والصحراوية والنيلية، فضلا عن سياحة العبور (الترانزيت). 
 
إن الدخل المتوقع من النشاط السياحي لو أحسنت الدولة تطويره وإدارته لا يقل في أول خمس سنوات عن 20 مليار دولار قابلة للزيادة تدريجيا مع ازدياد الإستثمار في المشروعات والخدمات السياحية المختلفة، مما يفوق قيمة المعونات والمساعدات والقروض التي يمكن أن نحصل عليها خلال الفترة ذاتها، ويعفي الأجيال القادمة من عبء تسديد مديونيات لم تشارك في اقتراضها. 
 
ويهدف المشروع القومي للنهوض بالسياحة إلى إحداث تغييرات جوهرية في الثقافة الشعبية المصرية من خلال برامج توعية مكثفة تشترك في تقديمها كافة وسائل الإعلام ومؤسسات الدولة كالمدارس والجامعات والإتحادات العمالية والنقابات المهنية على مدار الساعة تتناول ثلاث موضوعات رئيسية هي: 
نشر وتعميق ثقافة السياحة في المجتمع، وزيادة وعي الأفراد بقيمة السياحة كأهم مصدر رزق في حياتهم، وأثرها الإيجابي على مستقبل أولادهم، وتلقينهم احترام السائحين في الطرق والشوارع، وأفضل وأربح أساليب تقديم الخدمات السياحية. 
 
نشر ثقافة حب الحياة وفن الإستمتاع بها بين المصريين، لعلاج الآثار الهدامة التي زرعتها الأيديولوجيات الدينية المتطرفة المعادية بطبيعتها للحياة في وجدانهم وأخلاقهم وسلوكياتهم.
تعريف المصريين بمفهوم حقوق الإنسان وإدراجه كمادة أساسية في المناهج الدراسية بجميع مراحل التعليم، واشتراط اجتياز دورة تدريبية فيه للتعيين بالوظائف والترقي للمناصب العليا.  
 
إلا أن هذا المشروع لا يمكن أن يرى النور إلا مع توفر الإستقرار السياسي، واستعادة الدولة لهيبتها، وتغليظ العقوبات في قضايا التحرش الجنسي والإغتصاب والنظافة وتلوث البيئة، والقضاء على العصابات الإرهاببية والإجرامية، ونشر الأمن والأمان في جميع أرجاء الوطن.
إن السياحة هي أمل مصر في غد أفضل، فهل تجد هذه الدعوة آذانا صاغية ؟

More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter