لم يجد الاخوان المسلمون ما يساعدهم على تقوية عصب أنصارهم إلا الأحلام، فرووا المنامات والرؤى التي تدلل على عودة مظفرة لمرسي إلى الاتحادية.
القاهرة: رغم أن كل المؤشرات والوقائع تؤكد أن عقارب الساعة لن تعود إلى ما قبل 3 تموز (يوليو) الماضي، إلا أن جماعة الإخوان المسلمين تصر على أن تعيش في عالم مليء بالأوهام، والتعلق بآمال قد تكون مستحيلة، لا سيما ما يخص عودة الرئيس المعزول محمد مرسي، إلى سدة الحكم مرة أخرى. ولم يقف الأمر عند حد تسويق ما يمكن تسميته بـ"أحلام اليقظة السياسية"، بل وصل إلى حد تسويق أحلام المنام على أنها بشائر النصر وعودة الشرعية.
يصلي بكم مرسي
القراءة الصحيحة للواقع السياسي في مصر تؤكد أن عودة مرسي للحكم مرة أخرى صارت ضربًا من المستحيل. لكن جماعة الإخوان ترى أنه ما زال ثمة إمكانية لتحقيق النصر ضد ما تسميه "إنقلاب عسكري دموي" ضد سلطة مرسي، وفي سبيل ذلك، تطلق التظاهرات والمسيرات في أنحاء مصر، إضافة إلى الكثير من الفعاليات الإحتجاجية. إلا أن البعض منها تخطى هذا الأمر إلى حد الحديث عن رؤيا منامية تبشر بعودة مرسي إلى القصر الجمهوري.
لم تبدأ عملية تسويق أوهام الإخوان في حالة اليقظة أو المنام متأخرة، بل بدأت منذ اللحظات الأولى لعزله من السلطة، وقبل ذلك بشهور، عندما أندلعت الإحتجاجات ضده. ولعل أشهر الأحلام التي حاولت الجماعة تسويقها لأنصارها، تلك التي رواها الشيخ جمال عبد الهادي، وانتشرت على شبكة الإنترنت، وقال فيها إن أحدًا رأى في منامه أن مرسي يصلي بالرسول الكريم، وقال أثناء محاضرة له بمسجد بمدينة الجيزة: "رؤيا نحسبها رؤيا حق إن شاء الله، وتتلخص في أنه كان هناك مجلس فيه النبى محمد والرئيس محمد مرسي والحضور، وحان وقت الصلاة فقدم الناس رسول الله من أجل الصلاة بهم". وأضاف: "إلا أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: بل يصلى بكم الرئيس محمد مرسى، رؤيا خير أن شاء الله".
وانفلقت الأرض!
صار العيش في ظل أحلام اليقظة والمنامات سمة المقربين من مرسي. وهذه رؤيا ثانية رواها الشيخ جمال عبد الهادي، وقال فيها: "الرجل شاهد صحراء فيها 50 جملًا وأطفال يلعبون، وكان الشباب يشعرون بالعطش والإبل كذلك، وبدأ الجميع في اللجوء إلى الله". وأضاف ساردًا رؤياه: "انفلقت الأرض وخرجت ساقية ارتفاعها عشرة أدوار، وخرج الماء والطعام، وأكلت الإبل وتكاثرت وشرب الشباب، ثم سمعوا صوتًا يقول: ارعوا إبل الرئيس محمد مرسي، ثم صوتًا آخر يقول: بلغوا الرئيس هذه الرؤيا".
وبالرغم من أن مرسي عزل بقوة الجيش إستجابة لخروج ملايين المصريين ضده، بعد عام واحد من حكمه، إلا أن عبد الهادي كان قد تنبأ له بأنه سوف يحكم فترتين رئاسيتين، أي ثماني سنوات، وقال ساردًا رؤيا ثالثة: "في الرؤيا الثالثة، تساقط كثير من الحمام الأسود على الأرض، وكان هناك ثماني حمامات خضراء على كتف الرئيس محمد مرسي، وهذا يعني أن الرئيس سيبقى مدتين رئاسيتين في الحكم".
راجع يا عزة
ونسبت مواقع التواصل الإجتماعي لعزة الجرف، وهي قيادية في الإخوان شهيرة باسم أم أيمن، رؤيا. قالت: "رأيت مرسي على حصان أبيض، وماسك سيف كبير وعريض وبينادي، وقالي أنا راجع للقصر يا عزة وهقطع رؤوس الخونة، وقمت صحيت على صلاة الفجر، وصليت وركبت أول مترو بعد الحظر على قصر الاتحادية، وشفت الأخوات لابسين أخضر ويضربن الدفوف، فتذكرت الرؤيا وقول الزعيم مرسي: أنا راجع يا عزة". وحاولت إيلاف الإتصال بأم أيمن، للإستيضاح مما هو منسوب إليها، إلا أن هاتفها كان مقفلًا.
ومن الرؤيا في المنام إلى أحلام اليقظة. فقد انتقد الشيخ همام سعيد، المراقب العام لجماعة الإخوان بالأردن، في محاضرة له العرب والغرب، متهمًا إياهم بمساندة الإنقلاب العسكري ضد مرسي. وأضاف في نهاية محاضرته، موجهًا حديثه إلى مرسي: "رسالتي للرئيس مرسي، يعلم الله أيها الأسد الجالس في زنازين أعداء الحرية أنك تدفع ضريبة الجهاد، لأنك بدأت تعد العدة لها، فمن أجل ذلك عاقبك اليهود". وتابع سعيد موجهًا حديثه لمرسي: "لكني أراك يا مرسي على جواد متوجها إلى بيت المقدس، عاقبوك لأنك تريد مصر أرض الشريعة، وهم يريدون مصر أرض نخنوخ، هؤلاء النخانيخ ما أكثرهم اليوم في بلادنا".
أوهام الانشقاق
ومن الأوهام التي كان قيادات الإخوان والتيار الإسلامي يسوقونها لأنصار مرسي أنه رجل من عهد الصحابة، وأنه حفيد عمر بن الخطاب وحفيد عمر بن العزيز. ومن الأوهام التي يراهن عليها الإخوان لعودة مرسي حدوث إنشقاقات في الجيش المصري. وأطلقت شائعات في هذا الصدد، منها إنشقاق قائد الجيش الثاني الميداني اللواء أحمد وصفي، الذي نفى تلك الشائعات، وقال: "من المستحيل أن أنشق عن الجيش، وأنا مستعد للموت في سبيل الوطن".
وإنطلقت شائعات أخرى تزعم إنشقاق قائد الجيش الثالث اللواء أسامة عسكر، إلا أنه نفى تلك الشائعات، وقال: "الجيش المصري بكافة قيادته وفروعه على قلب رجل واحد تجاه الموقف الوطني الداخلي وقضايا الوطن المطروحة على الساحة حاليا"، نافيًا أن تكون ثمة انشقاقات بين قيادات الجيشين الثاني والثالث والقيادة العامة للقوات المسلحة.