الأقباط متحدون - بقعة ضوء(Spot Light)
أخر تحديث ٠٤:٠٨ | الأحد ٢٢ سبتمبر ٢٠١٣ | توت ١٧٣٠ ش ١٢ | العدد ٣٢٥٩ السنة الثامنة
إغلاق تصغير

بقعة ضوء(Spot Light)

سوريا ذلك البلد الحبيب
سوريا ذلك البلد الحبيب
سوريا ومهزلة جامعة الدول العربية
بقلم : فاروق عطية  

  سوريا ذلك البلد الحبيب، الإقليم الشمالي إبان الوحدة، وجيشه البطل هو الجيش الميداني الآول، والجيشان الميدانيان الثاني والثالث هما جيشا مصر. سوريه تلك الدولة الموحدة وشعبها الذي كان يعيش في آمن وأمان ولم تعرف يوماً الطائفيه حتى تآمر عليها المتصهينون الجدد من أمراء وملوك وشيوخ آلبادية وأذنابهم من الوهابيين والسلفيين وشذاذ الآفاق الجهاديين وإرهابي القاعدة وتجار الدين الذين يمارسون الإرهاب والقتل وقطع الرؤوس والأطراف والتمثيل بالجثث البريئة وأكل أكبادها. سوريا بلد الحب والجمال والموسيقي والفنون والآداب تُقطّع أوصالها الآن، وتُسبي نساؤها ويُذبح رجالها، وتُبقر بطون أطفالها بلا رحمة مع التكبير كأن القتل والسحب والذبح وتقطيع الرؤوس مطلب الله جلت قدرته، وكأنه غير قادر على حماية دينه ومخلوقاته وأوكلهم بحمايته فيذبحون ويسحلون ويقطعون الرؤوس لإرضائه...! سوريا الآن تُسحق بنيتها التحتية وتُهدّم مبانيها وتُحرق مصانعها وتُفجّر كنائسها وأديرتها كما تُفخخ مساجدها وأضرحة أولياؤها. آثارها التاريخية نُهبت ودُمٍّرت خاصة مدينة معلولا تلك البلدة القديمة التي أُنشِئت كنائسها وأديرتها في العصور الأولى للمسيحية فوق الرُبا والجبال ومازال أهلها يتحدثون الآرامية لغة السيد المسيح.  ومن السُفه والبجاحة أن تلصق كل هذه الأفعال النكراء بالجيش الذي يتفانى في حماية وطنه ويزود عنه بالأرواح، والادعاء أن بشار يقتل أهله وشعبه، بالرغم مما نراه على الطبيعة من حب السوريين له، ويكفي أنه الرئيس الوحيد في دولنا المنكوبة البائسة الذي بسبر في الطريق راجلا بين أفراد شعبه بدون حراسة تحميه واثقا من حماية الله والشعب. 
   لا ننكر أن بشار ورث الحكم من والده وسار على نهجه في سيطرة الحزب الواحد (حزب البعث العربي) وأن الحزب قد لوى عنق الدستور كي يمرر ترشيحه للرياسة، وإن كان قد قام بإصلاحات كثيرة. فقد حدث في بداية عهده انفراج  في مجال الحريات، حيث استجاب لمطالب الشعب وأهمها الانفتاح الاقتصادي، حيث سمح بفتح فروع للمصارف الأجنبية وسُمح للمواطنين بفتح حسابات بالعملات الأجنبية وترافق هذا الانفتاح مع تحسن الوضع المعيشي للمواطن العادي برفع الأجور وتخفيض الأسعار، واستجاب لكثير من المطالب الشعبية، منها رفع حالة الطوارئ المعمول بها منذ أن حكم حزب البعث البلاد قبل خمسة عقود، وإصدار قانون لتجنيس الأكراد السوريين، وقانون آخر للعفو عن المعتقلين سياسيا، وقرارات بالحوار الوطني وتغيير الحكومة وإقالة المحافظين. إلا أنه برغم الانفتاح النسبي في الحريات مقارنة بعهد والده، كان هناك مظاهر للفساد الإداري والسياسي، وبروز دور لرجال الأعمال المتحكمين في اقتصاد البلاد وسياساتها. وهو بانفراده بالحكم وعدم تبادل السلطة يعد ديكتاتورا حتى لو كان عادلا، لكنه أبدا لا يقتل شعبه ولا يلوث يديه بدمائه. وغلطته أنه لم بسرع بلجم ووأد فتنة الإخوان في مهدها كما فعل والده، مما أتاح لهم الاستقواء بالخارج وجمع المرتزقة والإرهابيين ليحاربوه. وفى 21 أغسطس الماضي حين تعرضت منطقة الغوطة للقذف الكيميائي الذي أدى لوفاة أكثر من 400 شهيد معظمهم من النساء والأطفال، وبدون التحري عمن المسؤول عن هذه الكارثة التي يؤكد الكثيرون وعلى رأسهم روسيا ومندوبة الأمم المتحدة أن القذيفة الحاملة للغاز السام قد أُطلِقت من جانب جيش النصرة وأن كاميرات الأقمار الصناعية الروسية قد سجلتها وبالتأكيد أن الأقمار الصناعية الأمريكية قد سجلتها أيضا، وبدون تروى تلصق الولايات المتحدة التهمة بالجيش السوري وتهدد سوريا بضربة موجعة.
 
  والغريب والمريب في الأمر انسياق جامعة الدول العربية لذات المنحدر، ففي اجتماع لوزراء الخارجية العرب المنعقد بالقاهرة لبحث المشكلة السورية دعا البيان الختامي الامم المتحدة والمجتمع الدولي الى "اتخاذ الاجراءات الرادعة والضرورية ضد مقترفي الجرائم التي يتحمل النظام السوري مسؤوليتها". وقال نبيل العربي الأمين العام للجامعة ان هناك أغلبية عامة في الجامعة تطالب بمعاقبة مستخدمي الكيميائي في سوريا، والنظام هو المسؤول عما يدور، وهو الذي يملك السلاح الكيميائي، وهو الوحيد القادر على استعمال هذا السلاح، وأضاف ان الخبراء الأمميين الذين وصلوا الى سوريا ليس من صلاحيتهم تحديد من استخدم الكيميائي، وقد أكدوا ان استخدامه يحتاج اجهزة وادوات خاصة يملكها النظام وحده، مؤكداً ان "الجامعة العربية قامت بما في وسعها طبقاً لميثاقها", واشار الى ضرورةَ التوصل إلى حل سياسي بعيدا عن الاقتتال.
 
   قلت في مقال سابق أن مشكلة الجامعة تتمثل في اسمها المغلوط " جامعة الدول العربية"، وها أنا أعود لتوضيح ما قصدت. تماما كما أودع الخالق جلت قدرته في الخلية الحية لأي كائن حي حيواني أو نباتي شفرة خاصة تؤدى لفناء الخلية بعد فترة من حياتها، كذلك فعل الذين خططوا لإنشاء هذه الجامعة بعد الحرب العالمية الثانية سواء بقصد أو بدون قصد، بنية طيبة أو بسوء نية، وكانت شفرة موت الجامعة كامنة فى اسمها. لتوضيح ذلك تعالوا نفند الاسم كلمة كلمة حتى تنجلي الصورة:
 
جامعة الدول، وتعنى تجمع للدول فى مكان تحت سقف واحد لمناقشة القضايا أو المشكلات التى تواجه هذه الدول. وكلمة دولة تعنى القوة المسيطرة على شعب لتسيير حياته، أى نظام الحكم بهذه الدولة أو الحكومة. وأنظمة الحكم أو حكوماتنا العربية جميعا والحمد لله أنظمة أو حكومات ديكتاتورية سيان كانت ملكية أو جملوكية (جمهورية مملوكية)، وكل زعيم من زعمائنا بالبلدى شايف نفسه واخد فى نفسه قلم، أى أنه يعتبر نفسه الزعيم الأوحد الضرورة الذي وحده يملك الحكمة والفطنة التى تمكنه من تسيير بلده وجميع الدول المشتركة بالجامعة وغيره من الزعماء لا يفهمون. من هنا كانت اجتماعات الزعماء غير ذى جدوى، اجتماعات تبويس ومعانقات وفك مجالس وما فى القلب فى القلب وبالتالى تكون قراراتها حبر على ورق لا تحل ولا تربط. واتخاذ القرارات فى كل مجالس العالم المتحضر يكون بالأغلبية الملزمة أما فى جامعة الدول العربية المصونة يكون بالإجماع وكان هذا سببا رئيسيا من أسباب تردى القرارات فهي  تصاغ لترضى جميع الزعامات فتكون لبن سمك نمر هندى. تتخذ القرارات بالإجماع ولكن لا يتم تنفيذها، وأوضح مثال على ذلك هو إصدار الجامعة على مستوى وزراء الخارجية أو القمم العربية لأكثر من خمسة آلاف قرار، معظمها صدرت بالإجماع ولكن 90% منا لم يتم تنفيذه لغياب الإرادة العربية لدى الدول الأعضاء على تطوير أو تحسين مسيرة العمل المشترك أو بمعنى أصح لعدم ثقة القادة الأشاوس بعضهم ببعض. وانحدرنا من سيئ إلى أسوأ وصارت بلداننا كغثاء السيل يعمها الجهل والفقر والمرض وزعماؤنا الأفاضل متشبثون بمقاعدهم الوثيرة وعازمين على البقاء على قلوبنا حتى الموت أو القتل أوالإقصاء وطظ في الديموقراطية وتبادل السلطة.
 
   ثم تأتى كلمة العربية، وهي تعنى أن كل بلدان هذه الجامعة ذوات قومية واحدة عربية. وهذا خطأ فادح، لايراعى الفروق القومية للشعوب وموروثها الثقافى من تاريخها القديم منذ الأزل المغروز فى جيناتها ولا فكاك للتخلص منه. القومية العربية الخالصة فقط للشعوب العاربة وهى الشعوب التى تعيش فى شبه الجزيرة العربية، أما ما عداها فهى شعوب مستعربة أى تحولت للغة العربية نتيجة الغزوات أو ما أطلق عليه الفتوحات وإجبار هذه الشعوب على ترك لغاتها الأصلية جبرا والتحول للعربية، هذه الشعوب المستعربة لها قوميات أخرى، فرعونية وفينيقية وبابلية وكلدانية وأثورية وأمازيجية وزنجية وغيرها من القوميات التى استطاع الغزو العربى لهذه القوميات أن يقهرها جميعا لتتكلم لغة واحدة هى اللغة العربية، ولكن الصحيح أنه لم ولن يستطع أبدا ألغاء الموروث الثقافى لكل قومية من هذه القوميات. وليس عيبا أن يكون لكل شعب تاريخ يعتز به وقومية يحبها ويتمسك بها ويحارب لبقائها ونشر ثقافتها بل على العكس تعدد القوميات والثقافات يثرى حياة الأمم ويعود عليها بالنفع، وهو لا يمنع التقارب بين الشعوب الناطقة جميعا بنفس اللغة واتحادها إقتصاديا وسياسيا مع الحفاظ على ثقافاتها وقومياتها التى تعتز بها.
 
   كى نحيى هذه الجامعة من الموات ونلغى شفرة نهايتها، لابد بداية من تغيير إسمها من جامعة الدول العربية إلى جامعة الشعوب الناطقة بالعربية. وبالطبع لن يغير المسمى وحده من الأمر شيئا إن لم يتبعه تغيير فى النشاطات والمفاهيم، بمعنى ألا يكون اجتماعاتها اجتماع حكومات ممثلة فى وزراء خارجية أو اجتماع رؤساء ( قمم ) ولكنه يكون بتكوين برلمان أعضاؤه من جميع الدول الناطقة بالعربية مكون من أعضاء منتخبين شعبيا إنتخابا حرا ديموقراطيا حقيقيا وليس كالانتخابات الفكسوفلكس الأونطة التى نشاهدها فى جميع الآقطار الشرقأوسطية التى لا تفرز غير أصحاب المطامع ومساحى الجوخ وعبيد السلطة وتجار السموم والمستفيدين من الحصانة لابتزاز وامتصاص دم الشعوب الكادحة التى لا حول لها ولا قوة، المطلوب أعضاء من الشعوب يعرفون حقيقة مطالب شعوبهم والدفاع عنها لتفعيل الوحدة بين الشعوب من الناحية الاقتصادية أولا حتى نصل إلى الوحدة السياسية المنشودة. ويلغى من قاموسها اتخاذ القرارات بالإجماع لاستحالة ذلك فعليا وعمليا ولكن تتخذ القرارات بالأغلبية الملزمة لجميع الأطراف. كما لابد من ترك مفهوم القومية العربية العفلقية التى أثبتت فشلها والاعتراف بأن لكل شعب من شعوب المنطقة له قوميته التى يعتز بها وينميها، وتفاعل هذه القوميات ثقافيا وحضاريا يثرى وحدة الشعوب ويفعلها. ولا بد من البدء بإصلاح شامل للنظم فى البلدان العربية ككل وتفعيل الديموقراطية الحقيقية بها، ففى حالة إصلاحه ستنصلح أحوال بيت أو حامعة الشعوب الناطقة بالعربية وتكون هى المرآة الصادقة لجميع أوضاعنا فى بلداننا من الخليج إلى المحيط. 

More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع