بقلم كريمة كمال | الأحد ٢٢ سبتمبر ٢٠١٣ -
١٩:
٠١ م +02:00 EET
المعركة الدائرة الآن حول الدستور معركة ليست بخافية على أحد وهى ليست معركة بين من يريد أن يحافظ على الهوية ومن يريد أن ينقلب عليها كما يسعى البعض لتصويرها... لكنها معركة بين فكر يتعصب للدولة الدينية وفكر يتعصب للدولة المدنية بين فكر يرى أن الحقوق حقوق مدنية وفكر يرى أن الحقوق تأتى من النصوص الدينية فإن خلت النصوص من هذه الحقوق فليس لها وجود ولا يتم تشريعها أو لا يتم منحها... فالحقوق لا تكتسب بحكم المواطنة بل تمنح طبقا لرؤية البعض الدينية... هذه هى مشكلتنا مع حزب النور وهى المشكلة التى يشعر بها الكثيرون ويتوجسون منها ومن ثم يبقى السؤال المطروح هو هل نترك مثل هذا الفكر ليحكمنا ويتحكم بنا؟
لماذا هذا القلق الآن.. يكفى أن نتأمل مواقف حزب النور الأخيرة لندرك أن لهذا القلق أسبابه ومبرراته القوية.. فعلى سبيل المثال كانت آخر تصريحات حزب النور تقول: «نقبل برئيس له خلفية عسكرية على أن يكون متدينا» ومثل هذا التصريح يكشف عن الاستمرار فى الخلط ما بين السياسى والدينى وهو ما كان الكثيرون يتمنون أن نكون قد تعلمنا الدرس فيه من تجربة الإخوان المسلمين وحكم «مرسى» فقد هلل الكثيرون يوم انتخاب مرسى لفوز «رجل متدين» بكرسى الرئاسة بينما عانى المصريون عاما كاملا تحت حكمه ولم يشفع له تدينه ولم يكن له دخل فى فشله.
نفس هذا المنطق الذى يخلط ما بين ما هو دينى وما هو سياسى هو الذى يتحكم فى وجهة نظر حزب النور سواء فى إصراره على بقاء المادة ٢١٩ أو فى رفضه تغيير المادة الثالثة التى تعطى الحق فى الاحتكام لشرائعهم للمسيحيين واليهود بينما هناك مطالبات فى اللجنة بتغييرها لتتسع لغير المسلمين وهو ما يرفضه حزب النور، حيث يرى الحزب أنها تفتح الباب لدخول الديانات غير السماوية... وقد عبر العديد من قيادات حزب النور عن رفضهم لهذا التعديل لأنه فى رأيهم يفتح الباب للبهائيين وعبدة الشيطان كما أنه يهدد فى رأى بعض قيادات الحزب بانتشار المثلية والشذوذ...
وهنا يبقى التساؤل حول هل رأى أحد منكم من يعبد الشيطان فى مصر؟ وهل ينكر أحد أن هناك بهائيين فى مصر يسعون منذ عدة سنوات لإقرار حقوقهم... إذن لا تقر الحقوق لمخاوف فى رأس البعض بل لمواطنين يتواجدون فى الوطن ومن حقهم إقرار حقوقهم المدنية بينما المشكلة هنا أن أتباع حزب النور يرون أنه لا حقوق لمن لا يعترفون هم بوجودهم دينيا...
والسؤال هو هل لهم حقوق كمواطنين أم لا؟ الإجابة عن هذا التساؤل تأتى من الاعتراف بحقوق المواطنة وليس تصورا أن هذه الحقوق غير موجودة لأننى لا أعترف بها شخصيا، حيث إن دينى لا يعترف بوجود هذه الديانة التى أراها أنا بحكم إيمانى غير سماوية. المشكلة الأخرى هنا فى مثل هذه التصريحات هى الربط بين الديانات غير السماوية التى لا يعترف بها الإسلام وما بين الشذوذ والمثلية بينما الواقع يقول شيئا مختلفا تماما: هو أن الشذوذ والمثلية عرض أو ربما مرض اجتماعى وكذلك نجده لدى أتباع الديانات السماوية الثلاث كما نجده لدى أتباع الديانات غير السماوية أى أنها غير مقصورة على أتباع الأخيرة فقط.
مرة أخرى هى مشكلة الفلسفة التى تتحكم فى الرؤية ومحاولة تخويف المجتمع بفزاعات مختلقة
المصرى اليوم
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع