الأقباط متحدون - الدستور مرآة المجتمع
أخر تحديث ٠٩:٠٦ | الاربعاء ٢٥ سبتمبر ٢٠١٣ | توت ١٧٣٠ ش ١٥ | العدد ٣٢٦٢ السنة الثامنة
إغلاق تصغير

الدستور مرآة المجتمع

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

Oliverكتبها 

الذين يحاولون الإستناد إلي الدساتير السابقة كمرجع لآراءهم يتجاهلون أو يجهلون حقيقة مهمة جداً و هي أن الدستور هو وليد عصره.هو نتاج مجتمعه.هو مرآة لحاضر الشعوب و مستقبلها ليس لماضيها.و أن ما كان يصلح لدساتير سابقة و يعبر عن إرادة أناس صاروا في ذمة التاريخ ليس بالضرورة يعبر عن حال الأحياء علي أرض مصر حالياً.الذين يريدون أن يضعوا سمات الجاهلية في الدستور يضعون دستوراً للأموات الذين ماتوا منذ زمن بعيد بينما نحن نريد دستوراً للأحياء.
 

المادة كذا كانت في دستور 23  فلماذا يطالبون بإلغاءها؟ و المادة كذا لم تكن في دستور 71 فلماذا يطالبون بإدراجها  ؟ نسمع كثيراً هذه العبارات و هي تدل علي فقر فكري شديد لا يختلف عن الفقر الإقتصادي الذي نعاني منه
 

لأننا لو ظللنا نتبع الدساتير السابقة فلا نتوقع خيراً.و إلا لأنه ما حاجة الشعوب إلي تغيير دساتيرها لو كانت ستستند إلي الدساتير السابقة.أنا أفهم أن الدساتير الحالية لبلاد أخري نجح عندها يمكن أن يكون مؤشراً لنا حين نكتب دستوراً جديداً.لكن الدساتير الماضية إنتهي زمنها.

الدستور هو الذراع القانوني للدولة و عليه تستند في قيامها من نكباتها.و أنت حين تستند علي ذراع فإنك تضع كل ثقلك علي هذا المسند و ترتكز عليه لتنهض لذا لابد من التأكد من صلابة هذا الذراع القانوني و صلاحيته لقيادة الدولة و النهوض بها.
 

معني أن الدستور مرآة للمجتمع

ببساطة معناه أن تضع لجنة الخمسين مشاكل المجتمع الكبري أمام اعينهم ثم يحددوا دور الدولة و دور الفرد في حلها و بعد ذلك تأتي القوانين لتضع تفاصيل هذه العلاقة و تحدد شكل الدور و ما تسميه مخالفة لهذا الدور.هكذا ببساطة شديدة يصبح الدستور أداة لتشكيل مجتمع أفضل . 

الدستور كما هو أداة تشريعية فهو أيضاً أداة تشريحية للمجتمع المصري.يشخص أحتياجاته و يبلور طموحاته. 
 

من هنا نحن نرفض أن يتلون الدستور باللون الديني الإسلامي ليس فقط لإختلافنا مع الإسلام لكن أيضاً لأن هذا الفكر الديني الذي يريدون فرضه علينا هو فكر منفصل عن المجتمع و يجعل الدستور كياناً غريباً لا علاقة له بحياتنا الواقعية بل هو فقط صنم يصطدم بنا في كل مجالات الحياة. 

لا يمكن أن نضع دستوراً خيالياً يخاطب شعباً آخريعيش في زمن الجاهلية  بل دستوراً يختلط بحياتنا اليومية ليحكم الجميع.
 

تطبيقات عملية علي الواقع المصري

- هل قرأنا المجتمع المصري جيداً و عرفنا مواطن الخلل فيه؟ لا أعتقد أن هذه مسألة تحتاج إلي بحث مستفيض.هل نعترف بفداحة السلوك العام في الشارع .هل نقر بظاهرة التحرش.ظاهرة العنف.ظاهرة الألفاظ البذيئة.ظاهرة إحتقار المرأة بشكل عام و المرأة غير المحجبة بشكل خاص.هذه السلوكيات المريضة علاجها في الدستور.أن يضمن حرية المرأة و سلامتها في أي مجال أو مكان و أن يعتبر أي معاملة دونية تجاهها تعدي علي الدولة و جريمة لا تسقط بالتقادم.
 

- هل قرأنا الممارسات الطائفية المعلنة و المستترة.الممنهجة و العشوائية.التي بغطاء قانوني و التي بلا أي غطاء.هذه علاجها في  مادة تجعل هذه الجريمة من الجرائم الكبري التي لا يحق حتي لأطرافها التنازل عنها لأنها تشق المجتمع كله.كما يضمن الدستور حق الجميع  في التقاضي و إعتبار عدم قانونية المجالس العرفية و إيقاف العمل بها سواء بالتراضي أو بالإكراه  لأنها ضد الدستور الذي يكفل حق حماية الدولة للمواطن و لا يجعل حق الحماية يوفره مواطن لمواطن مثله؟ هذه الكفالة هي ضد القوانين مجتمعة يجب أن ينص علي ذلك في الدستور.

- هل قرأنا الواقع المرير في الشارع المصري من مخالفات مرورية و حوادث وصل عدد ضحاياها إلي رقم يقارب شهداء حرب 67 و 73 معاً ؟ هل يحسم الدستور مسئولية الدولة عن نظافة الشارع و نظامه و عدم إشغال الطريق.نعم يستطيع الدستور أن يحسم هذه التجاوزات بأن يجعل المسئولية عن الشارع واحدة من أولي وظائف المجالس المحلية.و أن تكون هذه المسئولية مقياساً يقاس به العمل في هذه المجالس.و هو مقياس واضح للكل لا يمكن إخفاءه أو التلاعب به.فالشارع لن يتحول إلي سلعة خفية.
 

- في الواقع المصري حاجة شديدة متزايدة للأعمال الخيرية و المساهمات الأهلية لتنمية المجتمع.هذه المساهمات الأهلية لابد من ترجمتها لمستشفيات خيرية و مدارس أهلية  و تعليم للكبار و دورات تدريبية تأهيلية مجانية و ما شابه كل هذا علي أن تكون غير هادفة للربح.هذا التوسع في القطاع الخدمي الخيري لابد أن يضمنه الدستور .بأن يعتبر أي عمل خدمي مضمون محمي و مسنود من الدولة و معفي من أية رسوم طالما كان المشروع الخدمي تحت رقابة تضمن تقديمه للخدمة دون هدف للربح.
 

- في الواقع المصري الجديد توزيع مختلف للسكان.يوجد ما يزيد عن عشرة ملايين مصري يعيشون خارج مصر.هؤلاء ثروة بشرية و فكرية و إقتصادية وحضارية يجب أن يضمن الدستور لهم حقهم في مصر.سواء بالإنتخاب بغير عوائق أو روتين أو بتعميق الإنتماء للوطن لكي يكونوا ظهيراً وطنياً يسند مصر.ما هي وسيلة الدستور لحماية هذه الثروة العظيمة؟ هل ينص علي إلزام السفارات برعاية المواطنين و خدمتهم و جعل هذه الرعاية الهدف الأول لأي سفارة.هل ينص علي أن إعاقة ممارستهم لحقوقهم الوطنية تعد جريمة خيانة عظمي.نريد أن نمحو فكرة أن السفارة و السفير هو ممثل سياسي لمصر و أن يصبح راعياً للمصريين في بلد السفارة.  
 

- في الواقع المصري أزمة ضمير.و الكل يعلم أن الدستور لا يوفر الضمير الشخصي لكنه يوفر الضمير العام.أي ضمير جمعي للمصريين.ضمير يجعل المساواة أمراً ملزماً و المواطنة حقاً كاملاً.ليس فقط كافياً أن ينص الدستور علي حق المواطنة و المساواة لأن بلاد الواق واق أيضاً تضع في دستورها نفس العبارات ثم تتعامي عنها بكل بلاهة.نحن نريد دستوراً غليظ العصا مع المجرمين في حق المساواة و المواطنة.مع من يمارس تمييزاً تحت أي ظرف أو مبرر.نريد دستوراً يرهب المسئول و أيضاً المواطن.دستور غير قابل للتلاعب بألفاظه.حاسم بات جريء حتي يأتي اليوم الذي يستعيد المصريون ضميرهم الشخصي.نعم نحن نعاني أزمة في الضمير الفردي و الجمعي معاً لكن إذا كان الدين مسئولاً عن تربية الضمير الشخصي فالدستور مسئول عن تهذيب الضمير الجمعي.

ضمير الجهات الإدارية و التعليمية و الخدمية.ضمير الشرطة و الجيش و المحليات.ضمير الحكومة و الإعلام.لو نجح الدستور الجديد في إرغام هؤلاء علي إحترام المساواة و المواطنة في التعامل مع الجميع سوف يتوفر ضميراً نزيهاً تستمد منه مصر واقعاً أفضل.النص علي ممارسة المساواة و ليس فقط أن يكتب أن المصريين متساوون.نريد نصاً يحتمي به المواطن الضعيف أمام أي جهة تتجبر عليه.نصاً يجعل الأقلية في أي مجال لها نفس قدرات و فرص الأغلبية.نصاً لا ينصر أحد علي أحد.لكنه يؤكد مسئوليته علي حماية الضعفاء و الأقليات و قدرته علي إجبار من تسول له نفسه في سلب هذه الحقوق تحت أي مسمي ليتراجع و يخشي عصا القانون.إجعلوا كل الجهات الإدارية جهات خادمة للشعب.فالشعب الذي يعين الرئيس هو أعلي من الرئيس و أهم من الرئيس و من يليه .الفرد هو الأهم و حمايته من تغول السلطات هي الحل الوحيد لإسترداد الكرامة و القيمة الإنسانية المفقودة.
 

الضمير الصالح

أيها الرب الروح القدس ضمير الروح الحق.الضمير الصالح الذي إنغرس في الأغصان التي تثبتت في الكرمة و تشبثت بالكرمة.أنت بنورك تكسو النفس بهاءاً في الداخل و نعمة في الخارج.حينها تستضيء النفس و تنجذب نحو كل ما هو صالح و مسر و حق .أما الذين حرموا أنفسهم من هذا الضياء ففي الظلمة يمشون و لا يعلمون أنهم في الظلمة.
 

روحك يا رب الكل يكشف السرائر لمن يهتدي به.تنفك أمامه أختام الحياة.الأبواب المغلقة تنفرج أمامهم فيجدون دواماً بابك المفتوح.

أنت وحدك تعرف كيف تربي إنساننا الداخلي.هذا الضمير الذي بك وحدك يحيا.فيك وحدك يجد غذاءه و قوت يومه.يا زاد الضمير و فرح الداخل.يا صلاح القلب الحقيقي علمنا من رهافة إحساسك و رقة معاملاتك و بر مقاصدك و سلامة سبلك.
 

أيها الرب المحيي حين تري ضميرنا يموت منك أوقظه.هز كياننا الداخلي كي نفيق.لأنه ما المنفعة إن وقفنا كالأجراس ندعو الناس إلي مسكنك و لا ندخله بكل همة و مهابة.ما جدوي إنسان لا يتملح بملحك.ما قيمة عمل يخلو من مسحتك.هذا كله باطل.و إن إرتفعت اصواتنا بالصراخ لا ننتفع.أنت إذن ترد للضمير حياته حتي بك وحدك يدرك أعماقك.

رد إلي أوطاننا ضميرك الحي حتي قبل كل شيء تعود إليك و تهتدي. رد الضمير للقتلة فيصيروا مغتصبين لملكوتك.رد الضمير للزناة فيستنيروا ببهاءك.رد الضمير للسارقين فيتأهلوا وكلاء علي وزناتك.رد الضمير للخدام فيعودون إلي محبتهم الأولي.رد الضمير للرؤساء فيحكمون بحكمتك و حبك.إن رددت الضمير تعود الروح و ننهض من رقادنا.كذلك بك تنهض الأوطان.
 

علمنا أن نستشف ضيرك الحي من سحابة الشهود.هؤلاء الذين صاروا بروحك ضميراً للسماء علي أرضنا.

يا ربنا الروح القدس يا ضمير الأرض و السماء كن ضميري في كل حين و لك تخشع النفس و ينحني الكيان 


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع