الأقباط متحدون - التربية السياسية
أخر تحديث ٠٣:٢٥ | الجمعة ٢٧ سبتمبر ٢٠١٣ | توت ١٧٣٠ ش ١٧ | العدد ٣٢٦٤ السنة التاسعه
إغلاق تصغير

شريط الأخبار

التربية السياسية

بقلم: مؤمن سلام
عمل النظام السياسي المصري في السابق على إبعاد السياسة عن مدارسنا، وقمع أي نشاط سياسي في الجامعات المصرية، رافعا شعار لا سياسة في التعليم، وان المدارس والجامعات هي للعلم والتعلم فقط. ثم كانت الثورة وارتفع سقف الحريات ودخلت السياسة إلى كل شبر في مصر وليس فقط المؤسسات التعليمية. ولكن ما يحزن أن هذا الدخول اختلط بالعنف والصدام بين مؤيدين ومعارضين وتحول المدارس والجامعات إلى ساحات قتال ما جعل الأمر يبدوا أقرب إلى الفوضى منه إلى العمل السياسي الواعي القائم على العقل والفكر. ولذلك ارتفعت أصوات تطالب بمنع العمل السياسي داخل الفصول والقاعات الدراسية لتكون المدارس للعلم والتعلم فقط لا غير. ولكن على الجانب الأخر ارتفعت أصوات ترفض هذا الأمر وتعتبره عودة إلى الوراء، لعصور القمع وكبت الحريات.
 
الحقيقة الذي يجب أن نعترف بها أن أحد أسباب أزمتنا السياسية وعدم وجود كوادر سياسية شابة وصل بنا الآن إلى أننا لا نجد من نرشحه لرئاسة الجمهورية من خارج المؤسسة العسكرية، هو غياب السياسة عن مدارسنا. ولكن أي سياسة؟
 
السياسة التى يجب وجودها في مدارسنا هي السياسة العلمية والثقافية والفكرية أو ما يمكن تسميته "التربية السياسية" وليست الممارسة السياسية التى لا تعرف من السياسة إلا المظاهرات والهتافات التى تنتهي بالاشتباكات. مطلوب أن يتعلم أبناء مصر معاني الديمقراطية والحوار والحرية والمساواة وقبول الأخر ومهارات التفكير واتخاذ القرار، مطلوب أن يعرفوا معنى مصطلحات مثل حزب سياسي ودورة في الحياة السياسية ونظم الحكم بأنواعها، والفرق بين الأيديولوجيات المختلفة.
 
ولابد أن نشير هنا إلى أن أهم ما يجب أن تقوم علية التربية السياسية هو المحاكاة والممارسة العملية داخل المدرسة وليس التلقين كعادة النظام التعليمي المصري الذي اثبت فشلة وعقمه. فتلقين الطلاب بعض المبادئ ليكتبوها في الامتحان ويحصلوا على الدرجة لن يغير من الأمر شيء. التربية السياسية لابد أن تقوم على الممارسة داخل المدرسة من خلال فتح حوارات حول مواضيع مثارة في المجتمع ومحاولة الوصول إلى قرار والتصويت علية في محاكاة لمجلس الشعب. ولابد أن تكون المجموعات مختلطة الدين والعرق والجنس ليتعلم الطالب والطالبة أن العبرة هو بصحة الرأي وليس بمن يقوله مسلم أم مسيحي أم بهائي، ذكر أم أنثى، أبيض أم اسود. كما يجب أن تفعل دور اتحادات الطلاب لتشارك في اتخاذ القرارات المتعلقة بالطلاب والعملية التعليمية كتدريب أساسي لكوادر واعدة راغبة في ممارسة السياسة.
 
لقد تم حرمان المصريين طويلا من الديمقراطية وممارسة السياسة بحجة أننا أمة غير مؤهلة لذلك، وقد تأكد ذلك الرأي بخيارات الشعب المصري الانتخابية بعد 25 يناير 2011. إلا أن الملاحظ أن هذه الأمة تتعلم سريعا وتصحح أخطاءها سريعا، عندما تُعطى الفرصة للتعلم والممارسة، عندما أسقطت حكم الفاشية الدينية بعد سنة واحدة من حكمها. لقد أن لهذا المبرر السخيف لحرمان المصريين من دولتهم الديمقراطية الحديثة أن يختفي من حياتنا، وإذا لم يكن المصريين مؤهلين للديمقراطية فعلي الدولة ممثلة في وزارات التربية والتعليم، والثقافة، والإعلام أن تؤهلهم للديمقراطية والممارسة السياسية.

More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter