الأقباط متحدون - .. والمسيحى يمجد سيده
أخر تحديث ٠٣:٣١ | الجمعة ١١ اكتوبر ٢٠١٣ | بابه ١٧٣٠ ش ١ | العدد ٣٢٧٨ السنة التاسعه
إغلاق تصغير

.. والمسيحى يمجد سيده

الرئيس السوري بشار الاسد
الرئيس السوري بشار الاسد

بقلم : مدحت بشاى  

نعم، لو كان أى أحد قد شاورنى كمواطن مصرى، لما وافقت على وجود تمثيل للأزهر الشريف والكنيسة المصرية فى مشهد توافق القوى السياسية على تعطيل الدستور وتسليم إدارة البلاد لرئيس المحكمة الدستورية العليا، وصولاً لتوافق على خريطة للمستقبل، خصوصاً أن التمثيل كان فى أعلى درجة (الرئاسات الروحية الأعلى لتلك المؤسسات).. وذلك لأكثر من سبب، وقد يأتى فى مقدمتها لأول وهلة: كيف لشعب ثار وقدم تضحيات غالية وخرج بالملايين فى مشهد تاريخى يوم ٣٠ يونيو معبراً عن غضبه ورفضه لنظام قرر أن يُقحم الشأن الدينى بكل ما يمثل من قيم روحية سامية مطلقة فى العمل السياسى، وفق افتكاسة غاية فى الغرابة، مهد لها المستشار طارق البشرى بحدوتة «بمرجعية دينية»، والذى أودى بالنظام وأسقط رأسه وضيعنا فى «الوبا» يا هنادى.. كيف لنا من جديد استحضار الدين والعقيدة ونحن نقرر سياسياً الذهاب إلى حلم تحقيق دولة مدنية؟!!.. سبب ثانٍ: أن وجود البابا والإمام الأكبر يدعم توجهات من ناهضوا فكرة أن الثورة قد كانت بتوجيه أزهرى وكنائسى، وعليه يمكن أن يكونا فى مرمى اتهام أهل التشدد (وهو ما حدث بالفعل بعد ذلك عبر اتهامات رذيلة من جانب أهل النطاعة).. سبب ثالث: وهو دعم حدوتة أنه لابد من مباركة الأزهر الشريف والكنيسة المصرية عند اتخاذ قرار سياسى أو الشروع فى تنفيذ بناء سياسى، وهو أمر خطير أن يصبح ذلك التوجه من المُسلّمات فى المرحلة القادمة.. وبالمناسبة، فليذهب من يريد التبرك بهما إليهما فى دور العبادة بدلاً من توريطهما فى مشاهد الحضور السياسى، ولكن ما علينا خلّى المركب تمشى وخطة المستقبل تتحرك لنتجاوز حالة القلق والارتباك.

وما توقعنا قد حدث، فقد تم الزج بالأزهر والكنيسة فى عضوية «لجنة الخمسين» بدعوى تمثيلهما المسلم والمسيحى، وكأن لا ثورة قامت، ولا مسيحى خرج من كنيسته لساحة النضال المشترك فى ميادين الحرية، ولا مسلم دخل فى نزال فكرى مع أهل التطرف ولاقى ما لاقى من تبعات عنت الجدال مع أصحاب عقول قد تيبست مداركها!!!

وعليه لا ينبغى لوم تصريحات حزب النور وشكواهم من عدم تمثيل المسلمين، لأنهم يرون أنه لا إسلام إلا إسلام صفوت حجازى ويونس مخيون والأخوان الزمر وعاصم عبدالماجد.. بينما يرى علماء الأزهر الشريف أن الإسلام فى الأزهر، والكنيسة تردد المسيحية، لا يمثلها إلا الإكليروس الكهنوتى، ويتم ترديد مصطلحات بتُّ أحلم باختفائها، مثل «الإسلام الوسطى» و«المسيحية المعتدلة»، فى إهانة نوجهها لتلك الأديان تصل إلى حد الازدراء فى رأيى، وكأن تلك الديانات ــ وحاشا لله أن تكون كذلك ــ هى عقائد يمكن أن تكون متطرفة مرة، ووسطية مرة، وصالحة للمتسيبين ومن يخرج على صحيح عقائدها وتعاليمها مرة أيضاً، وعليه باتت العقائد والإيمان بتعاليمها مجرد وجهات نظر قابلة للتصنيف والانحياز لما نشاء لبعضها ورفض الأخرى، وهكذا.. والحقيقة أننى أستهجن المقولة المتكررة «فى الأزهر تجد الإسلام الوسطى»، وكان ينبغى الاكتفاء بقول الإسلام، وإن شئنا التقريب للبسطاء القول «صحيح الإسلام».

من مكاسب ثورة ٣٠ يونيو الرائعة رفض الشعب المصرى وجود جماعة ظلت أكثر من ٨٠ سنة تعمل تحت الأرض تارة وفوق الأرض مرات باسم «الإخوان المسلمين»، وكأن غيرهم ليس بمسلم.. لقد قرر الثوار بعد عام مرير مُحبط تحت حكم الإخوان أنه لا أحزاب بمرجعية دينية، وهى فى الواقع دينية، ولا خلط بين ألاعيب السياسة وتعاليم الأديان.

والحقيقة (وللأسف) قد لا أشاطر بحماس المرأة والنوبى والسيناوى والشباب والمسيحى والفقير تخوفاتهم من مادة ما توضع فى الدستور الجديد، وقد لا أتعاطف مع آمالهم المستحقة المشروعة فى إضافة مواد تحقق لهم المواطنة الكاملة، وذلك لسبب بسيط أن أهل التشدد والتخلف مازالوا بيننا يُعملون على الأرض قوانينهم الخاصة، والأهم أن ننتصر أولاً على فكر هؤلاء، عبر تغيير ثقافتهم المتعصبة والجاهلة والعنصرية، وبالتالى تهيئة المناخ لإعمال دستور دولة مدنية معاصرة، وأضرب مثالاً بسيطاً (لا يوجد قانون يطبق أحكاما دستورية تمنع الطالب المسيحى (الذكر) فى كلية الطب من الالتحاق بقسم أمراض النساء، وهو أمر مطبق، وكأنه قانون سماوى).

فى غمار فوضى دنيا الموالد التى نعيشها، يقفز بائع إلى عربات المترو، وتراه وكأنه قادم لتوه من «مولد شعبى»، مردداً «بُصوا يا حضرات..موسى نبى وعيسى نبى ومحمد نبى وكل من له نبى يصلى عليه» ويضيف الذكى الفاهم لفلسفات علوم التسويق «المسلم يصلى على النبى والمسيحى يمجد سيده».. فى أحلى من كده كلام للمواطن المصرى البسيط العبقرى لما يوجز حكاية التعايش الوطنى الإنسانى الرائعة فى جملة.. ياريت لجنة الخمسين وممثلى الكنيسة والأزهر تصل إليهم تلك الرؤية الفولكلورية المصرية، وحتى لا يصل الأمر إلى أن يناشد واعظ مسيحى الحضور «يجب أن نصلى جميعاً من أجل أن يضع الرب الدستور كاملا، وأن تكتب يده كل كلمة وكل حرف يعطى حرية لمصر، ويعطى خيرا ويرسم الطريق لتقدم شعبنا المصرى ».

medhatbe@gmail.com


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع