حملات تشويه بعد إعلان نيته الترشح لرئاسة مصر
قال مراقبون إن كل الدلائل تشير إلى أن عملية تصفية الفريق سامي عنان السياسية بدأت، خصوصًا بعد سيل الاشاعات والاتهامات والبلاغات ضده، واتهامه بالفساد وعقد الصفقات مع الاخوان، وكل ذلك بسبب نيته الترشح للرئاسة المصرية.
القاهرة: بدا واضحًا للجميع أن قيادات الجيش أصدروا ضوءًا أخضر لتنفيذ عملية لإغتيال الفريق سامي عنان، نائب رئيس المجلس العسكري السابق، لكن الأسباب غير معروفة حتى الآن، وإن ذهب المراقبون إلى أن تلك العملية تأتي في إطار عملية أوسع، لتطهير طريق الرئاسة لوزير الدفاع عبد الفتاح السيسي، لاسيما في ظل تصاعد شعبيته وإطلاق العديد من الحملات الشعبية لمطالبته بالترشح.
غضب السيسي
وتأكد أن عملية إغتيال عنان مستمرة، من غيابه عن الإحتفالات إنتصارات حرب أكتوبر في السادس من الشهر الجاري، وجولس رفيق دربه المشير حسين طنطاوي، رئيس المجلس العسكري السابق، إلى جوار السيسي، وجميع قيادات المجلس العسكري السابق، ما يؤشر على أن السيسي غاضب من عنان.
أطلقت صفارات الحرب ضد عنان لتصفيته سياسيًا، بمجرد إعلان مقربين منه نيته الترشح للإنتخابات الرئاسية المقبلة، وإزادات الحرب ضراوة بمجرد نشر مقتطفات من مذكرات منسوبة إليه، قال فيها إنه نصح المشير حسين طنطاوي بقيادة إنقلاب ناعم وتشكيل مجلس رئاسي مدني، عقب أندلاع ثورة 25 يناير. وبدأت وسائل الإعلام المصرية تشن هجمات قاسية ضده، إستخدمت فيها سيلًا من الشائعات، وإتهامات بالفساد، وأخرى بالتبعية أو عقد صفقة مع الإخوان لدعمه في الإنتخابات مقابل إعادتهم للعمل السياسي، وإلغاء قرار حل الجماعة، وقيل إنه رجل أميركا في مصر، وإنها تريده بديلًا للرئيس المعزول محمد مرسي.
الرجل القوي
كان ينظر إلى الفريق سامي عنان على أنه الرجل القوى في المؤسسة العسكرية، أثناء حكم الرئيس السابق حسني مبارك. وظل يحمل هذا اللقب خلال المرحلة الإنتقالية التي تلت إسقاط مبارك حتى تولي مرسي الرئاسة في 30 حزيران (يونيو) 2012. وينظر إليه شباب الثورة على أنه أحد القادة الذين يجب أن يقدموا للمحاكمة بتهمة قتل المتظاهرين أثناء الفترة الإنتقالية.
أطلق مقربون منه بالونات اختبار للرأي العام المصري، وأعلنوا نيته الترشح لإنتخابات الرئاسية في أعقاب الإطاحة بحكم الإخوان، وإصرار السيسي عن أنه لن يترشح للرئاسة. وتداولت وسائل الإعلام وصفه بالمرشح الأوفر حظًا والمدعوم من المؤسسة العسكرية، إلا أن الأمور إنقلبت رأسًا على عقب بعد نشر مذكرات منسوبة إليه تكشف بعضًا مما جرى خلال المرحلة الإنتقالية التي تلت إسقاط نظام حكم مبارك، وتولي المجلس العسكري مسؤولية إدارة البلاد، فسارع إلى العدول عن نتيه وأعلن أنه لا ينوي الترشح.
حملة انتخابية حقيقية
رغم نفي عنان نيته الترشح للرئاسة، إلا أن مقربين منه أكدوا لـ"إيلاف" أن عنان كان عقد النية بالفعل للترشح للرئاسة، لا سيما في ظل ما أعلنه السيسي في السابق من زهده في المنصب. وحصلت "إيلاف" على معلومات تفيد بأن عنان دشن بالفعل حملته الإنتخابية، وإتخذ مقرًا بحي غادرن سيتي الراقي بالقاهرة، بالقرب من فندق فورسيزون المطل على ضفاف النيل، وأضافت المعلومات أن عنان كان قد عقد سلسلة من اللقاءات مع مجموعات من شباب الثورة وزعماء قبائل سيناء، وبعض القيادات الإسلامية، من أجل دعمه في السباق الرئاسي، إلا أنه توقف بعد أن سربت مقتطفات من مذكراته، كان قد طلب الإذن بنشرها، لاسيما أن تلك المقتطفات تسببت في إعلان الحرب ضده. وإنطلقت حملات إعلامية لتشويهه، بهدف تصفيته سياسيًا، فتأكد من أن المؤسسة العسكرية غير راضية عن ترشحيه، وأن السيسي قد يترشح للرئاسة، وقرر تجميد حملته الإنتخابية لأجل غير مسمى.
وأعلنت قيادة القوات المسلحة غضبها من نشر مذكرات عنان، وأصدر المتحدث العسكري بيانًا حذر فيه وسائل الإعلام من نشر تلك المذكرات، لأنها تؤدي إلى إيجاد حالة من البلبلة والإثارة بشكل يمس أمن وسلامة القوات المسلحة ويؤثر على الأمن القومي في ظل ظروف بالغة الدقة والحساسية. وتأكد أن قيادة الجيش غاضبه على عنان، بعد غيابه عن إحتفالات القوات المسلحة بالذكرى الأربعين لحرب أكتوبر 1973.
تصفية سياسية
بدأت حرب تصفية عنان سياسيًا بالطريقة نفسها التي سبق إستخدامها مع نائب الرئيس السابق محمد البرادعي، ومرسي، وهي إطلاق سيل من الشائعات بحيث يعجز عن مواجهتها أو الرد عليها، تنتهي ببلاغات تطالب بمحاكمته بتهم تصل العقوبة فيها إلى الإعدام أو السجن المؤبد. ودشنت الحملة الإعلامية ضد عنان بالتشكيك في ذمته المالية، وإتهامه الثراء الفاحش والفساد. وقيل إنه من أغنى الشخصيات المصرية، ويمتلك أصولا ضخمة داخل البلاد وخارجها كما تربطة علاقة اقتصادية وثيقة مع كبار رجال الأعمال في مصر وخارجها، خصوصًا بدولة الإمارات وبالمملكة العربية السعودية. وقيل أيضًا إن هذه الثروة مسجلة بأسماء أقاربه، ومنهم نجل شقيقته محمد عبد الظاهر عبد الملك عنان. وزعمت وسائل إعلام مصرية أن نجل شقيقه عنان عرض بيع 12 فيلا و29 شاليه وعدد من القصور في ضاحية التجمع الخامس بالقاهرة مملوكة لعنان، ومنتجعات سياحية فخمة.
وطالت الشائعات نجله، فقيل إن الدكتور سمير عنان تم تعيينه باﻷكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا للنقل البحري عن طريق الفساد والمحسوبية، وبتدخل شخصي منه.
وقيل إن عنان هو مهندس صفقة تسليم مصر إلى الإخوان، وساهم في تزوير الإنتخابات الرئاسية لصالح مرسي مقابل عدم محاكمته هو وأعضاء المجلس العسكري على جرائم قتل المتظاهرين أثناء المرحلة الإنتقالية، ضمن ما يعرف بصفقة الخروج الآمن.
رجل أميركا
ومن الإرتباط بالإخوان إلى الإتهام بالعمالة لأميركا، إذ قيل إن عنان رجل أميركا في الجيش المصري أثناء حكم مبارك، وإن أميركا كانت تعده لخلافة مبارك، وتدعمه في الترشح للرئاسة. وكما هو الحال مع البرادعي ومرسي، تقدم عشرات المحامين ببلاغات ضد عنان بالتزامن مع الحملة الإعلامية. ووفقًا للبلاغات فإن التهم الموجهة إليه كانت إفشاء أسرار عسكرية، والإضرار بالأمن القومي، وقتل المتظاهرين، وهي تهم تتراوح العقوبة فيها ما بين السجن المؤبد والإعدام شنقًا. ومن تلك البلاغات ما تقدم به المحامى طارق محمود، المستشار القانونى للجبهة الشعبية لمناهضة أخونة مصر، ضد عنان، وإتهمه بتهديد الأمن القومي المصري ومخالفة قوانين المؤسسة العسكرية التي تستوجب مرور فترة زمنية لا تقل عن ثلاثين عاما لكى يمكن الموافقة من جهاز المخابرات الحربية على نشر مذكرات لأي قائد عسكري. وطالب البلاغ بفتح تحقيق فورى وعاجل فى وقائع البلاغ المقدم، ومنع المقدم ضده البلاغ من السفر، وإدراج اسمه على قوائم الممنوعين من السفر لحين انتهاء التحقيقات معه، وتم إرفاق جميع المستندات الدالة على قيام المقدم ضده البلاغ بنشر مذكراته المهددة للأمن القومى وإفشاء الأسرار العسكرية.
وكشف الخبير العسكري اللواء عبد الرافع درويش أن عنان سيخضع للمحاكمة العسكرية، بتهمة إفشاء أسرار تمس الأمن القومي، وكشفه العديد من الأسرار التي تمت في الفترة الانتقالية. وقال: "أنا لا ألمح وإنما أصرح، الفريق عنان أفشى اسرارًا لا ينبغي نشرها عن أمور حدثت داخل القوات المسلحة بعد عامين فقط من هذه الأحداث، فلا بد من محاسبته".
حرب سياسية
الهجوم على عنان لا ينفصل عن السباق الرئاسي الذي يبدو أنه بدأ مبكرًا جدًا. هكذا يرى اللواء محمد علي بلال قائد القوات المصرية في حرب الخليج، والمرشح الرئاسي السابق. وقال ل"إيلاف" ‘ن عنان يكفيه أنه كان قيادة عسكرية منضبطة، وأنه والمجلس العسكري حافظوا على البلاد في فترة عصيبة بعد سقوط حكم مبارك، وأرجع الهجوم على عنان إلى أن مصر على أعتاب انتخابات رئاسية.
ولفت بلال إلى أنه في هذه المرحلة يحاول كل من له مصلحة أن يحطم أي رمز من الرموز الظاهرة على الساحة والتي من الممكن أن يكون لها على الأقل فرصة النجاح، ضمن خطة تشويه صورة المنافسين لإبعادهم عن الساحة السياسية. وأضاف: "من ينوون الترشح في انتخابات الرئاسة القادمة هم من لهم مصلحة في تشويه صورة الفريق سامي عنان، وكذلك من يهمهم أن يترشح هذا أو ذاك، ولا أحد يستطيع الجزم بوجود شعبية لعنان في الشارع المصري من عدمه، فهو مثله مثل أي شخصية أخرى ترشح نفسها للرئاسة والصناديق هي التي تقرر ما إذا كانت له شعبية أم لا شعبية". وإنتقد الشائعات التي تتهم عنان بالفساد أو عقد الصفقات مع الإخوان أو أنه رجل أميركا، معتبرًا أنها أساليب رخيصة في العمل السياسي.