الأقباط متحدون - العلمانية الحارس الأمين على حرية العقيدة
أخر تحديث ١٠:٤٦ | الأحد ١٣ اكتوبر ٢٠١٣ | بابه ١٧٣٠ ش ٣ | العدد ٣٢٨٠ السنة التاسعه
إغلاق تصغير

العلمانية الحارس الأمين على حرية العقيدة

بقلم: مؤمن سلام
مازال تيار الإسلام السياسي يشن هجوم حاد وقاصي يستخدم فيه كل أسلحته التكفيرية والتدليسية ضد العلمانية عموما والليبرالية خصوصا مستفيدين من حالة الأمية التعليمية والأمية الثقافية التى تنتشر بين الشعب بعد أن عملت النظم المستبدة على تجهيل هذا الشعب ومحو أي رغبة لديه فى التعلم والتثقف منشغلا بمسابقات كرة القدم وأخبار الفنانين من طلاق وزواج وأعياد ميلاد. حتى أنهم صوروا ثورة 30 يونيو على أنها حرب على الإسلام والشريعة من أجل علمنة مصر، ما يعنى فى تصورهم المريض تحول مصر إلى دولة ملحدة تعادى الأديان وتحاربها.
 
كعادة الإسلامجية دائما فإنهم لا يخاطبون عقول الناس ولكن يخاطبون قلوبهم الطيبة التى تعشق الدين وتعتبرة خط أحمر لا يمكن الاقتراب منة فراحوا يغسلون عقول الناس بكلام ما انزل الله بة من سلطان عن العلمانية الكافرة التي ستجعل الرجال يتزوجون عند المأزون وأنها ستخفض عدد الصلوات إلى ثلاث صلوات فى اليوم بدلا من خمسة، وغيرها من الافتراءات التى تندرج تحت الدعايا السوداء.
 
ونحن فى هذه المرحلة الحرجة من تاريخ الأمة المصرية أصبح من غير الممكن السكوت على هذا التجهيل للشعب وأصبح من الضروري أن يخرج العلمانيين بكل صراحة ووضوح وان يعلنوا عن علمانيتهم فليس فى العلمانية ما يُخجل أو يخشى منه. لم يعد مقبولا أن يقول الشخص عن نفسه أنة ليبرإلي أو اشتراكي أو ناصري ثم ينكر انة علمانى فإن كان يقول ذلك خوفا فقد فقد احترامة لنفسة ولفكرة وان كان يقول بذلك مقتنعا مؤمنا بة فهذا دليل الجهل ونتيجة التغييب المتعمد الذى عملت علية النظم المستبدة والحركات الاسلامية منذ أكثر من ستين عاما.
 
يجب على الأمة المصرية أن تعلم أن  العلمانية ليست كفر ولا فسق ولن أخوض هنا فى تعريفات فلسفية وشروح أكاديمية لتعريف العلمانية ولكن دعونا نفكر ونعمل عقولنا معا. فالقول بأن العلمانية كفر يساوى القول عن كل من يرفع شعار الليبرالية أو الاشتراكية أو الناصرية بأنة كافر فكل من يحمل هذه الافكار ويؤمن بها هو علماني حتى وإن أنكر ذلك خوفا أو جهلا. فإذا كان العلمانيون كفارا فهل كان حكام مصر من محمد على باشا إلى حسنى مبارك كفارا؟ هل من يقول بأن الدين لله والوطن للجميع كافر؟ هل كان سعد زغلول ومصطفى النحاس وعبد الرحمن فهمي وأحمد ماهر والنقراشي وكل الزعماء السياسيين الذين ناضلوا وجاهدوا من اجل استقلال مصر فتم سجنهم ونفيهم وتعذيبهم من أجل مصر كانوا كفارا؟
 
هل كان مفكرين وأدباء وصحافيين مصر الذين حملوا أقلامهم وناضلوا من اجل تثقيف وتعليم وتنوير الأمة المصرية من رفاعة الطهطاوي إلى نجيب محفوظ مرورا بقاسم أمين وأحمد لطفي السيد وطه حسين ومحمد حسين هيكل وأحمد أمين والعقاد وهدى شعراوي وسيزا نبراوى وأمينة السعيد وأسماء كثيرة تعجز الذاكرة عن تذكرها كلها هل كان هؤلاء كفارا؟ 
 
بل الأخطر من ذلك هل كان شيوخ الأزهر كفارا عندما سكتوا على هذه العلمانية ولم يعلنوا كفرها وكفر من عمل بها؟ هل كان محمد عبده كافر عندما كان الصديق والمعلم للعلمانيين المصريين؟ هل كان شيوخ الازهر كفارا عندما سمحوا للقمص سرجيوس ان يعتلى منبر الازهر ويخطب فى الناس؟
إن التأمل فى أحوال مصر خلال عام من حكم الإخوان والدول من حولنا سيثبت للجميع ان العلمانية ليست ضد الدين بل هى الحارس الأمين على حرية العقيدة وممارسة الشعائر الدينية بكل حرية. فلولا العلمانية ما انتشر الإسلام فى أوربا وأمريكا. ولولا العلمانية ما استطاع أوباما ابن الرجل المسلم وحليف الإخوان أن يصبح رئيسا لأكبر دولة فى العالم. ولولا العلمانية لما استطاع قادة جماعات الإسلام السياسي أن يعيشوا فى أوربا ويكونوا الثروات الطائله التى يدعمون بها إرهابهم فى بلادنا. ولولا العلمانية لما استطاع الناس ان يبنوا المساجد والكنائس فى اليابان البوذية.
 
بل إن الناظر إلى أحوال الدول التى ترفع نظمها شعار الدين وتستخدمة كأداة للحكم والسيطرة على الشعوب سيجد انها أضرت بالدين من اجل ان تظل على كرسي الحكم. تذكروا ماذا فعل بنا الإخوان على مدار عام من حكمهم، فقد دمروا الاقتصاد، وجعلوا مصر مرتع للإرهابيين وكانوا يستعدون لبيع مصر قطعة قطعة لمن يدفع، بل لننظر إلى ما يفعلوه الآن وخاصة فى صعيد مصر من حرق الكنائس واختطاف المسيحيين. لقد فعلوا كل هذا رغم أنهم لم يكونوا قد تحكموا فى مفاصل الدولة تماما، ويرتكبون هذه الجرائم لأن الشعب خرج يرفضهم، فتخيلوا ما كانوا سيفعلونه لو تركناهم أكثر من عام حتى تحكموا تماما فى مفاصل الدولة المصرية واستقرت لهم الأمور؟ 
 
كذلك انظروا إلى نظام الحكم فى السودان الذى انشغل بجلد فتاة لأنها تلبس البنطلون عن مشاكل جنوب السودان حتى انفصل، ودارفور وما يجرى فيها من مذابح، والقمع الذي يتعرض له المتظاهرون الآن لأنهم خرجوا يعترضون على غلاء الأسعار.
 
انظروا إلى إيران وكيف وصلت نسبة الإلحاد فيها إلى 30% من عدد سكان بعد ان ذاقوا الأمرين على يد رجال الدين الذين يدعون التحدث باسم الله ويعدمون معارضيهم بتهمة محاربة الله ورسولة حتى أصبح شعار الايرانيين الآن " لقد كنا نشكو الشاة إلى الله، أما الآن فلمن نشكوا الله" هذة هى نتيجة الحكم باسم الله، تصبح كل جرائم النظام الحاكم هي جرائم الله.
 
انظروا إلى السعودية وما يحدث فيها من جرائم باسم الدين أين فى الإسلام ما يمنع المرأة من التصويت فى الانتخابات أو يمنعها من قيادة السيارة أو من التصرف فى أموالها. انظروا كيف يستخدم ال سعود الدين لمنع اى معارضة أو مناقشة مطلقين لرجال الدين العنان لإصدار الفتاوى التى تحرم التظاهر ومعارضة الحاكم وتكوين الأحزاب ومشاركة المرأة فى الحياة السياسية دون ان نسمع لهم فتوى واحدة فى حرمة نهب ثروات الشعوب أو إلقاء الناس فى السجون بدون محاكمة فضلا عن تعذيبهم.
 
انظروا إلى غزة التى انشغلت حماس فيها بمطاردة الشيشة والكوافيرات ومحاربة الجيش المصري بدلا من العمل على الخروج من المأزق الحالي ولم الشمل الفلسطيني من اجل إقامة دولة فلسطين المستقلة. وعلى ذكر فلسطين وإسرائيل كيف لمن يدعوا لإقامة دولة دينية فى بلادة ان يعترض على أن تكون إسرائيل دولة يهودية؟ إن رفض الدولة الدينية يعنى أن نرفضها هنا وهناك. فرفض الدولة الدينية فى مصر أو تونس أو سوريا يعنى رفضها أيضا فى إسرائيل والقبول بها هنا هو قبول بها هناك.
 
ولهذا على كل المحب للدين وحامى لجوهر الدين الحقيقي دين السماحة والأخلاق والمعاملة الحسنة وإتقان العمل وليس دين اللحية والنقاب والسواك والقتل والتفجير، أن يعمل على حماية الدين من التلاعب به وأن يصبح كرة تتلاعب بها الأقدام عن طريق العلمانية التى تفصل السياسة بكل أدرانها عن الدين بكل نقائة.

More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter