الأقباط متحدون - أما يَهُمُّك !
أخر تحديث ٠٣:٣١ | الخميس ١٧ اكتوبر ٢٠١٣ | بابه ١٧٣٠ ش ٧ | العدد ٣٢٨٤ السنة التاسعه
إغلاق تصغير

أما يَهُمُّك !

بقلم: ماجد سوس 
ذهبت يوما لأستأجر شقة "ستوديو" لأسكن فيها بمفردي وبعد ان انتهيت من كتابة العقد قال لي أحد الجيران أن هناك قصة يرددها سكان العمارة أن شخصًا وجد ميتا في هذه الشقة. وأخذ الرجل يضحك بصوت عالٍ وهو يقول: ربما ترى  يومًا شبح هذا الرجل.أعترف أنه حينئذٍ انتابني بعض الخوف ولكن أُرسِلَت لي رسالة مع صديق كنت قد شاركته ما سمعت  يقول فيها: دعنا نفكر بهدوء، أيهما أقوى في هذا الكون قوة الله أم قوة الشيطان؟ فقلت قوة الله بالطبع فأجابني إذا لن يستطيع أحد، لا من المنظور أو غير المنظور، أن يخيفنا قط، لأن المصلوب و صليبه قد سحقا الشيطان ومعه الخوف الذي طرح معه في الهاوية . 
 
رجعت الى بيتي وقلت كيف أخاف و الرب عن يميني . تذكرت ما حدث مع أبينا القديس متى المسكين حينما كان يعيش في مغاره في الصحراء و فجأة وجد ذئبًا يعوي فاهتزت نفسه قليلا ثم صلى و وجد نفسه يقول من هو إله هذا الذئب إنه الرب يسوع أيضا . اذا القرار في يسوع إذا قال له افترسه فسيفترسني! إذا فلأدع الله يتصرف. و خلد إلى نوم عميق و هرب الذئب.
 
كان الرّبّ يسوع يجول من مدينةٍ إلى أخرى، يتحنّن على النّاس ويشفي أمراضهم . وفي يوم من الأيام، اجتمع إليه عند البحر جمعٌ كثيرٌ أتوا من كلّ مكان. فوقف داخل سّفينة وراح يعلّمهم، وحين حلّ الظّلام، صرف الجموع وطلب من تلاميذه الإبحار بعيدًا عن الشاطىء.
 بعد يوم طويل من الخدمة والكرازة و العناء غالب يسوع النعاس أو ربما قد يكون أراد أن بعلمهم و ايانا درسا كيف نهديء أنفسنا  و نسكنها  وسط  الضيقات العظيمة ، في أي مكان و تحت أي ظرف  فرغم أن الهدوء كان يسود المكان في البداية ، لكن فجأة بدا كل شيء جميل يختفي . فالسحب السوداء غطت المكان و اختفى ضوء القمر والرياح اشتدت مع ارتفاع الامواج وكادت السفينة أن تنكسر اما يسوع  فما أن دخل السّفينة حتَّى استلقى على وسادةٍ في المؤخّرة ونام نومًا عميقًا.
 
حدث هذا في وقت ظلام دامس وهواء وعواصف عنيفة ولا سيما أن في ذاك الوقت لم يكن هناك أية إضاءة أو "دينامو" لتوليد الإضاءة أو حتى بطارية "كشاف". كانت كل الظروف قاسية للغاية و كان الرب نائما وكأنه – حاشا- لا يبالي بهم ، هكذا ظن التلاميذ لأن كلّ جهودهم باءت بالفشل.
    صرخ التلاميذ قائلين لماذا تنام "يا معلّم أما يهمّك أنّنا نهلِك"؟! قالها داود للرب قبلهم ، قم يارب لماذا تنام ؟ غرقنا في بحرٍ من الهموم والآلام . دَخَلتُ إلى أعماقِ المياه والسّيل غمرني"(مزمور 1:69، 2). إلى متى يا رب تنساني كل النسيان، إلى متى تحجب وجهك عني؟". وهنا الخطورة تكمن حينما نبدأ نشكّ في وجود الله و في عنايته و اهتمامه الدائم بنا وفي محبّة الرَّبّ وأمانته.
 
مع صراخهم استيقظ الرب و نظرإليهم ثم وجه نظره إلى الطبيعة الثائرة وقام وانتهر الرّيح ، ونظر الى البحر وقال له اسكت ابكم . في الحال سكنت الرّيح وخضعت له وصار هدوءٌ عظيم ! و ياللعجب الكل خاضع له  فهو الخالق مدبر الكون لذا فالطبيعة تطيعه وتؤتمر بأمره! ما هذا ، شيء لايصدقه عقل 
ما بالكم خائفين هكذا. كيف لا إيمان لكم؟! هكذا انتهر يسوع التلاميذ وهنا يقف الانسان متعجبا ،
كيف لا نخاف يارب و كل شيء حولنا مخيف جدا ،
كيف لا نضطرب و تيارات العالم وأمواجه تلطمنا وتريد أن تحطمنا ،
 كيف لا نقلق و كل المراكب الصغيرة حولنا لم تستطع أن تساعدنا او نساعدها . 
لا مال و لا وظيفة ولا نفوذ ولا كثرة عدد الاهل و الاصدقاء و المعارف و لا اي شيء يستطيع أن يقف أمام الموت والمرض و الخوف والفشل و الجوع والعري والظروف المعيشية القاسية و الضغوط النفسية الرهيبة التي يضغط بها العالم علينا.
كيف لا ايمان لكم ؟! ما هو الايمان الذي تريده مني يارب و كيف اجده في داخلي في وقت التجارب المره ربما تقصد ايمان القديسين انما انا ، انا  خاطي، ايماني ضعيف جدا .. 
الرب هنا يريد أن يقول لا يا ابني ، أنا لا أبحث عن أي نوع من الإيمان سوى نوعٍ واحد فقط هو ان تثق فيَّ وتترك كل شيء عليَّ . افعل كما فعل ابني بولس وقل " سلمنا فصرنا نحمل " هل تصدق أني موجود في قاربك؟ أني موجود في قلبك ، موجود في بيتك ، في كنيستك ، في سيارتك ، في عملك ، في مدينتك...؟ 
 
هذا سؤال اريدك تطرحه على نفسك في كل وقت وعليك ان تجيب عليه بكل ثقة .. هل انا موجود معك ام غير موجود؟ 
 هل موت أحبائك أو مرضك أو خطيتك أو فسادك أو ضعفاتك أو خوفك وقلقك من المستقبل يتوقف عليه وجودي أم أنا بالفعل موجود وسط كل هذه الظروف؟.
هل ضعف التلاميذ و خوفهم و قلقهم منع وجودي في السفينة ، ابدا ، انا موجود يابني موجود معك مش هاسيبك ابدا ، فكيف تضطرب ، كيف تخاف ، كيف تجزع ، حتى خطيتك لن تمنعني من البقاء بجوارك انتظر ان تثق انني لن اتركك .
كم من موتى قاموا لأن من أقاموهم آمنوا أن الرب عن يمينهم في السفينة ليقيم من الموت . 
كم من معجزات شفاء جسدي و نفسي و روحي تمت بسبب وجود شخص يؤمن أن الرب في السفينة .
 كم من ظروف عصيبة أحاطت بنا و تدخل الرب في نهاية الأمر قائلا مابالكم خائفين هكذا يا قليلي الإيمان؟ .
عزيزي ، الشك في وجود الله ، إنكار محبة الله لنا ، إحساسنا بأنه لاينظر إلينا لأننا خطاة ، استسلامنا لليأس و الخوف و القلق  هو سلاح عدو الخير ليحطمنا و يبعدنا عن ميناء خلاصنا .
 
ابليس يعرف جيدا أن عدم أمانتنا لا تبطل أمانة الله و عدم محبتنا لا تبطل محبة الله لذا يبعدنا بكل الطرق عن هذه الحقيقة التي تجعل فرحنا لا يستطيع احد ان ينزعه .
أننا لا يمكننا أن نستمد منه سلامًا متغيِّرًا متقلباً يتبدل و يتباين حسب الحالة و الظرف الذي نمر به انما سلامه ثابت يفوق كل عقل  وعوده صادقة امينة . نقشنا على كفه فلاتستطيع قوة ان تزيل هذا النقش الذي تثبت بدمه الكريم .
 
 الهي الحبيب ، أعترف أمامك يا إلهي أني كم من مرة شككت و خشيت على نفسي و مستقبلي و اولادي. كم من مرة أرددت في نفسي مقولة التلاميذ: "أما يهمك أننا نهلك؟"  بينما أنت تحفظني وتنجيني وتشغل نفسك بخلاصي و نجاتي كل ايام حياتي .. الآن علمت و تيقنت أنه يهمك أن لا نهلك.   

More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter