السبت ١٩ اكتوبر ٢٠١٣ -
٣٤:
١٠ ص +02:00 EET
بقلم : مؤمن سلام
مازال الجنس يشغل حيز كبير من تفكير الإنسان المصري، ويقيم الكثير من المواقف والأشخاص على أساس جنسي، تعبيرا عن الكبت والحرمان الذي يعانى منه، ملبسا كل ذلك لباس الدين. فهو يسعى لدخول الجنة ليستمتع بالحور العين وليس لرؤية الله، يحب هذه الممثلة لأنها مثيرة ولكنه في نفس الوقت يكرهها لأنها عارية، يغضب إذا رأى رجل وامرأة يتبدلان القبلات في الطريق، لكن لا يهتم إذا رأى رجل يتبول أمام النساء والرجال.
ومن هنا كان الموقف السلبي للمصريين من العلمانية وما يندرج تحتها من أيديولوجيات خاصة الليبرالية. فقد ارتبطت العلمانية عند المصريين بالحرية الجنسية المطلقة التى بلا ظابط ولا رابط، وفقا لما يسمعوه من شيوخ الأصولية وما يرونه في المجتمعات الغربية. وفى المقابل يتم تسويق الأصولية باعتبارها الحارس الأمين على القيم والأخلاق والشرف الذكوري المرتبط ببكارة الأنثى.
الحقيقة أن موقف العلمانية من الجنس هو موقف محايد، بمعنى أنها لا تفرض على الأفراد سلوك جنسي معين. فهي لا تجبر الأفراد أن يمارسوا الجنس خارج الزواج ولا تمنعهم أيضا، ولا تفرض على المجتمع قبول ذلك أو رفضه. كما أنها لا تفرض على الدول السماح بزواج المثليين جنسيا، ولا تمنعها أيضا. ببساطة العلمانية تترك للأفراد حرية الاختيار والقرار، وتترك للمجتمعات حسب درجة تطورها أن تقر ما تشاء من قوانين. ولعل في عدد الدول العلمانية التى تسمح بزواج المثليين ما يدلل على هذا، حيث يبلغ عدد هذه الدول 15 دولة فقط بالإضافة إلى بعض الولايات بالولايات المتحدة الأمريكية، فهناك ولايات أخرى تمنعه. وكانت أول دولة تقر هذا الزواج هي هولندا في عام 2001 ولهذا التاريخ مدلول أيضا. كذلك هذا الانفتاح الجنسي الكبير الذي نراه في الغرب لم يظهر إلا في ستينات القرن الماضي مع الثورة الجنسية وظهور مجموعات الهيبز والتي اجتاحت أوربا وأمريكا متأثرين بكتابات بعض المفكرين. وهنا نحن نتحدث عن فارق 400 سنة بين ظهور الأفكار العلمانية وبين الثورة الجنسية، ما يؤكد أن لا رابط بين الحرية الجنسية والعلمانية. فالحرية الجنسية في الغرب هي نتيجة تطور هذه المجتمعات واتساع وتنامي جميع أنواع الحريات بدءا من حرية العقيدة وانتهاء بالحرية الجنسية وليست نتيجة العلمانية. بل إن الدول العلمانية تضع بعض القيود على ممارسة الجنس تتعلق بعمر الإنسان ذكر كان أو أنثى، وقوانين أخرى تمنع الاستغلال الجنسي للإنسان، قوانين تطبق بصرامة على عكس ما يتم في بلادنا.
على الجانب الأخر، نجد الأصولية وقد أطلقت العنان دون قيد أو شرط للممارسات الجنسية، باستثناء وجود ورقة تربط الرجل بالمرأة، وغالبا ما تكون ورقة مؤقتة يتم تمزيقها بمجرد حصول الرجل على ما يريد من الفتاة. فقبل ظهور الأصولية في مصر في سبعينات القرن العشرين، كان الزواج هو الزواج الرسمي المسجل عند المأذون، والزواج العرفي الذي قد يلجأ إليه الطرفين تجنبا لبعض المشاكل الأسرية ولكن يظل الهدف من النوعين هو زواج مستمر بهدف الإشباع الجنسي وتكوين أسرة.
أما مع ظهور الأصولية فقد ظهر أنواع جديدة من الزواج الهدف منها هو الإشباع الجنسي فقط لا غير وينتهي هذا الزواج بمجرد انتهاء رغبة الرجل في هذه الفتاة لينتقل لفتاة أخرى. فرأينا زواج المسيار وزواج فريندز وزواج ويك اندز وزواج وناسة وزواج المصياف والزواج السياحي وزواج ملك اليمين ثم كانت أخر أنواع الممارسات الجنسية المتلفحه بالدين وهو جهاد المناكحة. وهنا لا أدري ما الفرق بين هذه الظاهرة الجنسية الأصولية وبين الثورة الجنسية التى حدثت في أوربا وأمريكا؟ هل هي الورقة التى يتم كتابتها ليتم تمزيقها بعد أيام أو أسابيع أو شهور على الأكثر؟
بل إن المدقق للنظر سيجد أن الأصولية وصلت في هوسها الجنسي مرحلة لم تبلغها العلمانية في أقصي صورها جموحا. ففي النظم العلمانية ممارسة الجنس مع من هي اقل من 18 سنة جريمة وكلما قل العمر كلما أصبحت الجريمة أشد والعقوبة أقصي. أما على الجانب الأصولي فممارسة الجنس مع أي أنثي مباح وحلال والزواج بمن هي في التاسعة إتباعا للنبي، الذي تزوج السيدة عائشة وهى في سن التاسعة حسب روايتهم ويهملون الرأي الذي يقول أنها كانت في الثامنة عشر، بل ويبيحون التمتع بمن لم تبلغ الحلم. وقد رأيناهم جميعا يخوضون المعارك التشريعية في مجلس الشعب للسماح بزواج القاصرات بل ومضاجعة الميتات.
ومن ناحية أخرى، تجعل العلمانية المسألة الجنسية خاضعة للاختيار الحر للطرفين الرجل والمرأة حيث يكون كلاهما في سن يسمح له باختيار ما يريد. أما على الجانب الأصولي فالاختيار هنا هو للرجل فقط الذي يشترى بماله المرأة باسم أي نوع من أنواع الجنس المسمى "زواج" في حالة كانت المرأة في سن يسمح لها بهذا القرار، أما إذا كانت طفلة فهي تخضع لصفقة تجارية بين الرجل الغني والأهل الفقراء، لتصبح الأنثى هنا ضحية لشهوة الرجل ومجرد لعبة جنسية يستمتع بها ثم يتخلص منها بمجرد انتهاء الأجازة أو رغبته في التغيير.
وهنا يحق لنا أن نسأل فى ظل هذه الحقائق من هو المهووس جنسيا حقا العلماني أم الأصولي؟