الأقباط متحدون - السلفية في ميزان العلم والشرع والإنسانية (3)
أخر تحديث ١٣:٠٣ | الخميس ٢٤ اكتوبر ٢٠١٣ | بابه ١٧٣٠ ش ١٤ | العدد ٣٢٩١ السنة التاسعه
إغلاق تصغير

السلفية في ميزان العلم والشرع والإنسانية (3)

بقلم إسماعيل حسني
تنقسم السلفية اليوم إلى ثلاث مدارس رئيسية تتبع كل منها عدة فرق وجماعات. هذه المدارس هي السلفية العلمية، والسلفية الحركية، والسلفية الجهادية.
ورغم اختلاف هذه المدارس في تفاصيل المنهج الدعوي إلا أن جميعها تنطلق من ذات الأسس النفسية والفكرية التي يمكن تلخيصها فيما يلي:
 
أولا: الحالة الذهنية النكوصية التي ينهزم فيها الإنسان وينسحب من المواجهة مرتدا إلى أطواره الأولى، حيث يميل إلى التفكير والتصرف بأشكال بدائية، ليصبح الماضي لا الحاضر هو محور إرتكازه ومركز إنطلاقه.
 
ثانيا: إعتبار السلفية هي الفرقة الناجية وتكفير المخالفين أو إخراجهم من ملة أهل السنة والجماعة.
 
ثالثا: النظر بدونية للإنسان وإنكار حقه وحريته في تقرير مصيره، والرغبة المحمومة في التسلط عليه، واستخدام النصوص الدينية في مصادرة أفكاره ومشاعره (وهو ما سنتعرض له بالتفصيل لاحقا). لهذا يتفق السلفيون جميعا على تحريم الممارسة الديموقراطية التي تمنح البشر حرية تشريع القوانين التي تحكم حياتهم.
 
رابعا: العداء الشديد للعقل باعتباره مناط تحرر الإنسان وانطلاقه على الرغم من الإنجازات الهائلة الذي استطاع العقل الإنساني تحقيقها لخدمة الإنسان في جميع المجالات.
 
خامسا: إنكار حقيقة أن التطور المستمر الذي يطرأ على المجتمعات الإنسانية عبر العصور سواء في معارفها أو في وسائل إشباع حاجاتها لابد أن يؤدي إلى تغير مستمر أيضا في أفكار وقيم وأنماط سلوك أفرادها، والإصرار على إمكانية إحياء النموذج البدائي للحياة الذي كان سائدا في صدر الإسلام بمفاهيمه القديمة وقيمه المتقادمة، وضرورة تطبيقه على الواقع المعاصر.
 
وهنا يكمن الفارق الجوهري الوحيد بين المدارس السلفية الثلاث، فالسلفية العلمية ترى أن تتم عملية إحياء هذا النموذج من خلال نشر العلوم الفقية والشرعية عن طريق الدعوة والموعظة الحسنة، وتحرم الخروج على الحاكم ولو كان ظالما، لهذا تتهم بأنها سلفية مهادنة أو سلفية السلاطين خاصة من قبل السلفية الجهادية التي تؤمن بأن إقامة الدولة الإسلامية لن يكون إلا عن طريق الجهاد المسلح لإسقاط الأنظمة الكافرة التي تحكم بغير ما أنزل الله. أما السلفية الحركية فتقف في منزلة بين المنزلتين، فهي تمارس الدعوة من ناحية، ولا تسقط فريضة الجهاد من ناحية أخرى ولكنها تشترط توفر شروطه، أي إمكانيات نجاحه.
 
إلا أن هذا الفارق الذي يبدو جوهريا سرعان ما يتهاوى إذا ما لاح شبح السلطة في الأفق، هذه المرأة اللعوب التي يعشقها السلفيون ويضحون في سبيلها بالغالي والرخيص.
 
فمع ظهور البوادر الأولى لنجاح الثورات العربية في إسقاط الأنظمة ابتلعت الجماعات السلفية فتاوها بتحريم الخروج على الحكام وركبت موجة هذه الثورات من أجل عيون السلطة، بل ولم تتورع جميع المدارس السلفية عن تأييد استخدام القوة المسلحة في إسقاط بعض الأنظمة كما حدث في اليمن وليبيا وسوريا.
 
كذلك ابتلع السلفيون تراثهم الكبير في تحريم الديموقراطية والحياة الحزبية، وسارعوا بتشكيل أحزاب سياسية تمارس كل ما كانوا يعدونه من قبيل الشرك والفسق والفجور، في محاولة انتهازية ساذجة لخداع الجماهير واستخدام الديموقراطية التي يحرمونها كسلم للوصول إلى السلطة. يتبع.

More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter