الأقباط متحدون - ربنا على الخاين وابن الحرام
أخر تحديث ٢١:١٨ | الخميس ٢٤ اكتوبر ٢٠١٣ | بابه ١٧٣٠ ش ١٤ | العدد ٣٢٩١ السنة التاسعه
إغلاق تصغير

ربنا على الخاين وابن الحرام

هذا العنوان الغريب لهذه المقالة هو قول دارج عند إبرام الاتفاقات بين أولاد البلد فى أزقة وحوارى مصر، وأجده مناسباً لما نشاهده هذه الأيام من أحداث وتصرفات قد ينطبق عليها هذا القول المأثور.
 
تبدأ القصة عندما اتخذ أنور السادات قراره الشهير بطرد الخبراء السوفيت من مصر فى عام ١٩٧٢، تمهيداً لقيام الجيش المصرى بالإعداد لمعركة العبور لأن الرئيس المصرى لم يكن ليأمن ألا تتسرب خطط العبور إلى الجانب الآخر لإحساسه بأن السوفيت يرغبون فى استمرار الوضع القائم للإبقاء على المميزات التى حصلوا عليها من جراء هزيمة مصر فى يونيو ١٩٦٧ وهى الاعتماد على العتاد والخبراء السوفيت، رغم أنه كان قد قام بتوقيع معاهدة صداقة مع الجانب السوفيتى قبل الطرد بفترة وجيزة، وقد لام الكثيرون السادات لأنه قام بطرد الخبراء السوفيت وعائلاتهم من مصر، وما ترتب على ذلك تقلص النفوذ السوفيتى فى الشرق الأوسط، وكان فى اعتقاد البعض أن السادات كان يمكنه الحصول على مكاسب كبيرة وكثيرة من الغرب فى مقابل طرد السوفيت من مصر.
 
لكن هل كانت هذه المكاسب سوف تؤمن له رجوع سيناء غير منقوصة بلا قتال؟ أعتقد أن ذلك محل شك، وأعتقد أن طرد السوفيت وعبور القناة من خلال حرب ناجحة كلاهما له مغزى سياسى ورسالة موجهة للولايات المتحدة الأمريكية، فحواها أنه يمكن أن نكون أصدقاء إذا ما قامت الولايات المتحدة بكبح جماح إسرائيل فى حالة ما إذا قام الجيش المصرى بعبور القناة واسترداد الأرض.. أعنى استرداد الكرامة.
 
إن هذه المقدمة تكتسب أهميتها عند قراءة الأحداث التى بدأت بعد ٢٥ يناير ٢٠١١، رغم أن الأحداث المذكورة فى هذه المقدمة مضى عليها أربعون عاماً بالتمام والكمال، وقد مرت من تحت الجسر مياه كثيرة منذ ذلك التاريخ، وتطورت العلاقات بين مصر والولايات المتحدة الأمريكية، وذلك بعد توقيع معاهدة سلام مع إسرائيل بمباركة أمريكية، وتدريجياً تم الاستغناء عن السلاح الشرقى من خلال بيعه واستهلاكه فى حروب العراق مع إيران وحرب أوجادين بالقرن الأفريقى.
 
بدأ عهد جديد من العلاقات المصرية- الأمريكية، وتطورت هذه العلاقات تطوراً إيجابياً ومن ثم تم تحويل صواريخ «برشنج» الأمريكية الموجودة فى قواعد حلف الأطلنطى فى كل من تركيا وقبرص وروديس وجنوب إيطاليا، التى كانت موجهة إلى أهداف مصرية، إلى وجهة أخرى بعد أن أصبحت مصر دولة صديقة للولايات المتحدة الأمريكية، وبالتالى مع دول حلف شمال الأطلنطى.
 
إن مصر التى احترمت تعهداتها الموقع عليها فى معاهدة السلام مع إسرائيل، والتى كانت الشغل الشاغل للولايات المتحدة الأمريكية وكيفية الحفاظ عليها بعد اغتيال صانع السلام الرئيس أنور السادات.
 
إن تعاون القوات المسلحة المصرية مع القوات الأمريكية ورفقة السلاح واقتسام الخنادق فى حروب تحرير الكويت والعراق والقيام بمناورات مشتركة تحت اسم «النجم الساطع» لم تشفع لمصر لدى الولايات المتحدة فى عهد الرئيس أوباما، الذى كان من الواضح أن إدارته قد قررت أن التحالف العسكرى الاستراتيجى مع مصر أصبح بلا ضرورة بعد سقوط النظم التى كانت تهدد المصالح الأمريكية فى المنطقة، لذا أصبح لزاماً على الولايات المتحدة الأمريكية أن تقوم بتدمير الجيش المصرى الذى ساهمت فى تسليحه وتدريبه على مدى أربعين عاماً.
 
إن الأسلوب الذى تعاملت به الإدارة الأمريكية مع مصر منذ سقوط نظام مبارك لا يتناسب مطلقاً مع من كنا نظن أنه يطلق على مصر اسم الحليف أو الصديق. إن التحالفات والاتفاقات المشبوهة التى أبرمتها الولايات المتحدة الأمريكية مع جماعة الإخوان المسلمين، سواء فيما يخص تخفيف الضغط على القوات الأمريكية فى الجبهة الأفغانية، وذلك بأن تقوم الجماعة بسحب المقاتلين العرب الأفغان وتوطينهم فى سيناء تمهيداً لقيام وطن بديل مدفوع الثمن للفلسطينيين بالتعاون مع منظمة حماس.
 
إن شعوب المنطقة لديها من الأحلام والطموحات ما قد يختلف جذرياً عما تراه الإدارة الأمريكية، التى مازالت تزعم أنها الحليف والصديق للعرب، فبحكم هذه الصداقة والتحالف يجب على الإدارة الأمريكية محاولة استيعاب هذه الطموحات.
 
إن ما حدث منذ ٢٥ يناير ٢٠١١ وما أعقبته من أحداث، حتى سحب السفيرة باترسون، وإعادة النظر فى برنامج المساعدات الأمريكية لمصر، سوف يخلق بيئة ومناخاً غير صحى فى المنطقة، حيث إن شعوب المنطقة، خاصة الشعب المصرى، أصبح يرى أن تصرفات الولايات المتحدة الأمريكية تقترب من حد الخيانة لشعوب المنطقة.
إن خيانة الصديق والحليف هى الأقسى على المرء والأشد مرارة....
«رب احمنى من أصدقائى.. أما أعدائى فأنا كفيل بهم».
 
نقلا عن المصري اليوم

More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع