الأقباط متحدون - وهى ايه اللى وداها هناك؟
أخر تحديث ٠١:٢٣ | الخميس ٢٤ اكتوبر ٢٠١٣ | بابه ١٧٣٠ ش ١٤ | العدد ٣٢٩١ السنة التاسعه
إغلاق تصغير

وهى ايه اللى وداها هناك؟


بقلم منير بشاى

       عنوان المقال يشير الى الطفلة الشهيدة مريم نبيل فخرى (8 سنوات) التى قتلها رصاص الارهاب ضمن خمسة آخرين منهم طفلة أخرى اسمها أيضا مريم وشاب مسلم.  وكانوا جميعا واقفين يستعدون للدخول لحضور حفل زفاف فى كنيسة القديسة العذراء مريم بالوراق عندما اطلق عليهم النيران ملثمان يركبان دراجة بخارية.
        كانت صورة الطفلة الشهيدة مريم نبيل فخرى منشورة على الفيسبوك وتحتها سجل بعض القراء تعليقاتهم ومن ضمنها كتب رجل اسمه محمد صابر عبد النبى تعليقا يقول "وهى ايه اللى وداها هناك؟"
        وبعد هذا جاء ردا عليه تعليق آخر لرجل مسلم اسمه معتز قنديل قال فيه "اللى وداها يا خروف انها راحت بيت عبادتها لانها ملاك ميعرفش القتل يا خروف يا ابن الخروف".
 
        عندما قرأت هذا الخبر الذى تناقلته بعض الصحف والمواقع الالكترونية تذكرت ان هذه الكلمات "ايه اللى وداها هناك؟" قد تم ترديدها من قبل.  وتذكرت ان المناسبة كانت فى احدى المظاهرات فى ميدان التحرير وكان المشار اليه فى ذلك الوقت فتاة مسلمة كانت تلبس "عباية" وقد سحلوها وعروا جسدها أمام الجماهير، وامام الكاميرا ليراها المزيد من الناس.  وعوضا عن ادانة من عملوا هذا الفعل القبيح وجدنا بعض الناس يلومون الفتاة المسكينة بالقول "وهى ايه اللى وداها هناك؟" وامعانا فى الادانة وجّه لها البعض اللوم على انها لم تلبس ملابسا كافية تحت العباية وكأن الفتاة كانت تعرف ما سيحدث لها مسبقا ولم تستعد له.  بل ان البعض الآخر استبعد ان تخرج فتاة فى المظاهرات لتعبّر عن رأيها كمواطنة يهمها مصير الوطن واقترحوا ان الفتاة مثل غيرها من النساء ذهبوا للتظاهر طلبا للتحرش الجنسى.
 
        وقد جلست افكّر فى المنطق الذى دفع محمد صابر عبد النبى للاعتقاد ان الطفلة الشهيدة مريم يقع عليها بعض اللوم فى عملية قتلها.  هذا مع ان الرجل لا يوجه كلمة لوم واحدة ضد من دبّر الجريمة ومن ذهب الى مكان الجريمة ومن امسك الزناد وضغط هليه وافرغ عشرات الطلقات على أناس لا يعرفهم ولا يعرف عنهم سوى انهم يختلفون عنه فى الدين.  وقد خطر على ذهنى بعض الاسباب التى ربما تكون قد جالت بفكره عندما تساءل عن مريم : ايه اللى وداها هناك؟
        ربما كان السبب عنده هو الاعتقاد ان تردد الفتاة على الكنيسة هو تردد على بيت الكفر.  ومن يفعلون ذلك فيمكن ان يصيبهم عقاب الله لكفرهم واشراكهم.  وفى هذا قد يجدون ما يؤيد هذا القتل مثل النص الذى يقول اقتلوا المشركين حيث وجدتموهم.  وطبعا الباحث عن مكان يوجد فيه المشركين (فى رأيهم) لن يجد مكانا  يجمع العدد الكبير قدر الكنيسة.
 
        وقد يظن انه من سؤ التقدير ان يتواجد الانسان فى كنيسة وهو يعلم مدى تعرضها للهجمات.  وربما فكّر فى عشرات الكنائس التى تم حرقها او هدمها فى الأونة الأخيرة.  وهنا قد يظن ان من يذهب للكنائس كان يجب ان يعرف مخاطر تلك الأماكن ويبتعد عنها والا فعليه ان يتحمل مسئولية تصرفه.
 
        وقد يظن الرجل ان ذهاب الفتاة الى الكنيسة سوف يزيدها تثبيتا على كفرها وبالتالى يكون من الصعب هدايتها.  وبالتالى فالكنائس لا تحظ بالقبول الالهى بل على غضب الله. وعدم الذهاب للكنائس يباعد بين الانسان وبين اغضاب الله وأيضا يجعله قريبا من الله.
 
        وقد يكون هناك امنية داخلية لدى الرجل ان برى الفتاة ليس فى حفل زواج لعروس فى كنيسة بل فى تزويجها هى طبقا لمعتقدهم.  فربما فى رأيه ان الصورة لو تغيرت وبالتالى ابتعدت الفتاة عن مكان الكنيسة لما حدث لها شىء من هذا.
 
        أعلم ان هذه الاحتمالات تبدو غير معقولة. ولكن ايضا من يقول عن فتاة عمرها 8 سنوات انها ساهمت فى عملية قتلها بتواجدها فى الكنيسة لا يمكن ان يكون الا انسان غير معقول.  وسردى لهذا لا يجب بحال ان يفسر على انه نقد للاسلام كدين او المسلمين ككل.  فالغالبية الساحقة من الاخوة المسلمين قد ادانت هذا العمل الخسيس بكلمات اقوى مما يستطيع ان يقولها أى مسيحى.  بل ان عددا من المصابين داخل الكنيسة كانوا من اخوتنا المسلمين الذين جاءوا لكى يؤدوا واجب المشاركة فى الافراح لجيرانهم المسيحيين وقد اصابهم ما اصاب المسيحيين. 
 
        وأخيرا ردى على القتلة الذين يلومون الفتاة الشهيدة بقولهم: ايه اللى وداها هناك؟ هو سؤال مشابه.  سؤالى لهم: وانتوا ايه اللى جابكم هنا؟ آه..نسيت انهم جاءوا الى الكنيسة  ليقوموا بواجبهم نحو الله لقتل المترددين عليها،  وهو واضح انه إله من صنع خيالهم المريض لا نعرفه نحن ولا يعرفه كل مسلم شريف.
 
Mounir.bishay@sbcglobal.net

More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع