الأقباط متحدون - من أطلق النار يامريم على قلبك الصغير؟
أخر تحديث ٠٧:٢٦ | الجمعة ٢٥ اكتوبر ٢٠١٣ | بابه ١٧٣٠ ش ١٥ | العدد ٣٢٩٢ السنة التاسعه
إغلاق تصغير

من أطلق النار يامريم على قلبك الصغير؟

صوره أرشيفيه
صوره أرشيفيه

بقلم : د. أحمد الخميسي

لاشيء سوف يعيدك إلينا الآن يامريم. لاشيء سيعيدنا إليك. سنبقى نحن هنا، وترتقين أنت درج النور إلي حديقة طفولة تضم كل الصغار الذين لم يكبروا. الذين لن يكبروا. نحن هنا سندير الشريط المصور مرة بعد أخرى لنراك حيث كنت تقفين في كنيسة الوراق وأنت تتحسسين أطراف فستانك الجديد قبل أن يخترق الرصاص قلبك الصغير. ندير الشريط ثانية لنراك وأنت تفلتين من قبضة والدتك. تندفعين بفرحة أعوامك الثمانية إلي أرجاء القاعة. ترفعين بصرك إلي النساء والرجال الكبار. تدورين وترقصين وترفرفين لحظة كالنور قبل عبور الموتوسيكل وفوقه الملتحيان الملثمان. ندير الشريط ونسأل أنفسنا : كيف تركناهم يفرغون رصاصهم في قلبك الأخضر يامريم؟ 


ملتحيان ملثمان على موتوسيكل إما من الإخوان المجرمين أوممن يدور في فلك دعوتهم إغراق الوطن في مستنقع الدم والعنف. لكنك يامريم لست ضحية هذين وحدهما، بل وكل من دعا إلي المصالحة مع الإخوان معتبرا أن الإجرام تيار فكري، وأن العدوان وجهة نظر، أن الاغتيالات والتفجيرات تعبير عن رأي، وأن كراهية الآخرين برنامج سياسي! أولئك السياسيون والمفكرون أعطوا القتلة الضوء الأخضر حينما نقلوا إليهم بدعوة المصالحة رسالة بأن عليهم ألا يخافوا وأنهم مهما ارتكبوا فإن المصالحة والغفران– وليس العقاب- في انتظارهم! دم الطفولة معلق بالقدر ذاته في رقبة المجرمين الذين غطوا وجوههم والسياسيين ذوى الوجوه المكشوفة!

أدير الشريط يامريم وأراك وأنت في الكنيسة تمضغين قطعة حلوى قبل اندفاع الموت إليك. ثم نرى قلبك الذي استقرت فيه الرصاصة حيثما كان ينبغي أن يستقر الحب والفرح، فأقول لنفسي إن الجريمة أكبر من هذا، وأن هناك أطرافا أخرى كثيرة ساهمت فيها. التشريع الذي مازال يضع خانة الديانة في الأوراق الرسمية فيعرف المواطن بدينه وليس بوطنه، والإعلام التلفزيوني والإذاعي الذي لا يساوى الأقباط بغيرهم في أوقات البث، والتمييز الذي يتم عند التعيين في الوظائف وعند الترقية وفي شغل المناصب الكبرى في الشرطة والجيش والجامعات. والتجاهل المستمر لضرورة سن قوانين تعاقب على " الحض على الكراهية" من فوق منابر الجوامع، وفي المدارس.

أخيرا غض النظر المتعمد عن طبيعة المناهج التعليمية السائدة التي تتجاهل المراحل القبطية من تاريخ مصر أو تعبرعليها بكلمتين من باب سد الخانة. فإذا أردنا بصدق ألا يتم اغتيال الطفولة في بلادنا فإن علينا أن نعلم أولادنا منذ الصغر أن تاريخ مصر ضفيرة من الكفاح المشترك لكل أبنائها ، بحيث ينشأ لدينا جيل جديد يدرك أن " الله الرحمن الرحيم " هي بالضبط " الله محبة "، وأن تفاحة الثقافة والتطور المصري من غرس سلامة موسى وطه حسين معا. من غرس لويس عوض ويوسف إدريس معا. ألفريد فرج ود. عبد العظيم أنيس معا.

وأن قائمة شهداء حرب أكتوبر وكل حروب الدفاع عن مصر لم تميز دما قبطيا من دم مسلم.
أدير الشريط يامريم وأراك فأسأل نفسي : إلي متى يغتالون الأطفال في بلادنا؟ إلي متى يلقون بهم من فوق أسطح البيوت؟ إلي متى يمكن أن تظل الجريمة قانونا ، والقانون جريمة؟. وإذا كانت الدولة لا تخجل مما يجري فإننا نشعر بالعار يغمرنا حين تقتل طفلة على بعد خطوات ونعجز عن الدفاع عنها. أصبحت ضرورة قصوى قيام الحكومة الانتقالية بسن القوانين الرادعة وتغيير مناهج التعليم والتصدى للتمييز، فكل أولئك هو التربة التي ينمو فيها شوك الكراهية والعدوان.
 


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter