الأقباط متحدون - ماذا لو لم يتدخل الجيش؟
أخر تحديث ١٠:٠٥ | الجمعة ٢٥ اكتوبر ٢٠١٣ | بابه ١٧٣٠ ش ١٥ | العدد ٣٢٩٢ السنة التاسعه
إغلاق تصغير

ماذا لو لم يتدخل الجيش؟

بقلم: مؤمن سلام
أتفهم أن يغضب الإسلاميين من تدخل الجيش لتحقيق إرادة الشعب بعزل محمد مرسي العياط وجماعته الإرهابية وان يصفوه بالانقلاب ويسمونا بالانقلابيين، فقد قضى انحياز الجيش للإرادة الشعبية على حلمهم الذي استمر على مدار 80 عام، فلما تحقق ضاع منهم في غمضة عين بفضل جهود التنويريين وإرادة المصريين وقوة الجيش المصري. وقد أتفهم انحياز الاشتراكيين الثوريين واللاسلطويين (الأناركيين) للتيار الإسلامي، لأن حكم العياط والإخوان كان يحقق لهم أحد أهم أهدافهم وهو القضاء على الدولة وفى القلب منها الجيش والشرطة، حيث أن تعريف السلطة هو الاحتكار الفعلي لأدوات الإكراه المادي، فسقوط الجيش والشرطة يعنى انتهاء هذا الاحتكار وبالتالي تنتهي السلطة.
 
ما استغربه بالفعل هو إصرار بعض الليبراليين، على الانحياز للإخوان والهجوم على الجيش باعتبار أن ما تم في مصر هو انقلاب عسكري. موقف هؤلاء الليبراليين لا أفهمه فهم يدافعون عن جماعة إرهابية لم تؤمن في يوم بالديمقراطية ولا بالحريات ولا حقوق الإنسان ولا كل قيم الحداثة التى يدعى هؤلاء الليبراليين الدفاع عنها. 
 
لا يريد بعض الليبراليين أن يفهم، وأنا هنا أفترض حسن النية، أن الإخوان وباقي التيار الإسلامي لا يؤمن بالديمقراطية بمفهومها الشامل أي أنها ثقافة وقيم ومعايير وإجراءات كثيرة وليست مجرد صندوق انتخاب يتم إلقاء بعض الورق فيه. فالإسلاميين يعتقدون أن من ينجح في الانتخابات من حقه أن يفعل ما شاء بمن شاء أينما شاء، وقد تجلى هذا الفكر في الإعلان الدستوري للعياط الذي أصبح بمقتضاه الحاكم الذي لا يُرد له حكم. كذلك يعتقدون أن الرئيس المنتخب لا يُعزل ولا يُقال ولكن فقط يسقط في الانتخابات التالية، هذا إذا كان هناك انتخابات تالية من الأساس، أو تكون هناك انتخابات يختار النظام الحاكم من يخوضها كما يحدث في إيران.
 
تيار هذه فكرته عن الديمقراطية هل كان سيتنحى أو يستقيل أو يدعوا لانتخابات مبكرة عندما يرى أكثر من 20 مليون مصري، على اقل تقدير، في الشارع؟ على هؤلاء الليبراليين أن يدركوا أن مع عقلية مثل عقلية مرسي العياط نزول هذه الملايين لم يكن ليؤثر فيه ولو ظلت هذه الملايين في الشارع لشهور وليس لأيام لما فهم هذا النظام الغبي أن علية أن يرحل وأن يدعوا لانتخابات رئاسية مبكرة كما يحدث في الديمقراطيات الراسخة. لذلك كان لابد أن يتدخل الجيش، وهو ما أسمية التنفيذ بالقوة الجبرية، فقد أصدر الشعب حكمة ورفض العياط التنفيذ فكان لابد من التنفيذ بالقوة الجبرية.
 
بل لو لم ينفذ الجيش قرار الشعب، بالتأكيد كان العياط سيشن حملة اعتقالات لكل رموز الإعلام والفكر والسياسة، وكنا سنرى مذابح في الشوارع لكل من تسول له نفسه النزول ضد الجماعة الإلهية وما كانت أحداث الاتحادية وما كان ما يحدث لنا في القائد إبراهيم وسيدي جابر إلا بروفا لما يمكن أن تفعله الجماعة بمعارضيها.
 
بل ربما كان هؤلاء المدعين لليبرالية مطاردين الآن أو لاجئين في أمريكا.إن محاولة تصوير الأمر على انه انقلاب عسكري هو خطأ منهجي حيث ينطلق من مقدمة أن حكم الإخوان حكم ديمقراطي حقيقي لم ينتفض ضده الشعب ليطالبه بالرحيل، فركب قادة الجيش الدبابات وانطلقوا ليستولوا على القصر الجمهوري ومبنى الإذاعة والتلفزيون ويعلنوا البيان رقم واحد. 
 
وحتى إذا أردتم استخدام المصطلحات الأكاديمية بعيدا عن أرض الواقع فعليكم أن لا تقولوا انقلاب وفقط ولكن أن تعطوه اسمه الكامل وهو الانقلاب الحارس (Guardian Coup) حيث يتدخل الجيش لحماية الدولة من الفوضى وليس للاستيلاء على السلطة.
 
ثم إذا كان هذا انقلاب عسكري فمن الذي دفع في اتجاهه؟ أليس الإخوان الذين انحرفوا عن المسار الديمقراطي؟ فلماذا لم يلتزم الإخوان باتفاقهم مع مجموعة فيرمونت؟ كذلك لماذا لم تضغط أمريكا عليهم للعودة للمسار الديمقراطي؟ ولماذا يستمرون في مظاهرتهم وإرهابهم حتى الآن، أليس هذا تدعيم أكثر لضرورة تولى الجيش الحكم لإعادة الأمن والاستقرار؟ 
 
الموقف شديد الالتباس وشديد التعقيد، ويبدوا أن أمامنا عدة سنوات لنفهم ما يحدث في مصر منذ 25 يناير 2011 وحتى اليوم.

More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter