بقلم: يوسف سيدهم
عاني المصريون طويلا من الانفلات في التعبير عن الرأي منذ قامت ثورة 25 يناير 2011, فما بين المظاهرات التي تبدأ سلمية وسرعان ما تتحول إلي ساحة اقتتال, وبين الاحتجاجات الفئوية التي تتحول إلي اعتصامات تستبيح عرقلة العمل وقطع الطرق وتهديد كل من لا يشاركها الفوضي والعنف,
عاني المصريون طويلا من الانفلات في التعبير عن الرأي منذ قامت ثورة 25 يناير 2011, فما بين المظاهرات التي تبدأ سلمية وسرعان ما تتحول إلي ساحة اقتتال, وبين الاحتجاجات الفئوية التي تتحول إلي اعتصامات تستبيح عرقلة العمل وقطع الطرق وتهديد كل من لا يشاركها الفوضي والعنف, وصولا إلي موجات المظاهرات التي اندلعت عقب ثورة الشعب في 30 يونية الماضي والتي تشدقت بالشرعية والسلمية بينما سبقتها وصاحبتها خطابات تحريضية وإرهابية تهدد بالويل والثبور وعظائم الأمور وتبعتها الحشود الإرهابية المسلحة تجوب الشوارع والطرقات وتحتل الميادين وتغلقها أمام المرور وتقطع اتصال المباني المحيطة بالعالم الخارجي آخذه سكانها رهائن كما في الحروب...
كل هذا الإرهاب اللعين الذي لم يخل من الإسفاف اللفظي والعنف والتعذيب والإصابة والقتل ولم يتورع عن الاستيلاء علي الممتلكات وتخريبها وحرقها كما استباح بمنتهي الإجرام استفزاز قوات الشرطة والجيش لاستدراجها في معارك بينما هي تؤدي واجبها في حفظ الأمن والنظام وحماية المواطنين الآمنين العزل... كل هذا الإرهاب عاني -ومايزال يعاني- منه المصريون حتي جأروا بالشكوي من تلكؤ الدولة وسلطاتها في وضع حد له بكل صرامة وحسم, بل إنهم اتهموا الدولة في بعض الأحيان بأن أياديها مرتعشة مترددة في الذود عن هيبتها وأن ذلك يرسل رسالة سلبية خطيرة للإرهابيين تجعلهم يستقوون ويتمادو في إرهابهم وغيهم.
وسط هذا المشهد البائس تقدمت الحكومة بمشروع قانون تنظيم حق التظاهر وهو المشروع الذي طال انتظاره لضبط ذلك الحق وإعادته إلي الإطار الطبيعي المتحضر الذي يمارس به في شتي الديمقراطيات حول العالم... وتنفس المواطنون الصعداء وهم يرون الأمل في إنهاء الفوضي والانفلات والإجرام والإرهاب المتفشين تحت ذريعة التعبير عن الرأي... لكن علي الجانب الآخر انفجرت موجات الرفض صادرة عن بعض القوي السياسية ومنظمات حقوق الإنسان والكتاب تصرخ وتتباكي علي وأد الحريات وتكميم الأفواه ومصادرة حرية التعبير وكأن هؤلاء منفصلون عن أرض الواقع لا يدرون كيف يتم اغتيال الحريات واغتصاب حرية التعبير واختطاف سلام وأمان هذا الشعب!!... مازالوا يحتجون ويرفضون وضع أية ضوابط علي حق التظاهر وكأن الأصل هو حماية الغوغائية والانفلات وليس حماية المواطنين وصيانة أمنهم وحقهم في الحياة والانتقال والعمل دون ترويع أو اعتراض أو إرهاب.
يدعون أن القوانين السائدة كفيلة بوضع الأمور في نصابها الصحيح وإيقاف كل منفلت عند حده... إذا كان ذلك صحيحا لماذا تفشل الدولة وأجهزتها في احتواء هذه الفوضي؟... لأنها لا ترغب في اللجوء للأحكام الاستثنائية ولا لقوانين الطوارئ التي تسمح لها بتعقب كل منفلت لمجرد الاشتباه فيه, كما أن الهدف ليس التربص بالمتظاهرين لتكميم أفواههم أو عرقلة حريتهم في التعبير والاحتجاج, إنما الهدف رسم وتقنين الطريق الواضح لإخطار السلطات الرسمية بالرغبة في التظاهر ومكانه ووقته ليس لتوافق أو ترفض لكن حتي يتسني لها الترتيب لحركة ووقوف المتظاهرين ووضع الحواجز الحديدية التي تؤمن مسارهم وتفصلهم عن الحركة في الشارع حماية لهم وضمانا لعدم عرقلة الحركة الطبيعية للمواطنين والمرور والمواصلات العامة والمباني والمنشآت.
لا يمكن أن تكون جميع تلك المعايير التي يتضمنها قانون التظاهر مرفوضة أو منتقدة من أحد إذا كان الهدف الفعلي للمظاهرة هو التعبير الحر السلمي عن الرأي دون إفساد أمن وسلام الآخرين وتعريضهم للخطر... أما إذا كان الهدف هو لفت الأنظار فقط بالصوت العالي والصراخ والتسبب في اضطراب الشارع وترويع الناس فلتذهب حرية التعبير إلي الجحيم ولتعلو فوقها هيبة الدولة وليرتفع صولجان القانون ليوقف كل فوضوي منفلت عند حده... وأكرر مرة أخري, أليس ذلك ما يسري في أعتي الديمقراطيات؟... أليس ذلك ما رأيناه في أمريكا وإنجلترا وفرنسا وألمانيا واليونان... وحتي تركيا؟...
إن المظاهرات السلمية -وأكرر السلمية- مصرح بها في كل الدول التي تنتمي إلي العالم المتحضر بشرط التزام المتظاهرين بالموعد والمكان اللذين أخطرت بها السلطات وبدون أية بادرة لإخراج المظاهرة عن سلميتها, وبدون أية محاولة لتحويلها إلي اعتصام باحتلال المكان والمكوث فيه... في جميع تلك الحالات إذا ظهرت أدني بادرة للتجاوز يتم التعامل معها بمنتهي الصرامة وبلا هوادة, ولا يجرؤ أحد في هذه البلاد علي إدانة السلطات إذا قابلت التجاوزات بالشدة الواجبة, ولا يخرج علينا ساعتها جهابذة حقوق الإنسان ليتباكوا علي ضياع حرية التعبير أو علي اغتيال حقوق الإنسان.
لسنا في حاجة إلي محاضرات نظرية من فلاسفة حقوق الإنسان ضد قانون التظاهر, وليعرفوا جيدا أن القانون يأتي ليضمن الحق في التظاهر وبنفس القدر من الجدية والصرامة ليضمن سلام وأمان المواطن المصري أمام زبانية وبلطجية التظاهر!!.
الوراق..حلقة أخري في مسلسل
خسة الإرهاب...وتهرؤ الدولة
علي مدي الشهور الأربعة الماضية-بعد 30يونيو- انطلقت موجات مسعورة من محاولات إرهاب الأقباط...لعقابهم علي خروجهم مع المصريين ضد نظام مرسي وجماعته,وسعيا وراء سلخهم عن الصف الوطني,الذي التحموا فيه مع إخوتهم المسلمين,لإنقاذ مصر التي اختطفها الإخوان.
دفع الأقباط ضريبة الدم والإرهاب والترويع فيما تعرضوا له,ولم يهتزوا أو يفقدوا إيمانهم بمصر,وتحملوا نصيبا مضاعفا من اغتيال أمنهم وسلامهم وممتلكاتهم وكنائسهم,مصرين علي عدم الخضوع للإرهاب أو الاستقواء بالخارج...كل ما كانوا يبحثون عنه هو حماية الدولة لهم,وعدم تركها إياهم فريسة سهلة للشر.
لكن جاءت كارثة جريمة كنيسة العذراء بالوراق لتكشف عن الوجه القبيح الذي لايغتفر والذي لايمكن إبتلاعه...إنه الانحدار الخسيس إلي أسفل مستويات الإرهاب,تقتل الأبرياء عيانا جهارا بإطلاق النار عشوائيا علي الجمع الخارج من الكنيسة...ولايقل عنه بشاعة واقع التقصير الأمني المقيت في حماية الكنائس,من جانب جهاز أمني منهك وحكومة مرتجفة الأيادي,تقامر بالأقباط وبسيادة الدولة.