الأقباط متحدون - البابا فرنسيس للعائلات : عيشوا فرح الإيمان
أخر تحديث ٠٦:٥٣ | الاربعاء ٣٠ اكتوبر ٢٠١٣ | بابه ١٧٣٠ ش ٢٠ | العدد ٣٢٩٧ السنة التاسعه
إغلاق تصغير

البابا فرنسيس للعائلات : عيشوا فرح الإيمان

البابا فرنسيس
البابا فرنسيس
كتب : نعيم يوسف
 
ألقى قداسة البابا " فرنسيس الأول " عظة فى عشية يوم العائلات فى ساحة القديس بطرس ، تحدث فيها عن فرح الإيمان الذى يجب أن تعيشه العائلة .
و قال قداسته : لقد أتيتم حجاجًا من كافة أنحاء العالم لكي تعلنوا إيمانكم أمام ضريح القديس بطرس. هذه الساحة تستقبلكم وتعانقككم: نحن شعب واحد، نفس واحدة، جمعنا الرب الذي يحبنا ويعضدنا. أٌحيي كل العائلات التي تنضم إلينا عبر التلفزيون والانترنت: ساحةٌ تتسع إلى ما لا نهاية!
 
و تابع : لقد أردتم تسمية هذه الوقفة "أيتها العائلة، عيشي فرح الإيمان!". يروقني هذا العنوان. لقد أستمعت إلى خبراتكم، إلى القصص التي أخبرتموها. رأيت الكثير من الأطفال والكثير من الأجداد... أحسست بألم العائلات التي تعيش في حالة فقر وحرب. أصغيت إلى الشباب الذين يريدون أن يتزوجوا وسط آلاف المصاعب. والآن نتساءل: كيف يمكن أن نعيش فرح الإيمان، اليوم، في العائلة؟ ولكني أسألكم أيضًا: هل يمكن عيش هذا الفرح أم هو مستحيل؟
 
1. نلاقي كلمة ليسوع في إنجيل متى حيث يقول: "تعالوا إلي جميعا أيها المرهقون المثقلون، وأنا أريحكم" (مت 11، 28). غالبًا ما تكون الحياة مرهِقة، وكثيرًا ما تكون مأساوية! لقد سمعنا هذا مؤخرًا... العمل هو تعب؛ والبحث عن العمل متعب. وإيجاد عملٍ اليوم يتطلب جهدًا وفيرًا! ولكن ما يرخي بثقله أكثر على الحياة ليس هذا: ما يُثقل الحياة أكثر من كل هذه الأمور هو نقص الحب. تضحي الحياة ثقيلة عندما لا نتلقى بسمة، وعندما لا نلقى قبولاً. تثقل الحياة أنواعٌ من الصمت، أحيانًا في العائلة، بين الزوج والزوجة، بين الأهل والأبناء، بين الإخوة. من دون الحب يضحي التعب أثقل، ولا يُحتمل. أفكر بالمسنين المستوحشين، بالعائلات المرهَقة لأنها لا تلقى عونًا في إعالة من يتطلب في العائلة انتباهًا وعناية خاصة. يقول يسوع: "تعالوا إلي جميعا أيها المرهقون المثقلون".
 
و أضاف قداسته و قال : أيتها العائلات العزيزة، يعرف الرب أتعابنا: يعرفها! ويعرف أثقال حياتنا. ولكن الرب يعرف أيضًا شوقكم العميق لإيجاد حبور الراحة! هل تذكرون؟ فقد قال يسوع: "ليكن فرحكم كاملاً" (يو 15، 11). يسوع يريد أن يكون فرحكم كاملاً! لقد قاله للرسل ويردده اليوم لنا. ولذا فهذا هو الأمر الأول الذي أود أن أشاركه معكم اليوم، أي كلمة يسوع: تعالوا إليّ، يا عائلات العالم بأسره – يقول يسوع – وأنا أريحكم، لكي يكون فرحكم كاملاً. وكلمة يسوع هذه احملوها إلى بيوتكم، احملوها في قلوبكم، شاركوها مع عائلاتكم. يدعونا يسوع إلى اللجوء إليه لكي يمنح الجميع فرحه.
 
2. أستوحي الكلمة الثانية من رتبة الزواج. من يتزوّج يقول: "أنا أعدك بأن أكون وفيًا لك في السرّاء والضرّاء، في المرض والعافية وأن أحبّك وأكرّمك كلّ أيام حياتي". في هذه الأثناء لا يعلم الزوج والزوجة ماذا سيحصل ولا يدركان الأفراح والأتراح التي تنتظرهما. ويقومان بالوعد مثل إبراهيم. وهذا هو الزواج! أن نمشي يداً بيد من خلال الاتكال على يد الرب العظيمة. يدًا بيد إلى الأبد ومدى الحياة! من دون الانتباه إلى ثقافة المؤقت التي تشرذم الحياة !
 
وهذه الثقة بالله تجعلنا نواجه كل شيء من دون الشعور بأي خوف وبكامل المسؤولية. إنّ المتزوجين المسيحيين ليسوا بسذّج، إنهم يعلمون مشاكل الحياة ومخاطرها. ولكنهم لا يخافون من تحمّل مسؤوليتهم أمام الله والمجتمع. من دون الهرب والعزلة والتضحية بمهمة تشكيل عائلة وإنجاب الأولاد. إنما اليوم هذا صعب يا أبتِ... -  بالطبع هذا صعب. من أجل ذلك نحن بحاجة للنعمة، النعمة التي يمنحنا إياها هذا السرّ. إنّ الغاية من الأسرار ليست تنميق حياتنا – ما أجمل حفل الزفاف، وهذه الرتبة وهذا الاحتفال! - ولكن هذا ليس السر، هذه ليست نعمة السر. هذا تزيين! والنعمة ليست من أجل تزيين الحياة إنها لتقوّينا في الحياة وتشجّعنا من أجل أن نكون أهلاً للمضي قدمًا! من دون أن نكون وحدنا بل معًا. إنّ المسيحيين يتزوّجون من خلال سر الزواج لأنهم أدركوا أنهم بحاجة إليه! إنهم بحاجة إليه لكي يتحدوا ولكي يقوموا بمهامهم كوالدين . "في السراء والضراء، في المرض والعافية". لذا يأتي الزوج والزوجة للاحتفال بسر الزواج والصلاة معًا مع الجماعة. لِمَ؟ لأن هذه هي العادة السارية ؟ كلا! يقومون بذلك لأنهم بحاجة إليه من أجل المسيرة الطويلة التي سيقومون بها معًا: مسيرة طويلة غير متجزئة بل تدوم كل الحياة! وهم بحاجة إلى مساعدة يسوع، أن يسيروا بثقة وأن يستقبل كلّ واحد الآخر كلّ يوم وأن يسامحوا بعضهم يوميًا! وهذا مهم! أن نعلّم العائلات المسامحة لأننا كلنا لدينا العيوب، كلنا! أحيانًا نقوم بأشياء سيئة وتجرح الآخرين. تحلوا بشجاعة الاعتذار عندما يخطئ أحد في العائلة...
 
منذ بعض الأسابيع قلت في هذه الساحة  أنه من أجل نجاح العائلة يجب استخدام هذه الكلمات الثلاث. وأنا أحرص على تردادها: بالإذن، شكرًا وعذرًا. إنها ثلاث كلمات محورية ! "نحن نطلب السماح للقيام بشيء من أجل عدم انتهاك العائلة. "هل أستطيع القيام بهذا؟ هل يمكنني أن أقوم بذلك؟" من خلال لغة طلب الإذن. نقول شكرًا، شكرًا من أجل الحبّ! ولكن قل لي كم من مرّة تقول شكرًا لزوجتك في اليوم وأنتِ لزوجك؟ وكم من يوم يمرّ من دون أن نقول شكرًا! والكلمة الأخيرة: عذرًا. كلّنا نخطىء وأحيانًا يُهاجَم أحد الأفراد أفي العائلة أم في الزواج وأحيانًا وأقول هذا وأنا واثق من أنها كلمات قوية، ولكن اسمعوا هذه النصيحة: لا تدعوا النهار يمضي من دون أن تتصالحوا . يُستوحى السلام كلّ يوم من العائلة! "أعذروني" وهنا تبدأ من جديد. بالإذن، شكرًا وعذرًا! هل نقول هذا كلنا معًا؟ (الجواب: "نعم!") بالإذن، شكرًا وعذرًا! فلتتكرر هذه الكلمات في العائلة! سامحوا كل يوم!
 
تشهد الحياة كلّ يوم على أوقات جميلة: الاستراحة وتناول الغذاء معًا والتنزّه في الحديقة أو في الجبل، زيارة الأجداد، زيارة شخص مريض... إنما إن كان الحب يفتقد إلى الفرح وإلى حب المسيح الذي يمنحنا إياه كلّ يوم: هو المصدر الذي لا ينضب. وهو يمنحنا كلمته في الأسرار ويعطينا خبز الحياة حتى يكتمل فرحنا فيه.
 
3. وفي الختام، ها نحن ننظر الى أيقونة تقدمة يسوع الى الهيكل، وهي بالفعل جميلة ومهمة. فلنتأملها ولنستمد منها العون. أبطال هذا المشهد، مثلكم جميعًا، لهم قصتهم الخاصة: انطلق يوسف ومريم، كحاجين نحو أورشليم، وفقًا لشريعة الرب؛ هكذا أيضًا وبدفع من الروح القدس، وصل كل من سمعان الشيخ وحنة النبية الى الهيكل. يظهر المشهد لنا هذا التداخل الموجود بين ثلاثة أجيال، تداخل ثلاثة أجيال: سمعان يحمل بين ذراعيه يسوع معلنًا إياه المسيح، وحنة تظهر وكأنها تمجد الله وتعلن الخلاص الى الذين ينتظرون فداء اسرائيل. هذان الشيخان يمثلان الإيمان كذاكرة. ولكني أسألكم: "هل تصغون الى الأجداد؟ هل تفتحون قلبكم على الذاكرة التي يعطينا إياها الأجداد؟ الأجداد هم حكمة الأسرة، هم حكمة الشعب، والشعب الذي لا يصغي الى الأجداد يسير نحو الموت! اصغوا الى الأجداد! مريم ويوسف هما العائلة المقدسة بفضل حضور يسوع، الذي هو تتميم لكل الوعود. تدرج كل عائلة، على مثال عائلة الناصرة، في تاريخ شعب ولا يمكن أن تتواجد من دون الأجيال السابقة. ولهذا السبب، لدينا هنا اليوم الأجداد والأطفال. يتعلم الأطفال من الأجداد، أي من الجيل السابق.
 
و أختتم قداسته حديثه و قال ، بحسب وكالة " زينيت " العالمية ،  : أيتها العائلات العزيزة، أنتم تشكلون أيضًا جزءًا من شعب الله. سيروا بفرح جنبًا الى جنب مع هذا الشعب. ظلوا دائما متحدين بيسوع واحملوه للجميع من خلال شهادتكم. أنا أشكركم جميعًا على حضوركم. فلنجعل كلنا معًا من كلمات القديس بطرس كلماتنا، هذه الكلمات التي تمدنا بالقوة، وستمدنا بها في الأوقات الصعبة: "يا رب، الى من نذهب؟ كلام الحياة الأبدية عندك" (يوحنا 6، 68). مع نعمة المسيح، عيشوا فرح الإيمان! فليبارككم الرب ولتحميكم مريم أمنا ولترافقكم. شكرًا! 

More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter