الاربعاء ٦ نوفمبر ٢٠١٣ -
١٨:
٠٦ م +02:00 EET
بقلم: د.ماجد عزت إسرائيل
ولد مرقص حنا فى عام 1872م ، وحصل على إجازة الحقوق من جامعة مونبليه بفرنسا، ثم حصل على شهادة فى الإقتصاد السياسى من جامعة باريس عام 1891م، وبعد عــودته إلى مصر عمل وكيــلاً للنائب العام حتى عام 1904 م، ثم إستقـال من القـضاء ليعمل بالمحـاماة، وكان ضمن الباعـــثين للحركــة الوطنية، ومن المـــــقربين للزعيم الراحل" مصطفى كامل"(1874-1908م) ، ومن دعـاة إنشاء الجــامعة المصرية، وأخــتير عضواً بمجلس إدارتها، ولــدوره الـمتميز،منحته الدولة لقب ( البكوية) ولمكانته بين المحامون أخـــــتاروه نقيباً لهم ما بين(1914-1918م)
ومع نهـــــاية الحرب العالمية الأولى فى( 11 نوفمبر 1918م)،تم تشكل الوفد المصرى فى( 13 نوفمبر 1918م) حيث تم أختياره فى إبريل 1919م عضوا بلجنة الوفد المركزية،وهى اللجنة التى كان يرأسها "محمود سليمان باشا" وهو من كبار الملاك فى الصعيد، وقد لعبت لجنة الوفــد المركزية فى مصر دور هــاماً، حيث كانت تتولى مقاومة الاحتلال الانجليزى فى الداخل ،فى نفس الوقت الذى يتولى فيه الوفد العــــمل فى الخارج، وشــارك "مرقــص حــنا" الذى أصبح وكيل لجنة الوفد فى مصر، مع زملائه وخاصة "عبدالرحمن فـهمى" سكرتير اللجنة فى مقاطعة لجــنة ملنر، واستطاعت اللجنة بالفعل أن تفشل مهمة لجنة " مـــلنر "التى وصلت إلى مصر فى ديسمبر 1919م، وكــان رد فـعل المصريين جميعا على اللجنة أن الزعيم " سعد زغلول" هو وحــده المتحدث بإسم الأمة، وبذلك فشلت مناورة سلطات الاحتلال التى أرادت أن تقلل من أهمية حركة جمع التوكيـــلات التى قامت بها الأمــة للـوفد ولزعيمها سعد زغلول.
وعندما اعتقل" سعد زغلول" ومعه عدد من أعضاء الوفد انضم "مرقص حنا" للوفد فى هذة الظروف الصعبة وكان ذلك فى( 20 يــــناير 1922م) وكان آنذاك نقيباً للمحــامين، وترتب على دور مرقـــص فى مقاطعة لجنة ملنر اعتقاله ومعه حــمد الباسل ،وواصف غالى، وعلى ماهـــر ، ومـراد الشريعى وأرسلتهم قــوات الاحتلال إلى ثكنات قصر النيل، وقد حكم عليهم بالإعدام، ولكن ألغى الحكم واكتفى بالحبس مدة لا تقـــــل عن سنتين وغرامــــة مالية، وذلك تحت الضغط الشعبى وصدر قــرار الإفــــراج عنهم يوم( 15 مايو 1923م)، وفى يوم ( 23 أغسطس 1923 م) أعلن الوفــــد عن تشكيل هيئته الكاملة برئاسة سعد زغلول وكان عدد الأعضاء 28 عضوا وكان هو من بينهم.
كان من أهم نتائج ثورة 1919م، صدر تصريح( 28 فبراير1922 م) والذى ترتب عليه صدور دستور 1923م، والذى كان من ثماره الانتخابات التى كانت "نزيهة" والتى فاز فيها الوفـــد بأغلبية ساحقـــة( 195 مقعداً) من مقاعد مجلس النواب البالغ عــددها( 214 مقعداً)، وأثناء تشكيل الوزارة اعترض الملك فؤاد على تعيين اثنين من الأقــباط وزيرين والوزارة كلها برئيسها سعد " عشـــرة" واحتج الملك فــــــؤاد بأن الشارع المصرى، قد لا يرضى عن هذا التشكيل الوزارى، ولكن رد سعد بأنه زعيم الأمة ويعرف نبض الشارع وتولى "مرقص حـنا" فى الوزارة الشعبية- وزارة سعد زغلول- منصب وزير الأشــــغال وزميله القبطى الآخر كان واصف بطرس غـــالى الذى تولى منصب وزير الخارجية، وكانت دعوى الملك أن الشعب معتاد وجود وزير قبطى واحد وليس اثنين وقـــــد استمرت وزارة الشعب من 28 يناير 1924 إلى 24 نوفمبر من نفس العام
لم يكن مرقص حنا محل تقدير المتشددين أمثال سعد زغلول فقط، بل كان محل تقديرالمعتدلين كذلك، حيث اختير وزيراً للمالية فى وزارة "عدلى يكن" الثانية من( 7 يونيو 1926 ـــ21 أبريل 1927م) وهى الوزارة الائتلافية الأولى.
طلب سعد زغلول باشا من "عبدالخالق ثروت باشا" تشكيل الوزارة فكانت وزارة ثروت الثانية والتى تولى فيها "مرقص حنا" منصب وزير الخارجية، وكانت هذه الوزارة من الوزارات الائتلافية الوفدية من( 25 أبريل عام 1927 ـــ 16 مارس1928م).
ومعنى اشتراك مرقص حنا فى ثلاث وزارات برئاسة ثلاثة رؤساء مختلفين بمقاعد مختلفة من وزارة الأشغال برئاسة سعد زغلول، والمالية برئاسة عدلى يكن وتوجها بالخارجية برئاسة عبدالخالق ثروت إن دل ذلك على شئ فإنما يدل على قدرة وحنكة سياسية تمتع بها ،فهو المحامى خريج جامعة مونبلييه الفرنسية، ويدل كذلك على وطنية ذلك الرجل، وبعد حياة ملـيئة بالعمل وامتدت نحو( 62 ) عامـــــاً، قضى مرقص حنا غالبيتها مناضلاً ضد الاحتلال ومنادياً بالاستقلال ومدافعاً عن وحــــدة الشعب المصرى،ورحل عن عالمـنا الفــــانى فى 1934م،نيح الله نفسه بين الأبرار و أحضان القديسين.