ستنشر الحكومة المصرية الموقتة المسودة الأولى للدستور الجديد، كبديل عن دستور حكومة الرئيس المعزول محمد مرسي. وتواجه المسودة رفضًا من فصائل عديدة، في وقت يرى متخصصون أنه يتوافق مع المصريين بمختلف توجهاتهم.
صبري عبد الحفيظ من القاهرة: بعد أشهر من الأخذ والرد، ستنشر الحكومة المصرية الموقتة المسودة الأولى للدستور الجديد قريبًا، ليكون بديلاً عن دستور حكومة الرئيس المعزول محمد مرسي، الذي حظي بأغلبية شعبية في الاستفتاء عليه، وبعدما اعتبر الإخوان رفض دستورهم خروجًا على الشريعة والاسلام، صوّرت حملات المعارضة المصرية الدستور الجديد خارطة طريق نحو دكتاتورية إسلامية في مصر، لا تحترم التعددية.
كان الخلاف إذًا حول الغد المصري، أيكون ملاصقًا للفكر الإخواني وتفسيره للشريعة، أو يكون منفتحًا على مجتمع مصري تعددي ديمقراطي.
دستور غير توافقي
في ظل اقتراب الدستور الجديد من الإكتمال، يرى البعض أنه غير توافقي، ترفضه أصوات قبطية، وتعلن أنها سوف تحشد ضده، وهناك أصوات ليبرالية وثورية ترى فيه مدخلاً إلى دولة عسكرية، تمنح المحاكمات العسكرية للمدنيين تأصيلاً دستورياً، وتضع حرية الرأي والتعبير رهن المشرع القانوني.
وفي الخلفية، تقف جماعة الإخوان متربصة بهذا الدستور، وتحشد للتصويت بالرفض، رغبة منها في نزع الشرعية الشعبية عن السلطة الحالية، التي تراها سلطة إنقلابية.
"مصر إلى أين؟" سؤال يطرح نفسه بقوة، بعد كل هذه الخلافات بين القوى السياسية المصرية حول الدستور الجديد.
والجماعة تحشد
تحشد جماعة الإخوان المسلمين أنصارها، للتصويت بالرفض ضد الدستور الجديد، الذي تضعه لجنة الخمسين، وأطلقت العديد من الحملات عبر صفحات فايسبوك، منها حملة "أرفض دستور العلمانية"، و"لا لدستور الإنقلابيين"، وقال الدكتور جمال قرني، القيادي الإخواني، لـ"إيلاف" إن الجماعة لا تعترف بالإنقلاب العسكري الذي وقع في 3 تموز (يوليو) الماضي، كذلك بما ترتب عليه من إجراءات ومنها تعيين رئيس موقت وحكومة موقتة، وتعيين لجنة لتعديل الدستور المستفتى عليه من الشعب المصري.
وأضاف أن الجماعة سوف تحشد المصريين للتصويت بـ"لا" على الدستور الجديد عند طرحه للإستفتاء، منوهاً بأن شباب الاخوان بدأوا بالفعل حملات واسعة النطاق لرفض هذا الدستور، الذي لا يعبر عن الشعب المصري، لاسيما أن العلمانيين الذين وضعوه يحاولون طمس هوية الشعب الإسلامية، وفرض العلمانية عليه فرضاً.
ولفت إلى أنه عند رفض الدستور الجديد لمن وصفهم بـ"الإنقلابيين"، سوف يتم العمل بالدستور الذي وضعه الإخوان، وجرى الإستفتاء عليه، إلى حين تشكيل لجنة جديدة لتعديله مرة أخرى، ولكن بعد إجراء الإنتخابات البرلمانية.
"لا" للدستور
ليس الإخوان وحدهم من يتصدون للدستور الجديد، بل تقف مختلف فصائل التيار الإسلامي إلى جوارهم، ولاسيما الجماعة الإسلامية، والتيار السلفي، الذي يهدد دوماً بالحشد للتصويت بـ"لا" في حالة المساس بمواد الهوية الإسلامية للدولة.
وقال علاء ابو النصر، عضو الجماعة الإسلامية لـ"إيلاف" إن الإستفتاء على الدستور الجديد هو أول إجراء حقيقي، يسعى من وصفهم بـ"الإنقلابيين" للحصول من خلاله على الشرعية، مشيراً إلى أن الشعب المصري سوف يتصدى لهم، ولن يمنحهم الشرعية التي يريدونها للظهور بمظهر أصحاب الشرعية أمام العالم الخارجي.
ولفت إلى أن الجماعة سوف تصوت بـ"لا" للدستور، منوهاً بأنه لا يعبر إلا عن الطغمة العلمانية المعينة من قبل "قادة الإنقلاب"، ولن يرضى به الشعب المصري دستوراً له، لاسيما في ظل فرض العلمانية عليه، وحذف هويته الإسلامية، ومحاكمة المدنيين عسكرياً، وتحصين منصب وزير الدفاع، ليظل عبد الفتاح السيسي وزير الدفاع الحاكم الفعلي للبلاد.
لا كوتة للأقباط
ثمة أصوات قبطية تهدد أيضاً بالتصويت ضد الدستور الجديد، بسبب عدم تخصيص كوتة للأقباط، وحذف كلمة "مدنية" من المادة الأولى، وعدم الإعتراف بحقوق غير المسلمين في الإحتكام لشرائعهم، من غير اليهود والمسيحيين، وقال الناشط القبطي ممدوح رمزي، لـ"إيلاف" إن لجنة الخمسين ارتكبت العديد من الأخطاء بحق الدستور الجديد، أولها الرضوخ لضغوط حزب النور السلفي، وحذف كلمة مدنية من المادة الأولى، والسير بإتجاه دستور يكرس للدولة الدينية، رغم أن الشعب المصري رفض الإخوان بدولتهم الدينية، وثار ضدهم وأسقط حكمهم. وأضاف أن لجنة الخمسين إرتكبت خطأ آخر بإلغاء مجلس الشورى أيضاً، رغم أنه كان يضم قامات سياسية وثقافية مهمة، ولفت إلى أن الدستور الجديد يحرم أصحاب المعتقدات والديانات الأخرى غير الإسلام واليهودية والمسيحية من حقوقهم في ممارسة شعائرهم، ما يجعله يؤسس لدولة دينية، فضلاً عن تجاهل وضع مادة تنص على ضرورة تخصيص كوتة للأقباط والشباب والمرأة في المجالس النيابية ولو بشكل موقت. ولفت إلى أن الكثير من الأقباط غير راضين عن الدستور الجديد، وقد ينزلون للتصويت ضده بالرفض عند الإستفتاء عليه، برغبة شعبية، ليست لها علاقة بالإخوان.
رأي مقابل
في المقابل، قال الدكتور كمال الهلباوي، عضو لجنة الخمسين، لـ"إيلاف" إن الدستور الجديد يحظى بأكبر قدر من التوافق، مشيراً إلى أنه يعترف بحقوق أهل النوبة وسيناء، ويحفظ للمرأة حقوقها، وكذلك الأقباط، ولا يقيم دولة دينية كما يروج البعض، بل يحاول الوصول إلى أكبر قدر من التوافق بين مختلف القوى والتيارات السياسية، ولفت إلى أن جماعة الإخوان لن تستطيع التصدي له وحشد المصريين لرفضه، لاسيما أنها فقدت قدرتها على الحشد للتظاهر من أجل القضايا التي تؤمن بها. وتوقع أن يقبل الشعب المصري على الدستور الجديد، ويصوت بـ"نعم" عليه.
ومن جانبه، يوافق قلل عبد الغفار شكر، نائب رئيس المجلس القومي لحقوق الإنسان، البهلاوي رأيه، ويقول إن الدستور الجديد سوف يحظى بقبول المصريين، مشيراً إلى أنه لا يرسخ للدولة الدينية التي رفضها الشعب وخرج في ثورة عارمة في 30 يونيو، وأضاف لـ"إيلاف" أن جماعة الإخوان لن تستطيع الوقوف ضده، منوهاً بأنها فقدت القدرة على الحشد، لافتاً إلى أن المظاهرات التي خرجت في الآونة الأخيرة، ولاسيما التي تزامنت مع الجلسة الأولى لمحاكمة الرئيس المعزول محمد مرسي، تشير إلى أنها لم تعد تمتلك الشارع كما كانت تتباهى دائماً.
فيما دعا الدكتور عبد الله المغازي، أستاذ القانون الدستوري، رئيس الجمهورية الموقت، إلى إصدار إعلان دستوري مكمل يمنح لجنة الخمسين وضع تعديلات على الدستور أو وضع آخر جديد في حالة التصويت بـ"لا"، وأن يتم العمل بدستور 1971، وليس دستور 2012 الذي وضعه الإخوان. وأضاف في تصريحات له، أن الأسباب الداعية لذلك، تعود إلى عدم وجود توافق حول التعديلات الدستورية التي تجريها لجنة الخمسين حالياً، وتصاعد الخلافات إلى حد تهديد بعض التيارات السياسية وبعض الأصوات القبطية بالتصويت ضد الدستور. ونبّه إلى أن جماعة الإخوان المسلمين سوف تفشل بالتصدي للدستور الجديد وحدها إذا حظي بتوافق القوى السياسية.
تنوية هام: الموقع غير مسئول عن صحة أو مصدقية أي خبر يتم نشره نقلاً عن مصادر صحفية أخرى، ومن ثم لا يتحمل أي مسئولية قانونية أو أدبية وإنما يتحملها المصدر الرئيسى للخبر. والموقع يقوم فقط بنقل ما يتم تداولة فى الأوساط الإعلامية المصرية والعالمية لتقديم خدمة إخبارية متكاملة.