يصدر قريباً عن الدار المصرية اللبنانية ومركز «المزماة» بدبى كتاب: «سقوط الإخوان.. اللحظات الأخيرة بين مرسى والسيسى» للكاتب الصحفى، الزميل مصطفى بكرى، حيث يكشف الكتاب فى 407 صفحات أسراراً وتفاصيل جديدة حول فترة حكم جماعة الإخوان التى استمرت عاماً كاملاً.
يتضمن الكتاب تفاصيل اللحظات الأخيرة قبيل انتصار ثورة 30 يونيو، وما شابها من تحديات وصراعات بين الشعب والجيش والشرطة من جانب، وجماعة الإخوان وحلفائها من جانب آخر. وفى هذه الحلقة، يروى الزميل مصطفى بكرى تفاصيل المواجهة الحادة التى جرت بين الفريق أول عبدالفتاح السيسى من جانب، والمهندس خيرت الشاطر، نائب مرشد جماعة الإخوان وسعد الكتاتنى من جانب آخر، وهى المواجهة التى جرت يوم 24 يونيو، أى فى أعقاب بيان القيادة العامة للقوات المسلحة والتى منحت فيه الرئيس والقوى السياسية مهلة أسبوعاً واحداً لإنهاء الأزمة المتصاعدة فى البلاد.. وإلى أهم التفاصيل التى ذكرها الكتاب فى لقاء السيسي مع الكتاتنى وخيرت الشاطر:
■ ■
- بعد لقاء السيسي مع مرسى عقب بيان القوات المسلحة فى الثالث والعشرين من يونيو ولقاءعه العاصف مع مرسى وبدأ الحرب الإعلامية التى قادتها اللجان الإلكترونية لجماعة الإخوان تحرض ضد الجيش وضد القائد العام.
- اجتمع مكتب الإرشاد فى هذا اليوم، وقرر إيفاد المهندس خيرت الشاطر ود.سعد الكتاتنى إلى الفريق أول السيسى لتحذيره التحذير الأخير وإبلاغه بالموقف النهائى لمكتب الإرشاد.
- فى صباح اليوم التالى الرابع والعشرين من يونيو طلب د.سعد الكتاتنى، رئيس حزب الحرية والعدالة، موعداً عاجلاً مع الفريق أول عبدالفتاح السيسى، بعد قليل أبلغه اللواء عباس كامل، مدير مكتب وزير الدفاع، بأن الموعد تحدد فى ذات اليوم.. حضر الدكتور سعد الكتاتنى وحضر معه المهندس خيرت الشاطر، النائب الأول للمرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين، إلى مكتب القائد العام.
- كان المهندس خيرت الشاطر غاضباً، وكان اللقاء الذى استمر لأكثر من ساعتين فاتراً، وقد دار الحوار مع الفريق أول السيسى حول المهلة التى حددها السيسى فى بيانه الذى أعلنه أمام حشد من رجال القوات المسلحة ظهر يوم 23 يونيو والذى أعطى بمقتضاه مهلة أسبوعاً للرئيس ولباقى القوى السياسية للتوصل إلى حل نهائى للأزمة التى تعيشها البلاد قبل الثلاثين من يونيو.
- بدأ المهندس خيرت الشاطر حديثه الذى استمر لأكثر من ثلاثة أرباع الساعة، كان وجهه عابساً، وكان صوته عالياً، مما أثار استياء الفريق أول السيسى والذى طلب منه أكثر من مرة أن يخفض صوته ويتحدث بهدوء.
- قال المهندس خيرت الشاطر: «إن البلاد تتعرض لمؤامرة خطيرة تشارك فيها قوى داخلية وقوى خارجية، وإن الأخطر أن هناك مؤسسات فى الدولة تساعد وتسعى إلى نشر الفوضى فى البلاد».
- وقال: «إنه يعز عليه وعلى جماعة الإخوان أن يصدر الفريق السيسى بياناً هو أقرب إلى الإنذار ضد رئيس الدولة الشرعى، ويمنحه فيه سبعة أيام لإنهاء الأزمة، مع أن سيادتكم تعلمون من هو السبب وراء الأزمة والتصعيد الحاصل فى البلاد».
- وقال الشاطر: لقد استخدمتم سيادتكم لغة فى مخاطبة رئيس الجمهورية ما كان يجب استخدامها، وساويتم بينه وبين المخربين ودعاة الفوضى من جبهة «الخراب» التى نعرف أهدافها الحقيقية، إنه صراع على الكرسى يا سيادة الفريق بين أناس يريدون القفز دون سند شرعى أو دستورى وبين رئيس منتخب انتخاباً حراً مباشراً.
- وقال: لقد تعرضت البلاد فى الفترة الماضية لأعمال عنف وتخريب، وأصارحك القول إننا تعجبنا لموقف الجيش من هذه الأحداث، والغريب أننا نرى الآن جهاز الشرطة ينضم أيضاً إلى الجيش فى نفس موقفه، حيث أعلن وزير الداخلية أكثر من مرة أنه سيحمى المظاهرات السلمية مع أنه يعلم أنها مظاهرات تخريبية، والأخطر أنه صرح بأنه لن يحمى مقرات جماعة الإخوان وحزب الحرية والعدالة، وكأنه يمنحهم الضوء الأخضر لإحراقها، مع أنه يعرف ويعلم أن هذه المقرات مستهدفة من هؤلاء المخربين.
- وقال خيرت الشاطر: نحن حتى الآن نلتزم الهدوء وطلبنا من عناصرنا التحلى بالصبر حرصاً على أمن البلاد، ولكن الناس لن تسمع كلامى بعد ذلك وهى ترى المؤامرة تنفذ والجيش يحذر والشرطة تشجع.. أنت تعرف يا سيادة الفريق أول أن مصر بها آلاف الآلاف من المسلحين الإسلاميين دخلوا البلاد فى فترة الثورة وما بعدها، وتعرف أن لديهم أسلحة ثقيلة جاءت إليهم من ليبيا وغيرها، ولا أحد يستطيع السيطرة على هؤلاء.
- وقد جاءتنى معلومات موثقة أن هؤلاء لن يقفوا مكتوفى الأيدى وهم يرون المؤامرة تنفذ، ولن يسمحوا أبداً بسقوط الشرعية وسقوط الرئيس، خاصة أنهم يعرفون أن الدولة «العميقة» أفشلت كثيراً من تطلعات وطموحات الرئيس وكأنها أصبحت طرفاً فى المؤامرة ضده.
- وقال الشاطر: «إن هذا التحذير الذى أعلنته يزيد الأوضاع اشتعالاً ويشجع المخربين على الاستمرار فى مخططهم، وأرجوك ألا تنسى أن الرئيس مرسى هو القائد الأعلى للقوات المسلحة وأن بإمكانه اتخاذ أخطر القرارات، وهو رئيس له رصيده الشعبى الكبير، كما أن المجتمع الدولى وأمريكا لن يتركوا الأمور تمضى كما يريد البعض، بل سيدافعون عن الشرعية بكل ما يملكون».
- وقال: «نحن لا نريد أن نفتح الأبواب أمام تدخل دولى فى شئون مصر، ولكن من يظن أن أمريكا والغرب سيظلان صامتين أمام أى محاولة للانقلاب على الشرعية فهو واهم ولذلك أطلب منك يا سيادة الفريق أن تسحب هذا الإنذار، وأن تحمى الشرعية وأن تحافظ على استقرار البلاد».
- ظل السيسى صامتاً، يستمع دون أن يحرك ساكناً، كأنه أراد أن يعرف ويتعرف على آخر ما لديهم.
- وبعد أن انتهى من حديثه، سأله الفريق السيسى بالقول: «أنتم عايزين إيه بالضبط، لقد أضعتم كل شىء وخربتم البلد، وأفشلتم التجربة وأحبطتم الشعب الذى مارستم عليه القهر والإذلال».
- عندما وصلتم إلى السلطة لم نعترض طريقكم وارتضينا بخيار الشعب رغم الإرهاب الذى مارستموه على الجميع، انتظرنا منكم الكثير، لكن للأسف منذ البداية تعمدتم الإساءة للقوات المسلحة وللشعب المصرى.. وإذا كان هناك من هو مسئول عن الأحداث التى تشهدها البلاد فهو أنتم، بعد أن أصدرتم الإعلان الدستورى فى شهر نوفمبر من العام الماضى والذى دفع البلاد إلى مرحلة خطيرة فكان إعلاناً للفتنة».
- قال السيسى: دعونى أقل إن البلاد منذ هذا الوقت وهى تنتقل من مرحلة إلى مرحلة أخطر، وحتى عندما حاولت القوات المسلحة أن تدعو إلى مائدة حوار بين الجميع رفضتم ذلك وعلمت أن د.محمود عزت اتصل بالرئيس وطالبه بإلغاء الحوار وعرفت أيضاً أنك لم تكن مشجعاً لهذا الحوار، بالرغم من أننى تحدثت مع د.أحمد عبدالعاطى وأبلغته بالهدف من وراء الحوار فاتصل بى الرئيس محمد مرسى بنفسه وأيد الفكرة، لقد تعمدتم وضع القوات المسلحة فى موقف صعب، ومع ذلك تحملنا الإهانة وصمتنا، وليتكم صمتم، بل فوجئنا بالمرشد يتقول على القوات المسلحة ويحرض الجنود والضباط على قادتهم، ويا ليت الأمر توقف على ذلك، لقد كنا مستعدين أن نتحمل الإهانة ولكن إهانة الوطن وتهديد أمنه واستقراره أمر لم نكن نستطيع الصمت عليه.
- وتابع السيسى: أنتم تعلمون أننى حذرت الرئيس أكثر من مرة، وقلت له فى شهر نوفمبر إن إعلانه الدستورى سيقود البلاد إلى فرقة وإلى عنف لن يتوقف بسهولة، وقلت له فى فبراير إن مشروعه فشل ولم يحقق أى نتائج ترضى الجماهير بسبب سوء الإدارة وتعمد إقصاء المجتمع كله، وقلت له إن الولاء يجب أن يكون للدولة وليس للجماعة، لكنه لم يستمع إلى النصائح المخلصة.
- أضاف: إن التحذير الأخير كان هدفه حث الجميع، وأولهم الرئيس، على إنقاذ الموقف قبل 30 يونيو وذهبنا إليه يوم 22 يونيو، وقلنا له إن القوات المسلحة لن تسكت وستطالب جميع الأطراف بضرورة حل المشكلة قبل الانفجار المتوقع، لكن أحداً لا يريد أن يسمع، وإذا سمع فهو لا يلتزم ولا ينفذ ولا يستجيب.
- وقال السيسى مخاطباً الشاطر والكتاتنى: لقد أسأتم للدين وكفرتم المصريين جميعاً بالفتاوى التى لا تمت للدين بصلة، وأريد أن أقول لكما نحن لا نتهدد، وأنا أرفض اللغة التى تتحدث بها معى، وأرجو ألا أسمع هذا الكلام منك أو من غيرك مرة أخرى، وأرجو منك ومنكم جميعاً أن «تلموا» عناصركم وتوقفوها عن التطاول على القوات المسلحة، أنا أعلم أن حازم أبوإسماعيل وغيره لا يقول كلاماً إلا بالتشاور معكم، والجيش لم يعد مستعداً للقبول بالإهانة، وأنا أهدئ من مشاعر الضباط والجنود، لكنى لم أعد أستطيع بعد أن وصلت الإهانات حداً لا يمكن السكوت عليه.
- وقال: يؤسفنى أن أقول لك إنكم وضعتمونا أمام خيار من اثنين «يا إما تقتلونا أو تحكمونا» وهذا منطق مرفوض، أين حديثكم عن الديمقراطية وعن احترام إرادة الشعب، الناس لم تعد تثق فى هذه الوعود، وأنا أحذر مجدداً من التعامل بلغة الغرور والتعالى على الناس وعلى القوات المسلحة.
- هنا تدخل د.سعد الكتاتنى وحاول تهدئة الأجواء وقال: «نحن نقدر للقوات المسلحة مواقفها المتعددة وحرصها على الاستقرار والأمن ولكن نحن الآن أمام مؤامرة تحاك ضد الشرعية، فما هو الحل».
- رد الفريق أول السيسى: «المؤامرة هى فى أذهانكم أنتم فقط، هذا شعب مسالم، لكنه ضج من الاستهانة به، انتظر الرخاء على أيديكم فإذا به يواجه القتل والمرض والجوع والخراب، انتظر بناء الدولة فإذا به أمام حكم الجماعة وأمام رئيس لا يخاطب سوى أنصاره من الجماعة والإسلاميين، ونسى أن هناك شعباً قوامه 90 مليوناً، أنا أرفض تهديد الجيش من الميليشيات أو من أمريكا، كما يحاول المهندس خيرت الشاطر أن يوحى فى حديثه، نحن لا نخاف من أحد، ولسنا طامعين فى السلطة ولا نريد العودة للمشهد السياسى مرة أخرى، فكفانا ما لاقيناه من إهانة منذ ثورة 25 يناير، وكنا نعرف من الذى يحرك ومن الذى يحرض، وظننا أنه بوصولكم للسلطة ستتعاملون مع الشعب والجيش بشكل مختلف، ولكن للأسف فإن ذلك لم يحدث، بل العكس هو الصحيح، لقد ازدادت شراستكم وأحدثتم الانقسام فى البلاد وأصبح الأخ يكره أخاه، وبدأ المصريون يشهدون أخطر مرحلة فى تاريخهم، وكان الكل يعى أنكم أنتم وراء ذلك، إن الحل فى تقديرى هو أن يقوم الرئيس والجماعة بالاستماع إلى صوت الشعب وتلبية مطالبه، وأنا لا أعرف عن أى استقرار يتحدث المهندس خيرت الشاطر وأنتم فى مشاكل مع الجميع: القضاء والشعب والشرطة والجيش، ماذا تريدون بالضبط؟! حلوا مشاكلكم مع كل هؤلاء تنتهى الأزمة!!
- قال الكتاتنى: ومن قال إننا ضد الحل، فقط نحن نلوم على صدور بيان من القوات المسلحة يحذر الرئيس فيزيد النار اشتعالاً ويقوى العناصر المناوئة ويجعلها تصر على تهديد أمن البلد فى 30 يونيو.
- وقال السيسى: سواء أصدرت القوات المسلحة تحذيرها أو لم تصدر، فالشعب سيخرج فى 30 يونيو القادم وأنا أحذر من غضبة الشعب، وكان بيان القوات المسلحة هو إبراء للذمة أمام الجميع، ونحن لن نسمح أبداً بسقوط الدولة أو إذلال الشعب، ولن يجرؤ ضابط أو جندى فى أن يوجه الرصاص إلى صدور المصريين، لن يكون هناك حل أمنى ولن نسمح به أبداً، وجيش مصر سيحمى شعب مصر، وأنا أحذر أيضاً من تهديدات الأخ خيرت الشاطر باستخدام الميليشيات ضد الجيش أو الشرطة أو الشعب، أقسم بالله العظيم إن أولادنا حياكلوهم ويقطعوهم لو فكروا يعتدوا على الشعب، حل الأزمة ليس بالتهديد أو الوعيد كما يقول الأخ خيرت، ولكن الحل فى يدكم أنتم، اطلبوا من الرئيس الاستجابة لمطالب الشعب، الناس تريد الاستفتاء على انتخابات رئاسية مبكرة، لماذا تخافون، لو كان الشعب معكم أهلاً وسهلاً، لو كان الشعب يريد انتخابات رئاسية مبكرة فلماذا لا نحترم رغبته، أرجوكم أنقذوا البلد، الحل فى أيديكم ونحن سنكون سنداً وعوناً لكم إذا استجبتم لمطالب المصريين.
- قال الكتاتنى: أعدك بأننا سنفكر فى الأمر جيداً وسنتواصل مع السيد الرئيس، بحيث يتضمن خطابه غداً مفاجآت سارة للشعب تنهى الأزمة وتضع حداً للخلاف.
- قال السيسى: على بركة الله ونحن فى الانتظار، لقد سبق أن قدمنا ثلاثة تقارير للرئيس حذرنا فيها من خطورة الموقف، لكنه لم يستجب لأى من المطالب المرفوعة، وسأعطيها لكما، ولكن المهم فى الأمر هو الاستجابة السريعة لمطالب الشعب.
- قال الكتاتنى: سننظر فى الأمر ونبلغك بالموقف النهائى.