الأقباط متحدون - الالبوم الشعبي لصور المرشح المتعجل سامي عنان
أخر تحديث ١١:٠٠ | الاثنين ١١ نوفمبر ٢٠١٣ | هاتور ١٧٣٠ ش ٢ | العدد ٣٣٠٧ السنة التاسعه
إغلاق تصغير

الالبوم الشعبي لصور المرشح المتعجل سامي عنان


 ​كل ابتسامة رسمتها واحدة من الصور المركبة بـ «الفوتو شوب» للفريق سامي عنان أطلقت سؤالا حقيقيا : لماذا ؟ وكل قهقهة صاحبت متابعة هذا السيل العارم من «السخرية الفوتوغرافية الشعبية»، ضد المرشح المتعجل لانتخابات الرئاسة فجرت علامة استفهام: ما هي الدلالة؟، لماذا قرر الرأي العام أن يدمر الصورة الذهنية لرئيس الأركان السابق بهذه الطريقة والتنافسية وتلك الكثافة؟ وما هي النتائج التي تشير إليها هذه الحملة العفوية؟

 
 في العادة لا بد أن يقدم الكاتب تعريفا بالظاهرة التي يناقشها ، بدلا من الاكتفاء بالإشارة إلى عنوانها، تحسبا لكون قارئ ما قد لا يكون اطلع عليها .. إلا أن الشيوع والانتشار الذي تضافرت من أجله كثير من جهود المتفاعلين المصريين على الشبكات الاجتماعية جعلت الأمر معروفا.. وأصبح الجميع تقريبا ملما بأن المصريين قد أعلنوا رأيهم في المرشح سامي عنان.. وأبلغوه رسالة شديدة الحدة.. استنفدوا فيها كل مهارات من يستخدمون برنامج «الفوتو شوب» ، ومفردات خيال أعتى الساخرين.
 
في تفسير لماذا؟،  يأتي سامي عنان نفسه كسبب أول ، ففي الوقت الذي قرر فيه كل المرشحين المحتملين لانتخابات الرئاسة أن يلتزموا الصمت ويتواروا عن الأنظار.. اعترافا منهم بأن للشعب أولوياته ولخريطة الطريق مراحلها .. وربما في بعض الحالات لمزيد من التفكير ، أو إخفاءً لأوراق لم يحن بعد وقت الكشف عنها، فإن المرشح المتعجل سامي عنان أصر على أن يطرح نفسه.. اعتقادا منه أن هذا التبكير سوف يحتجز له مساحة متقدمة لدى الناخبين بعد أن حسم أمره وقرر أنه لا بُد أن يترشح للانتخابات ، معتبرا منصب الرئيس من حقه .
 
إن عنان، وفقا للمقربين منه، لا يعلن برنامجا ، ولا يطرح فكرا، ولا يقدم رؤية.. لكنه يجد أن منصب الرئيس من حقه.. فهو - وفق هذا الاعتقاد - صاحب الدور .. إذ كان مبارك رئيسا .. ثم أصبح المشير طنطاوي بدوره رئيسا خلال إدارته الفترة الانتقالية بعد ١١ فبراير ..ووفق الترتيب المنطقي الذي يراه عنان فإن الدور قد حل عليه وله الحق في المنصب .
 
 تتسق مقاربات عنان للرأي العام مع هذا المنطق.. فهو اقتحم الساحة غير مبال بمعايير مصرية جديدة تغيرت.. وكان هو أحد المستفيدين من تغييرها.. لم يكن ليكون له دور لولا أن مصر تغيرت. وهكذا فإنه ظهر خلال الفترة الماضية أربع مرات. واحدة في مطروح حيث لم يلتفت أحد إلا لكونه قد قال إنه سيترشح.
 
ومرة حين نشر ما قيل إنه مذكراته ..ولم يخجل من أن يقول إنه دعا المشير إلى انقلاب وصفه بأنه ناعم على مبارك. وثالثة حين وزع على الصحف ما يثبت نسبه إلى الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه. ومرة رابعة حين وضع على الشبكات الاجتماعية ألبوم صور شخصيا.. لكي يقرب للرأي العام صورته كرئيس.. له سمت الرئيس.. وله وضعية الرئيس .. يمكنه أن يقرأ الجريدة في حديقة.. ويمكنه أن ينظر للأفق، كما لو أنه يتأمل.. ويمكنه أن يجلس على مقعد «ستيل» يعطي انطباعا برئاسيته. وكان أن جاء الرد على هذا الألبوم الرسمي بألبوم شعبي متضاعف .. عبث به «الفوتو شوب» الشعبي ..وسخر من عنان كما لم يسخر أحد من قبل من شخصية في مصر.
 
الصور التي اقتحم بها ما يعانيه المصريون، تجاهل من خلالها الأسئلة الأهم التي تتعلق به هو شخصيا.. وعليه أن يجيب عنها قبل غيره . ومنها: أنه أقر بتواصله مع الولايات المتحدة فيما يخص أحداث يناير ٢٠١١ .. ولم يكشف رغم إقراره ماذا دار بينه وبين قائد الأركان الأميركي وقتها جنرال ماتيس قبل أن يسافر عائدا إلى القاهرة ليلة ٢٨ يناير؟ ومنها أن غالبية الشعب ترى أنه سهل الطريق إلى الإخوان لكي يصلوا إلى الحكم ..وأنه كان أكثر القادة اجتماعا معهم، خصوصا رئيس حزب الإخوان محمد مرسي قبل أن يكون رئيسا؟ ومنها أنه لم ينطق حرفا واحدا خلال حكم الإخوان ضدهم .. بل إنه لم يقل حرفا بشأنهم منذ طرح نفسه للترشيح المبكر المتعجل لانتخابات الرئاسة؟
 
وبينما لم يطرح أي إجابة.. ولم يقل كيف أن عليه - بخلاف مبررات الدور الذي يراه - سوف يعالج مشكلات مصر ..وسوف يجد حلولا لتعقيداتها .. وهو الذي أوصل مصر إلى تلك النقطة.. بينما ذلك فإنه أيضا نسي أنه ليس كل عسكري يحظى بتقدير المصريين لمجرد أنه ارتدى البذلة الرسمية.. وأن هذا الرضا الشعبي العام عن الجيش لا يتمتع به إلا من يعتقدون أنه أخلص لقيم هذا الجيش وأخلاقه .. وقبل كل هذا فإنه ليس من الأشخاص الذين يحتفظ المصريون لهم في الذاكرة بصورة البطل صاحب التاريخ والإنجاز.. ليس معروفا ماذا فعل في حرب أكتوبر .. وليس معروفا ماذا أنجز في مهمته أثناء قيادته الأركان.. وليس معروفا كيف قاوم الإخوان.. وليس معروفا لماذا يريد أن يكون رئيسا ؟
 
ولأن كل إجاباته على تلك الأسئلة كانت مجموعة من الصور ، فإن الرد عليها كان بدوره مجموعة من الصور، حولته إلى بطل في مشاهد أفلام كوميدية، وجعلت منه وفقا للسخرية الشعبية واسعة النطاق مجرد صامت يقرأ الجريدة في مواقع مختلفة حسب الخيال الذي وصل إليه كل من أعد صورة ما بـ «الفوتو شوب» لسامي عنان.. ووضعها على شبكة الفيس بوك، تاركا إياها كي تنتشر كالنار في الهشيم.. هكذا بدلا من أن يحتفظ الأرشيف الإلكتروني بصور عنان الرسمية التي اختارها.. فإنه الآن يحتفظ له بعشرات من الصور الساخرة التي قرر المصريون أن عليه أن يكون فيها وأن تكون عليها صورته.
 
في غضون الشهرين الأخيرين اتصل عنان بكل من يعتقد أنه يصلح للانضمام إلى فريق حملته الانتخابية، كل من تتخيل وكل من لا تتخيل، وأغلب هؤلاء رفض التعاون معه.. والقليلون فقط هم الذين وجدوا أن لديه ميزانية يمكن الاستفادة منها في بيزنس الانتخابات، وبعضهم كتب وتكلم دفاعا عنه، محذرا الجيش من أن ما ينسحب على عنان من نقد يمكن أن ينسحب على قيادات آخرين.
 
 لكن المرشح المتعجل الذي لا يجد رسالة حقيقية يمكن أن يواجه بها الناس أو يبرر اقتحامه لساحة ليس من المفترض أن يكون فيها.. كان أن وصلته الإجابة الشعبية.. الحاسمة.
 
بقيت ثلاث نقاط أخيرة حول هذا الألبوم الشعبي لصور سامي عنان التي سخر بها الشعب منه .. والتي يمكن أن تفسر بعضا من أبعاد تلك الظاهرة غير المسبوقة وغير المعروفة من قبل في مصر ؟
 
الأولى: ليس صحيحا أن أي مرشح آخر ، كان يمكن أن يتعرض لما تعرض له سامي عنان لو أنه ظهر الآن، كما يحاول بعض من حوله أن يقنعوه.. في تبرير المشهد الساخر القاسي الذي تعرض له. ذلك أن أيًّا من المرشحين الآخرين بمن في ذلك أعتاهم أو أصحاب الخبرة السابقة لم يلجأوا إلى هذا التوقيت العابث لاقتحام الساحة.. واختيار التوقيت في حد ذاته هو تعبير عن قدرات الشخصية وطريقة تفكيرها. كما أنهم جميعا، من هو معروف ومن لم يُعرف بعد ليست عليه كل ملاحظات وأسئلة الرأي العام الموجهة إلى سامي عنان .. حتى لو كانت لديهم نقاط ضعف مختلفة لكنها ليست بخطورة ما يواجه عنان من أسئلة.
 
الثانية: يقول البعض إن هذا الفيض العارم من الصور الشعبية الساخرة ليست شعبية، وإنما تم تدبيرها بطريقة ما لأصابع خفية.. قد تكون رسمية.. أو في نتاج حملات انتخابية أخرى . وهذا أيضا مردود عليه.. ذلك أنه بافتراض أن تلك الصور الساخرة هي من تدبير خفي فإنها لم تكن تحظى بالانتشار واسع النطاق إلا لأن الشعب قد قرر أن يوسع نطاق انتشارها بالمدى الذي بلغته والكثافة التي اتسمت بها. وفي كثير من الأحيان تنتشر صور ومواد عن أشخاص ، قد تكون من تدبير خفي، ولكنها لا تجد الصدى الذي وجدته صور عنان.. العبرة هنا بأن المصريين على الفيس بوك والموبايلات وتويتر قد عملوا جميعا في حملة السخرية ضد سامي عنان.
 
الثالثة : إن من سوء حظ المرشح المتعجل سامي عنان أنه قد وضع نفسه في طريق سخرية المصريين في توقيت هم يبحثون فيه عن تسلية مضحكة، تغير المزاج العام المتعكر، والذي لا يريدون أن يعلنوا عن غضبهم منه ومعاناتهم فيه .. وقد قدم المرشح المتعجل نفسه وقودا لذلك.


نقلا عن مبتدأ

More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع