الأقباط متحدون - الوحدة القابلة التحقيق
أخر تحديث ٠٠:٥٩ | الاربعاء ١٣ نوفمبر ٢٠١٣ | هاتور ١٧٣٠ ش ٤ | العدد ٣٣٠٩ السنة التاسعه
إغلاق تصغير

الوحدة القابلة التحقيق

صوره تعبيريه
صوره تعبيريه

 بقلم : منير بشاى


كثرت الاصوات التى تنادى بوحدة الصف القبطى.  ومع ذلك لم نرى حتى يومنا هذا بوادر ذلك الحلم يلوح فى الافق ولو من بعيد.  من السهل لوم الآخرين ونعتهم بأنهم اهل الفرقة والانقسام ولكن هذا لن يحل المشكلة  أو يأتى لنا بما نتمناه.  ومن هنا كان لزاما ان ننهج اسلوبا جديدا عمليا يحقق لنا ما نريده من نتائج دون اللجوء للشكوى او توجيه اللوم هنا وهناك بدون فائدة. 

الوحدة ليست هدفا فى ذاته ولكنها أداة لتحقيق غايات. الغاية التقليدية للوحدة القبطية كانت الدفاع عن مصالح الاقباط التى كانت تتركز فى المطالبة بالمساواة وحمايتهم من الاضطهاد.  ومع ان الاقباط ما زالوا يعيشون تحت ظروف صعبة والتى زادت فى هذه الأايام نتيجة صراعات اصبحوا فيها كبش الفدا ولكن استجد على الموقف أن الكثير من المسلمين فى مصر أصابهم أيضا بعض ما أصاب الاقباط،  كما أننا وجدنا الدولة فى مصر تعانى من نفس المشكلة وتحارب المتطرفين ويسقط العديد من رجالها شهداء.  ومن هنا لزم فى الوقت الحاضر تحويل استراتيجيتنا من الاهتمام بمشكلات الاقباط وحدهم إلى الاهتمام بمشكلات مصر كلها،

وعلى الاقباط ان يتحذروا من الوقوع فى مصيدة الارهابيين عندما يوجهون هجماتهم ضدهم كما حدث فى الاعتداء الأخير على كنيسة الوراق.  واضح ان ما يريدونه هو ان يدفعوا الاقباط للشكوى العالمية حتى يكون هذا مبررا للتدخل الاجنبى فى مصر كخطوة نحو اسقاط النظام واستردادهم لحكم مصر. الأقباط أذكى من ان يستخدمهم الاخوان كأداة لتحقيق مخططاتهم.
كما انه قد حان الوقت للنظر فى الآليات.  مشكلتنا مع الآليات ناتجة عن اننا احيانا نطلب المستحيل ونعتقد اننا قادرون على صنع المعجزات.  ولا نحتاج الى عبقرى ليقول لنا ان هذا التفكير يؤدى الى الفشل فى الوصول للغاية.  ولكن الغريب اننا بعد فترة نعاود المحاولات التى فشلت قبلا مستخدمين نفس الآليات لنصل لنفس النتيجة.  وفى هذا يقول عالم الفيزياء الشهير البرت اينشتاين " الجنون هو ان تفعل نفس الشىء بنفس الطريقة مرارا وتكرارا وتتوقع نتائج مختلفة فى كل مرة".

المؤكد ان المناداة بالوحدة بين المنظمات القبطية التى يذوب فيها الجميع فى كيان واحد هو مطلب خيالى لا يمكن تحقيقه.  السبب ان عقولنا تتركب بطرق مختلفة (وكل واحد عاجبه عقله). هذا يشبه وهم الاخوان فى تذويب كل الدول الاسلامية فى كيان واحد يجلس فوقه ديكتاتور هو الخليفة وهو الحاكم الاوحد والآمر والناهى والمستوجب الطاعة. ولعل الرئيس الأسبق جمال عبد الناصر يعطينا من خلاصة خبرته ما يصحح هذا المفهوم. فقد حاول ان يجمع الدول العربية معا تحت شعار القومية العربية واستطاع بعد جهد ان يعمل وحدة مع سوريا ولكنها لم تستمر وباءت مجهوداته بالفشل. وبعد ذلك اتجه نحو قارة افريقيا وحاول ان يوحدها ولكنه فى النهاية لم يستطع حتى الاحتفاظ بالسودان الذى كان دائما جزءا من مصر. واخيرا خلص الى القول أن وحدة الهدف فوق وحدة الصف. ثم رأيناه بعد ذلك يشترك مع نهرو وتيتو فى وحدة تبنى على التعدد لخدمة الغرض الواحد وهو مبدأ عدم الانحياز. 
دعنا من تضييع الوقت والجهد سعيا نحو وحدة وهمية لن تتحقق فالوحدة العملية هى وحدة الهدف المشترك فى.المشروعات ذات الفائدة العامة التى يتبناها الجميع كل بحسب موهبته.  فالمطلوب هو التعدد الذى يحافظ على  شخصية الآخر المتفردة بل يظهرها ويقويها ويكملها.
التعدد مثل الآلات الموسيقية التى تعطى كل منها صوتا مميزا ولكنها معا وبعد وجود انتاج موسيقى متقن وقيادة مايسترو موهوب يمكن ان تتحول تلك الاصوات الى سيمفونية رائعة تطرب الآذان. وهى مثل الزهور التى تحمل كل منها لونا وشكلا خاصا ولكنها معا وفى وجود تصميم فنى جميل تصبح لوحة بديعة تبهر الأنظار. 
فى كلامنا عن الوحدة غالبا ما نقتبس ما قاله السيد المسيح عن الوحدة فى صلاته الشفاعية للآب "لست أسأل من أجل هؤلاء (التلاميذ) فقط بل ايضا من اجل الذين يؤمنون بى بكلامهم (المسيحيين فى كل العصور) ليكون الجميع واحدا كما أنك أنت أيها الآب فى وأنا فيك ليكونوا هم ايضا واحدا فينا " يوحنا 17: 20 و 21. هنا نجد السيد المسيح يطلب عن التلاميذ وعن المؤمنين به من بعدهم أن يتسلحوا بالوحدة.  ولكنه يضع توصيفا لهذه الوحدة العلاقة التى بينه وبين الآب كمثال للوحدة بين الأقانيم.  ونحن نعلم ان علاقة الأقانيم فى الذات الالهية تقوم على الوحدة مع التميّز فى الوظيفة.  فمثلا فى موضوع الخلاص نجد ان الاقانيم تتحد فى تحقيق الخلاص مع وجود دور يختص به كل اقنوم فى عملية الخلاص. ولا أجد مثالا يعبر عن فكر الوحدة مع التعدد أعظم من هذا المثال.
الوحدة مع التعدد هو سر النجاح.  ولكن مع ملاحظة أن هذه الوحدة يجب أن تبنى على التوافق فتجمع من لهم رؤية متجانسة. فاذا كان هناك إختلاف جزري فى الرؤية ستكون النتيجة نزاعات وصراعات ثم الفشل.  ولذلك قبل البدء فى اى محاولة للوحدة يجب صياغة وثيقة يتفق عليها الجميع تتضمن رؤيتهم لكيفية التعامل مع القضايا الحيوية التى سيشتركون معا فى تبنيها.
أمر آخر فى غاية الأهمية هو ضرورة اختيار الاهداف العملية التى تتماشى مع الامكانيات المتوفرة والظروف المتاحة فى هذا الوقت.  يجب  البدء باهداف صغيرة ومحدودة قابلة للتحقيق  ولا مانع من تغيير الاهداف اذا تغيرت الامكانيات والظروف. فمثلا يمكن البدء بانشاء مظلة تتكون من مندوبين للهيئلت والمنظمات المختلفة للتنسيق فيما بينها وياحبذا لو امكن انشاء صندوق خاص للصرف على المشروعات العامة مثل انشاء لوبى قبطى فى واشنطن للتعريف بالقضية القبطية.
باختصار، طريق النجاح هو وجود قلب موحد الهدف، وأيادى متعددة الوظائف، تعمل معا فى توافق وحسن تخطيط  لتحقيق الانجازات الكبيرة
 

More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع