الخميس ١٤ نوفمبر ٢٠١٣ -
٥٩:
٠٧ ص +02:00 EET
القمص أثناسيوس چورچ
جيد أن يكرَم الخادم في حياته ، فيرى محبة الله له من خلال محبيه الذين يحتفظون له بالفضل والوفاء . فالزهرة التي تقدم للإنسان في حياته خير من أكاليل الزهور التي تُرسم على طريقه بعد مماته ، كذلك التكريم في الحياة هو درس في المحبة والوفاء والأمانة المكملة حتى الموت . لكن التكريم لا يُفرض ولا يتحدد ولا يخرج عن سياقه ، وهو كذلك لا يطلب ولا يستجدﻱ حتى لا يستوفي الخادم أجره ، وفي كل الأحوال لا بُد أن يُقترن بالإفراز والحكمة ، لأنه عمومًا لن يفي الانسان حقه ، لو صدقت دعوته ورسالته وسيرته .
إن المفتخر فخرُه بالرب ، فلا يكون افتخاره زهوًا ترابيًا ؛ وكأنه لم يأخذ شيئًا ، وأن ما يقدمه قد صار له بمجهوده ، وفضل القوة أصبح منه لا من الله ، ومِنْ ثَمَّ يفتخر باطلاً على الآخرين ويستجدﻱ مديحًا ، حتى ولو من على جناح الهيكل ، بينما قوتنا وعوننا هي بالله مخلصنا الذﻱ من عنده كل عطية صالحة وتامة ... وهو وحده الذﻱ يكلل مختارية ويكرمهم حسب وعده الإلهي (أكرم الذين يكرمونني والذين يحتقرونني يصغرون) .
جميلة هي حفلات التكريم التي تصير فرصة لنخبر فيها بأعمال الله وعظائم إحساناته ، وكريمة هي وليمة الصلاة والتمجيد لشكر صانع الخيرات الذﻱ يفعل كل شيء في كل أحد ، والذﻱ لا يتخلى عن عمله ، لكنه يحييه في وسط السنين ويسهر على كلمته ليجريها... يرفع البائس بعنايته ويستخدمنا بالقليل والكثير ، وهو الذﻱ قبلنا جميعًا وشرفنا بخدمة مجدة على غير استحقاق ، وهو لازال وسيبقى يحملنا ويحمل معنا أتعابنا ، لأن منه وبه وله كل الأشياء قد خُلقت وهو الذﻱ اقتنى كنيسته بالدم الكريم الذﻱ لمسيحه .
في أحيان كثيرة تتسبب هذة الحفلات في الاسترخاء الروحي بإتجاه التنويم ؛ والبعد عن التقييم السليم والمعقولية ، بل وتنحرف إلى (سرقة مجد الله) حيث يتم الإغراق في المديح والنفاق الكاذب ، بينما عمل الخدمة في كل درجاته يبدأ وينتهي عند فعل المحبة وغسل الأرجل ، لا عن اضطرار بل بإختيار ، ولا بخدمة العين كمن يُرضي الناس بل بمخافة ووعي لا يُغلب ، حتى تمتلئ بساتين الكنيسة جُدُدًا وعتقاء ، وينضم إلى سفر الحياة الأبدية الألوف والربوات .
ومن الظواهر السلبية التي أسفرت عنها مثل هذة الحفلات تشكيل بيئة خصبة للنفاق والهرج والوصولية والإنجرار إلى إهانه السابقين وتقزيم دورهم وعمل مقارنات سطحية تتسبب في الإلهاء والعثرة والسطحية ؛ فيما يتبخر كلام المدّاحين ويذهب إلى الغبار حيث يستحق ..
فإذا كان للمُحتفين أن يحتفوا ؛ فهل يكون احتفاؤهم إهانة المقادس؟! عندما يدخلون الألعاب النارية والأوناش حتى المنابر ؛ ويضعون بلالين الصبية على أبواب الهياكل وصحن الكنيسة؟! ناسين أن الكنيسة أجمل من الشمس والقمر ، وأنها مساكن العلي وزينة العالم كله ، وقد وجدت لتُكَنْسِن العالم لا ليُعَلْمِن العالم الكنيسة .
قصدﻱ هو دعوة لضبط المعايير والأداء ، لأن في أشياء كثيرة نعثر جميعنا ، فالثعالب الصغيرة المفسدة والعثرات تعبث في التفاصيل ، وفي التصرفات الأريحية التي يأتيها البعض ولا تجد من يمنعها بحزم ، فتصبح قاعدة بالتقادم والتواتر ...
أباؤنا الأولون لم ينسوا حفظ السكينه وروح الكنيسة النسكية ؛ فسلموا ذواتهم للمحقرة ؛ وعاشوا طقس التائبين ؛ محولين كل عمل لمجد اسمه ؛ فتبعوه من المذود حتى مغارة القبر ، ملفوفين بخرق الأقمطة والأكفان ؛ لذلك لم يكن العالم مستحقًا لهم .
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع