حنا حنا المحامى
من المكائد التقليدية التي يعانى منها أقباط مصر موضوع الاغلبيه. ومن المعروف أن الاخوه المسلمين يبلغ تعدادهم الصحيح والأمين حوالي 60 مليون, والمسيحيين يبلغ تعدادهم 30 مليون تقريبا. وسواء كان هذا التعداد صحيح أم لا فلنقبله كمعيار للفرض الذي سنتعرض له في الكلمات الآتية في هذا المقال.
فمثلا هناك قوانين تطبق على الكافة أي كافة المصريين سواء كانوا مسلمين أو مسيحيين. وهذه القوانين مثل القانون المدني أو الجنائي ... إلى آخره.
هذه القوانين جميعا تطبق على المواطنين كافه بل تطبق على الأجانب الذين يقيمون على أرض الوطن مثل القانون المدني أو الجنائي أو الادارى أو التجاري ....إلخ.
والقاعدة العامة أن القانون هو قاعدة عامه مجرده تطبق على المخاطبين بأحكامه.
كذلك هناك القانون الدستورى الذى نحن بصدده الآن. ولما كان القانون الدستورى هو "أبو القوانين" كما يقولون فمن ثم يكون النبراس الذى تسن القوانين على هديه. ويسن القانون الدستورى –كما هو الوضع الآن- بواسطة لجان متخصصه فى القانون الدستورى. ويمكننا هنا التجاوز عن هذه القاعده فيما يتعلق بالدستور الذى نحن بصدد سنه فى مصر فى هذه الايام إذ أنه يخلو من أى متخصص. ولكن أيضا يمكننا التجاوز عن هذه القاعده أو هذا المبدأ لقبول الامر الواقع ليس إلا.
ولكن الامر الذى لا يمكن أن نتجاوزه رضينا أم أبينا هو أن يكون الدستور ممثلا لارادة الشعب كل الشعب وطبقا لقواعد القانون الدستورى المتعارف عليها والتى لا يجوز سن أى قانون يتعارض مع القانون الدستورى. ومن هنا تنشأ أهمية هذه المرحله والتى يسن فيها قانون نريد أن يعبر عن إرادة الشعب المصرى ككل, وليس معبرا عن إرادة فئه دون أخرى أو مجموعه دون أخرى.
من هنا يتعين أن تكون نصوص الدستور تعبر عن دوله مدنيه لا شأن لها بالدين. ذلك أن الدين علاقه بين الانسان وخالقه. كما أن الدوله ليس لها دين فهى شخص اعتبارى. وليس هذا فحسب فإذا كان الدستور معبرا عن مجموعه دون أخرى ترتب عليه تضارب فى القوانين وإجحاف بفئه ذون أخرى. ذلك أن القانون كما سبق القول عباره عن قاعده عامه مجرده.
على ذلك يتعين أن يكون الدستور معبرا عن كل أطياف المحتمع حتى يكونوا سواسيه أمام القانون.
فى ظل هذه المقدمه نجد أن بعض أعضاء لجنة الخمسين المنوط بها سن الدستور تريد أو تصر على أقحام قواعد دينيه فى الدستور. وذلك على سبيل المثال لا الحصر مثل الماده الثانيه من الدستور والمقترح والماده الاولى التى تنص على أن الشريعه الاسلاميه هى المصدر الرئيسي للتشريع والماده 219 التى تنص على قواعد التفسير والأصول الفقهية ... إلى آخره.
وطبعا سوف يطرح هذا الستور على الاستفتاء. وطبعا لقبول نتيجة ذلك الاستفتاء يتعين الموافقه بالاغلبيه المطلقه. أى أكثر من نصف الاصوات الصحيحه فى التصويت.
وهذه النتيجه على هذا النحو تعتبر إجحافا بحق الاقليات التى لا تدين بالشريعه الاسلاميه. فتكون أغلبيه الاصوات ليست إلا خدعه يقصد به إضفاء صورة الشرعيه على ما هو باطل. لماذ؟؟؟؟؟
نعود إلى النسبه التى فرضناها فى بداية هذا المقال وهى أن المسلمبن يمثلون حوالى 67% بينما المسيحيون يمثلون 33%. هنا لاشك أن الاغلبيه المطلقه سوف توافق على قانون يطبق على أقليه لا توافق عليه. ولما كان القانون –أى قانون_ يقصد به تطبيق العداله فمن ثم يكون القانون الدستورى الصادر غير متوافق للشروط الموضوعيه المفروضه فى القانون وهى أنه قاعده عامه مجرده تطبق على كافة المخاطبين بأحكامه.
يتبين من هذا أن مثل هذا الدستور دستور قهرى وقسرى أى بالبلدى عباره عن لوى ذراع. والبادى أنه إذا أردنا تطبيق العداله التى يمكن أن نسميها بالعداله الدستوريه رغم وجود النصوص التى تجحف بالاقليه فيتعين العمل على تلك العداله فى الاستفتاء. فلا يكون الاستفتاء بالاغلبيه المطلقه أى خمسين فى المائه استفتاء عادلا لأن النتيجه تكون معروفه مقدما.
فضلا عن ذلك فإن مثل هذا النوع من الاستفتاء يدفع الاغلبيه إلى التجبر على الاقليه بحسبان أن إرادة الاغلبيه فرضت فرضا على الاقليه. وهنا تقوض كل أركان الديمقراطية التي تنادى بالمساواة والعداله.
لذلك إذا أردنا اتطبيق الديمقراطيه فعلا دون خداع أو ضحك على الجماهير يمكن أن نطبق الاتى:
إذا كان القانون المقترح يفيد المسلمين ولا يفيد المسيحيين فيتعين الحصول على أغلبيه تتضمن أغلبيه المسيحيين. فمثلا إذا كان فى الفرض يكون المسلمون 67 فى المائه, والمسيحيون 33 فى المائه والقانون الذى نحن بصدده يفيد المسلمين على حساب المسيحيين. ولذلك حتى نطبق العداله التى نسعى إليها والتى هى قصارى ما يسعى إليه القانون, فإنه فى الفرض السابق يتعين أن تكون الاغلبيه عباره عن أغلبيه المضار فيكون القانون الذى يحابى المسلمين هناك فرض غير جدلى بل واقعى بأن كل المسلمين سيصوتوا لصالح القانون. حتى إذا صوت كل الاقباط ضد القانون فإن القانون سوف يحصل على أغلبية الاصوات وهى أصوات المسلمين فقط. لذلك وحتى نطبق العداله التى هى غاية كل مجتمع وكل حكم, فإننا نفترض أن المسلمين جميعا سوف يصوتوا لصالح القانون, وعليه يتعين أن يصوت لصالح القانون من المسيحيين على الاقل 50% . فتكون النسبه العادله لاصدار هذا القانون عباره عن 67% وهى أصوات المسلمين بالاضافه إلى 50% على الاقل من أصوات المسيحيين فتكون النسبه العادله التى يتعين الحصول عليها لاصدار القانون الذى يحابى المسلمين هى أصوات المسلمين زائد (+) 50% على الاقل من أصوات الاقباط فتكون الاغلبيه المطلوبه للموافقه على مثل هذا القانون هى 67% + 17% من أصوات الاقباط بمجموع 84%.
على ذلك لما كان هناك فى الدستور نصوص دينيه تنسب إلى الدين الاسلامى فلذلك يتعين أن يوافق عليه 84% على الأقل أي أنه يتعين الموافقة عليه من 50% من المسيحيين أيضا. أما استغلال الاغلبيه لصالحها لاصدار ما تشاء من قوانين تضر بالا قليه فهذا يتعارض تعارضا صارخا مع الديمقراطيه المزعومة والعدالة المطحونة.
هذه هى العداله إذا أردنا أن نطبقها طالما أننا ننص على الأديان السمائيه في الدستور الوضعي أي الارضى. ويتعين أن ندرك أن العدالة هي غاية كل الأديان لان العدالة هي غاية الله بل هي الله.
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع