الأقباط متحدون - الشرق الأوسط: عودة الدب الروسي
أخر تحديث ١٩:٤٢ | الجمعة ١٥ نوفمبر ٢٠١٣ | هاتور ١٧٣٠ ش ٦ | العدد ٣٠١١ السنة التاسعه
إغلاق تصغير

الشرق الأوسط: عودة الدب الروسي



كان الروس يوصمون في بعض الدول العربية بأنهم شيوعيون ملاحدة، وكان ترنح اقتصادهم مدعاة للسخرية، وكانت دول الخليج الغنية تأنف من شراء أسلحتهم المتقادمة، لكن ها هي روسيا تستعيد جاذبيتها في الشرق الأوسط، على حساب تراجع النفوذ الأمريكي.

ولعل آخر مؤشر على هذا التوجه، هو زيارة وفد روسي رفيع المستوى إلى مصر، وفي جعبته اتفاق بيع أسلحة بقيمة 2 مليار دولار. وهو توجه بدأ يعتمل منذ اشتعال اضطرابات الربيع العربي في مطلع 2011.
ولا يعبأ أحد بأن موسكو تدعم النظام السوري الذي عزلته جامعة الدول العربية، عندما يطرق الوفد الروسي وصفقات الأسلحة باب الدول العربية.

فقد أصبح نفوذ روسيا في الشرق الأوسط الأقوى من أي وقت مضى، بعد 22 عاما من سقوط الاتحاد السوفييتي.

وتحت سماء زرقاء صافية، حلقت مقاتلة ميغ 29 الروسية في طلعة استعراضية فوق معرض دبي للطيران، حبست بها أنفاس الجمهور على الأرض.
فقد صعد الطيارة الحاذق بالطائرة النفاثة عموديا ثم أوقفها في الجو، واستدار بها افقيا، ثم دفعها إلى الخلف ببطيء.

بدت الطائرة كأنها تتحدى الجاذبية وجميع قوانين الفيزياء. وعلى الرغم من التصفيق، فإن الإماراتيين الذين استضافوا المعرض منحوا صفقة الطائرات المقاتلة وقيمتها 6 مليار دولار ذلك العام، 1999، إلى الأمريكيين، إذ فضلوا شراء طائرة أف 16 بدلا من الطائرة الروسية.

ولكن روسيا، على غرار فرنسا وبريطانيا والصين، لم تتخل عن سوق مربحة مثل الشرق الأوسط. وها هي وفودها اليوم تلقى ترحيبا حارا، في خضم التحولات و الشكوك التي تعصف بالمنطقة.

وحسب تقديرات المعهد الدولي للبحوث في السلم باستوكهولم، فإن 27 في المئة من صادرات الأسلحة إلى الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في الفترة من 2008 و2012، كانت من روسيا.
"انتكاسات"

يبدو أن حظوظ موسكو في المنطقة بدأت تنتعش، بعد سلسلة من الانتكاسات التاريخية.

فجميع الأسلحة التي باعتها للدول العربية قبل حرب 1973 فشلت في دحر إسرائيل، المدججة بترسانة أمريكية.

وعندما اجتاح الاتحاد السوفييتي أفغانستان في 1979، أشعل ذلك 8 أعوام من الجهاد ضد السوفييت، دعمته باكستان، والسي أي إي، والسعودية، ودفع بآلاف المتطوعين من الدول العربية للذهاب إلى المناطق القبلية في أفغانستان وباكستان. وكان الكثيرون في المنطقة يرون موسكو "عدوا" لهم.
وفي عام 1990 اندمج اليمن الجنوبي، الذي كان جمهورية موالية للاتحاد السوفييتي، مع الشمال، وخرجت القوات السوفييتية من عدن.

وفي عام 1991، شكلت حملة عاصفة الصحراء العسكرية القصيرة انتصارا للتكنولوجيا العسكرية الأمريكية على جيش صدام حسين، وأسلحته السوفييتية المتقادمة، وهو ما أعطى دفعا لمبيعات الأسلحة الأمريكية في المنطقة، وفي العام نفسه تفكك الاتحاد السوفييتي.

وفي عام 2003، فقدت موسكو زبونا عربيا كبيرا وديونا بالمليارات، عندما غزت قوات تقودها أمريكا العراق واسقطت نظام صدام حسين. وبقيت سوريا والجزائر أكبر زبونين عربيين لروسيا في مجال الدفاع، والنظام السوري في عزلة عن أغلب الدول العربية.
انتعاش

ولكن انتفاضات الربيع العربي أعادت لروسيا بريقها. فبعد أعوام من صفقات التسليح مع الغرب، تعتزم الدول العربية الثرية، على غرار السعودية ودول الخليج الأخرى، تنويع مصادر تسليحها.

ويعزا هذا التوجه إلى اعتبارات سياسية وفنية على السواء.

ولم تسقط انتفاضات الربيع العربي حكام دول الخليج، لكنها هزت عروشهم، وقد أغضبتهم السرعة، التي تخلى بها الغرب عن حليفهم الرئيس المصري السابق، حسني مبارك.
كما أنهم يغتاظون من "دروس" الديمقراطية التي توجه لهم من الدول الغربية ووسائل الإعلام، ويلمحون إلى أن البديل لحكمهم المستبد هو الفوضى وصعود التيار الإسلامي المتشدد.

وبقدر اعتراضهم على دعم روسيا لنظام الرئيس بشار الأسد، فإن الحكام العرب يرون سياسة روسيا ثابتة منذ البداية، عكس مواقف الدول الغربية المترددة. وقد أعجبهم الموقف الروسي.

وهذه باختصار المصالح العسكرية الروسية في المنطقة.
سوريا

لم يكن النظام السوري ليصمد أمام هجمات مختلف الجماعات المسلحة المعارضة دون دعم روسي.

أغلب الترسانة السورية تأتي من روسيا، وبمساعدة من إيران.

13 في المئة من مبيعات الأسلحة الروسية في المنطقة في الفترة من 2008 إلى 2012 ذهبت إلى سوريا، وتحتفظ روسيا بقاعدة إمداد بحري في ميناء طرطوس السوري على البحر الأبيض المتوسط.

في شهر أغسطس/آب سافر الأمير بندر، مدير المخابرات السعودي، إلى موسكو ويعتقد أنه عرض على روسيا صفقات اسلحة بقيمة 15 مليار دولار مقابل أن تتخلى عن حليفتها سوريا، ولكن الروس لم يتخلوا عن النظام السوري.
إيران

كانت إيران في زمن الشاه من أكبر زبائن الولايات المتحدة في المجال العسكري، لكنها تحولت بعد 1979 إلى وجهات أخرى منها كوريا الشمالية.

ولم تتمكن إيران، الواقعة تحت حظر أسلحة دولي، من إقناع روسيا ببيعها نظام الدفاع الصاروخي المتطور أس 300، الذي تريده.

وطورت إيران في الأعوام الأخيرة صناعة عسكرية محلية اعتمادا على تصاميم مستوردة.
مصر
كانت القاهرة في عهد الرئيس عبد الناصر أهم حليف عسكري لموسكو، ولكن ذلك انتهى في عام 1971، ومالت مصر إلى الولايات المتحدة.

وفي عهد الرئيس مبارك، الذي حكم مصر من 1981 إلى 2011، تعززت العلاقات مع الولايات المتحدة أكثر، إذ أصبحت مدرعات أبرامز الأمريكية تصنع في مصر بترخيص من واشنطن.

ولكن الولايات المتحدة جمدت بعض المساعدات العسكرية لمصر، عقب عزل الجيش الرئيس محمد مرسي في يوليو/تموز، وهو ما دفع بالقاهرة إلى الترحيب بوفد روسي رفيع المستوى هذا الأسبوع.
 


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter