الأقباط متحدون - عن حرية الاعتقاد المزعومة فى مصر
أخر تحديث ١٧:١٥ | الثلاثاء ١٩ نوفمبر ٢٠١٣ | هاتور ١٧٣٠ ش ١٠ | العدد ٣٠١٥ السنة التاسعه
إغلاق تصغير

عن حرية الاعتقاد المزعومة فى مصر

1723/47_20131119074341.jpg
1723/47_20131119074341.jpg

 الحرية الدينية أو حرية المعتقد أحد أهم حقوق الإنسان الأساسية التى أقرها الإعلان العالمى لحقوق الإنسان فى المادة ١٨ (كل شخص له الحق فى حرية التفكير والضمير والدين ويشمل هذا الحق حرية تغيير ديانته أو عقيدته وحرية الإعراب عنهما بالتعليم والممارسة وإقامة الشعائر ومراعاتها سواء أكان ذلك سرا أم مع الجماعة)

 
حرية الاعتقاد لها وجوه خمسة لا تكتمل إلا بها مجتمعة، الأول هو حق اعتناق أى دين أو مذهب سماوى أو أرضى أو عدم الاعتقاد أساسا بأى عقائد والثانى حق إقامة شعائر هذا الاعتقاد بما قد يلزمه من بناء دور عبادة والثالث حق الدعوة إلى هذا الاعتقاد والتبشير به والرابع حق الترك والتغيير لهذا الاعتقاد والخامس كفالة الدولة لأى مواطن أيا كان اعتقاده الدينى وعدم انتقاص أى من حقوقه بسبب اعتقاده الدينى.
 
ليس من حق أى دولة أن تمنح تصاريح الممارسات الدينية لطوائف دينية دون أخرى مهما كان الدين الرسمى للدولة لأن فى هذا انتقاصا لحقوق المواطنة وتمييزا على أساس الدين، أما قصر حقوق الاعتقاد وتوابعها على الأديان السماوية فقط فلا أصل له فى مواثيق حقوق الإنسان ولا حتى فى الدين الذى قرر قاعدة «لا إكراه فى الدين» كقاعدة شرعية وعقلية كلية لا يجوز القول بما يضادها أو يصادمها كلياً أو جزئياً، ابتداءً أو إبقاءً، أى لدخول الدين أو البقاء عليه.
 
من يرفعون خرافات باسم الدين ويقولون إن الإسلام يقيد الحرية الدينية يجهلون حقائق التاريخ التى رأينا فيها عباد النار وعباد الشمس وغيرهم من معتنقى عقائد مختلفة يعيشون فى كنف الدولة ويمارسون شعائرهم بحرية إلا فى لحظات الانحطاط الحضارى التى كانت تضيق فيها حرية الاعتقاد وحرية الرأى والتعبير بالإضافة إلى عدم وجود أى سند شرعى أصولى يدعم هذا الاتجاه.
 
حين تقوم لجنة الخمسين لوضع الدستور التى من المفترض أنها ذات أغلبية مدنية بتقييد حرية الاعتقاد والانتقاص منها وقصرها على الأديان السماوية وعدم وضع نصوص صارمة لحماية الوجوه الخمسة للحرية الدينية فى مصر فإننا أمام عبث ورجعية بثوب مدنى يزعم الليبرالية ثم يخضع للابتزاز وينتهك الحريات الأساسية للمجتمع تحت تفسيرات دينية متشددة لا تتلاءم مع روح الدين وتتصادم مع مبادئ حقوق الإنسان.
 
نحن الآن نختار هل سننطلق للأمام نحو دولة مدنية حقيقية أم سنظل نعبث ونتأخر فى دوامات الابتزاز والعقول المرتعشة لنظل نقرأ أخبارا عبثية من نوعية حبس طالب ١٥ يوما بتهمة نشر الإلحاد على الفيس بوك واعتقال بعض الشيعة لإقامتهم طقوسا شيعية فى أحد المنازل واحتفاء وإشادة القساوسة بالموافقة على بناء كنيسة جديدة!
 
إن الإكراه لا ينصر ديناً وإنما يخرج نفاقاً وكذباً وخداعاً يضطر الناس إليه لحماية أنفسهم من مجتمعات تحارب حرية الاعتقاد التى هى حق إنسانى أصيل.
 
عقب الثورات تكون الشعوب مستعدة لتغييرات جذرية تعالج تشوهها الدستورى والقانونى والإنسانى وإذا تم إهدار هذه اللحظات تبقى هذه الشعوب ترتع فى غياهب الجهل والرجعية، فماذا سيفعل بنا دعاة المدنية والليبرالية؟

نقلا عن المصري اليوم

More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع