الأقباط متحدون - الأقباط ولعبة السياسة
أخر تحديث ٠١:٠٠ | الثلاثاء ١٩ نوفمبر ٢٠١٣ | هاتور ١٧٣٠ ش ١٠ | العدد ٣٠١٥ السنة التاسعه
إغلاق تصغير

الأقباط ولعبة السياسة

الأقباط ولعبة السياسة
الأقباط ولعبة السياسة
بقلم/ عزت بولس
 
حققت ثورة 30 يونيو آمل الأقباط تحديدًا  والمصريين عامة،  بالتخلص بشكل شبة اعجازى  من تسلط الإخوان على مصير مصر – بعد عام أسود ظلامي في تاريخ مصر الحديث حكمت فيه الجماعة عبر محمد مرسي- لينتهي ذلك التسلط بتكاتف رائع بين الجيش والشرطة وبتكليف شعبي حقيقي ، للتخلص من السرطان الإخواني الذي امتدت يده الأثمه لمحو تاريخ مصر وبيع أراضيها . 
 
وبعد شهور من الثورة  الحقيقية العظيمة الفريدة للشعب المصري في 30 يونيو 2013 -  الأقباط سددوا الفاتورة الكبيرة لتلك الثورة ومازال الدفع للثمن ساري عليهم ،في هجوم وحشي وخسيس لكسر أفراحهم البسيطة – ظهرت أصوات قبطية تُطالب بأن يكون للأقباط دور واضح وحقيقي في الحياة السياسية ،يليق بقدر وطنيتهم المهدرة بالتطرف الديني،الذي ساهم بشكل أو بأخر بالإساءة لحضارة مصر . 
 
خارطة الطريق من المفترض بها أن تعبر بمصر، كما يعبر الكيماوي بيد مريض السرطان للحياة ،ولكن هناك بند شديد الخطورة بتلك الخارطة، ألا هو الإصرار على إعادة صياغة دستور الإخوان ب 2012 في وقت شديد الحساسية يلعب فيه السلفيين دور الإخوان السابق في خراب مصر بشكل فج ،ولكن لا عجب في طبيعة دورهم فهم كشركائهم من الإخوان ليسوا إلا أدوات للسيد الأمريكي. 
 
في ظل الاستغلال السلفي للدستور عبر حزب " النور" جاءت انتفاضة الأقباط ،ليكون لهم حق بدستور مصر القادم – خاصة إنهم دفعوا ثمن الحرية من الإخوان- عبر كوتة تدفع بوجودهم السياسي لأرض الواقع الحقيقي ،بعيدًا عن التعيينات القبطية من قبل الدولة ،والتي تفشل في كثير من الأحيان في تحقيق تقدم حقيقي للمواطنة كفكرة أو حتي دعم التواجد القبطي داخل الحياة السياسية،وللأسف كعادة الجمع القبطي بدأ من يؤيد الكوتة القبطية ومن يرفضها في التراشق اللفظي المتدني فيما بينهم ،وسط موجات من الاتهامات الكارثية بالعمالة والخيانة لجهات أمنية أو هلامية في عقل مروج الاتهام،فعادت ريمة كما يقولون لعادتها القديمة وضاعت وسط الخلافات والاتهامات القضية الرئيسية" دعم الأقباط بالمشاركة السياسية" وهنا تدخلت الكنيسة بشكل غير مباشر لدعم فكرة بعينها تجاه الكوتة القبطية ،وقد كان تدخلها الخفي هذا لحسم صراع أخذ منحي كارثي بعد أن تصور كل طرف أنه يمتلك الحقيقة المطلقة. 
 
حقيقة الأمر أن  أقباط مصر في وضع حرج للغاية الآن، فإذا اتفقوا على التصويت ب "لا" للدستور معناه أنهم دعموا دون أن يعوا موقف الإخوان الرافض للدستور المعدل، وبالتبعية اخذوا موقف معاد للجيش، فيهم الأمريكان مع القوى المتربصة الغربية مرة اخرى لدعم الموقف المعادى لما أطلقوا عليه "الانقلاب العسكري على الشرعية" ، وإذا جاءت نسبة التصويت ب "نعم" للدستور المعدل: فمعناه دولة بعيدة عن طموحاتهم فى ان يكون دستور مصر دستور دولة مدينة، فيصبغ الديني ب المدني، وتضيع حقوقهم القانونية ويعاملون كمواطنين درجة اقل من إخوانهم في الوطن، وإذا جاءت نتيجة الدستور بنعم بنسبة اقل من 67% فهذا معناه العودة لدستور 2012 القديم.
 
موقف معقد وُضعنا فيه، أي من القرارات التي ستتخذ سوف تؤدى إلى ما لا يسر ولا يبشر بالخير لوضع الأقباط في الوطن.
 
إذن ماذا نحن بفاعلون؟ بنظرة واقعية إلى وضع مصر الحالي نجد أن المؤسسة الوحيدة القوية التي تستطيع بعبور مصر إلى بر الأمان هي مؤسسة الجيش، وإذا دعم الأقباط الأمريكان بوقوفهم في جانب الإخوان في إسقاط الدستور المعدل، فهذا معناه عودة مرة ثانية  الجماعة التي يعتقد الغرب إنها القادرة على التحكم في أمور مصر، وهذا ما لا يرضاه الأقباط لهم أو لوطنهم الذين يعشقونه مصر.
 
يجب أن يحاول الأقباط البحث عن صياغة تفاهمية بين أرائهم المختلفة ،للخروج بمقترحاتهم  لدعم المشاركة السياسية للدولة بشكل زكي يدل على وحدة من أجل دعم حقيقي للمواطنة ، وإذا كانت عبارة "الكوتة" قد تم إساءة استخدمها وفهمها ،لنبحث عن صياغات أخري تدعم المشاركة السياسية. 
 
نحن نعيش لحظة حاسمة وهامة في تاريخ بلدنا ومستقبلها – الذي هو مستقبل أبنائنا بها – لهذا كله وهو يستحق علينا أن ننحي المطامع الشخصية ،ونبحث عن خطوة واقعية لدعم مسار مصر نحو المواطنة عبر خارطة الطريق ،التي ستحمي مصر من الانزلاق لحافة الهاوية التي عشناها لعام كامل . 

More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter